ينتظر أن يلتقي الرئيس الأمريكي جورج بوش الخميس القادم بالرئيس الفلسطيني محمود عباس والوزير الأول الإسرائيلي إيهود أولمرت بمدينة القدسالمحتلة في قمة ثلاثية لبحث آخر مستجدات المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي· ويشرع الرئيس جورج بوش الثلاثاء القادم في جولة هي الأولى من نوعها إلى المنطقة العربية في "مهمة مستحيلة" لإعادة تفعيل مفاوضات السلام المعطلة بين الجانبين منذ سنة 2000 وفشل مؤتمر السلام بأنابوليس نهاية نوفمبر الماضي في تحريك هذه العملية· ويحاول الرئيس الأمريكي من خلال هذه الزيارة تأكيد عزمه على تفعيل هذه العملية والإيفاء بتعهداته التي إلتزم بها من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة قبل انتهاء عهدته في جانفي من العام القادم· ولكن الكثير من المتتبعين لتطورات الشأن الفلسطيني أكدوا أن المهمة سوف لن تكون سهلة بل مستحيلة في ظل المعطيات الميدانية وأيضا بالنظر إلى المواقف الإسرائيلية الرافضة لأي تراجع عن مواقفها المتصلبة والرافضة لأي تنازل بمقتضى ما تضمنته خطة خارطة الطريق وتوصيات اللجنة الرباعية ونتائج مؤتمر أنابوليس· ولا يجب التفكير كثيرا للقول أن مواقف الحكومة الإسرائيلية الأخيرة من قضايا المستوطنات وإقدامها على توسيع مستوطنتي معاليا أدوميم وجبل أبو غنيم في قلب مدينة القدسالمحتلة ومسألة عودة اللاجئين والحدود، صبت جمعيها في خانة العقبات المتلاحقة التي ما انفكت الحكومة الإسرائيلية المتعاقبة تضعها في طريق عملية السلام· وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت هذه القناعة عندما تعمد إفشال قمة ثنائية الأسبوع الماضي مع الرئيس محمود عباس بعد أن سبق موعدها في قلب المدينة المقدسة وكان ذلك كافيا لخروج هذا اللقاء بنتيجة صفرية·ولم تكتف إدارة الاحتلال بذلك فقط بل تعمدت القيام بعمليات اجتياح واغتيالات ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية ضمن خطة عسكرية مقصودة لإفشال كل مسعى لتحقيق أي تقدم في مفاوضات السلام· ولم يخف الرئيس الفلسطيني إمتعاضه من سياسة الأمر الواقع التي فرضتها إدارة الاحتلال وخيّر بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لإعلان الثورة الفلسطينية وميلاد حركة "فتح"، إسرائيل بين الاستيطان وعملية السلام وقال أنهما نقيضين لا يلتقيان أبدا في إشارة صريحة إلى رفض عمليات التوسيع الأخيرة لعدة مستوطنات في الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة· ولكن جلوس الرئيس الفلسطيني إلى قمة مدينة القدسالمحتلة نهاية الأسبوع القادم سيكون من موقع ضعف ليس بسبب المواقف الإسرائيلية والانحياز المعلن للإدارة الأمريكية إلى جانب الطروحات الإسرائيلية ولكن بعد أن رفضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عرضا لإصلاح ذات البين بعد ما أسماه "بانقلاب" هذه الأخيرة في قطاع غزة واستيلائها على الهيئات الرسمية والأمنية فيه·ولكن الرئيس محمود عباس لم يفقد الأمل في تحقيق هذا التقارب وجدد دعوته أمس باتجاه قيادات حركة حماس بضرورة التعقل والشروع في مفاوضات جدية لإنهاء الخلاف المحتدم بين حركتي فتح وحماس منذ الأحداث الدامية في 25 جوان الماضي· واعترف الرئيس محمود عباس بعد لقاء له بالعاصمة المصرية بنظيره المصري حسني مبارك أن رد الفعل الأولي لحركة "حماس" لم يكن مشجعا على عرض المفاوضات·ولكن قياديين في حركة المقاومة أكدوا مباشرة بعد خطاب الرئيس محمود عباس أنهم يرفضون الشروط المسبقة التي طرحها·