وصل الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس إلى إسرائيل لمشاركتها احتفالاتها بالذكرى الستين لزرعها في قلب الوطن العربي وبحضور العديد من رؤساء الدول الغربية الذين "حجوا" إلى القدسالمحتلة لإعلان الدعم للكيان الإسرائيلي وطمأنته من أي تهديد عربي. وتجلى الانحياز الأمريكي إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي بعد أن سارع إلى التأكيد وهو يطأ أرض مطار بن غريون على قوة الحلف الأمريكي الإسرائيلي ضد ما أسماه ب "الإرهابيين والمستبدين " في إشارة واضحة إلى تنظيمات المقاومة وسوريا وإيران. يذكر أن الإدارة الأمريكية سبق أن كشفت عن زيارة الرئيس بوش إلى المنطقة العربية وتحديدا إلى فلسطينالمحتلة ولكنها لم تشر أنه سيخصصها لمشاركة الكيان الإسرائيلي احتفالاته بذكرى اغتصاب فلسطين ولكن من أجل وضع آخر اللمسات قبل الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية التي وعد بها بمناسبة إشرافه على مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط. ويكون الرئيس الأمريكي بذلك قد أفقد مساعيه كل مصداقية بعد أن أكد انحيازه المفضوح إلى جانب الإحتلال الإسرائيلي. ولم يكن حضوره لاحتفالات إقامة الكيان الصهيوني على الأرض المقدسة إلا صفعة لكل الذين مازالوا يأملون في تحقيق الحلم الفلسطيني قبل أقل من ثمانية أشهر قبل رحيله عن البيت الأبيض. بل إن اختيار التوقيت الزمني لهذه الجولة يعد إهانة للفلسطينيين الذين يحيون من جهتهم اليوم، ذكرى النكبة التي أعادوا من خلالها مأساة شعب جردته عصابات إرهابية صهيونية مدعومة من طرف الدول الغربية من أرضه وأرغمت قرابة أربعة ملايين من سكان فلسطين التاريخية على سلك طريق الشتات والعيش في ظروف أكثر مأساوية. ولم تكن تصريحات الوزير الأول إيهود أولمرت لدى استقباله "صديقه" بوش إلا تأكيدا لهذا التحالف وقال "إن التحالف الإستراتيجي مع واشنطن يعد أهم دعامة لأمننا القومي". وحتى وإن سلمنا بإرادة سياسية أمريكية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن تلك الإرادة سوف لن تهدد هذا التحالف الإستراتيجي ولن تعمل واشنطن بمقتضاه على زعزعته من خلال حتى الضغط على إدارة الاحتلال لدفعها على الإمتثال للشرعية الدولية التي مازال العرب يتمسكون بها رغم زيف الوعود المقطوعة لهم. ولم يخرج الرئيس الأمريكي عن هذا المنطق المتنكر للحق الفلسطيني بعد أن طالبت إدارته الفلسطينيين بعدم انتظار تحقيق أي تقدم في عملية السلام بعد أن رفض عقد قمة مع أولمرت وعباس كما فعل خلال زيارته إلى فلسطينالمحتلة شهر جانفي الماضي. وقال بوش انه لن يتوجه إلى الضفة الغربية للقاء الرئيس محمود عباس وأنه سيلتقي معه بمنتجع شرم الشيخ بمصر حيث سيشارك في منتدى اقتصادي. وتجاهل بوش الرئيس عباس في نفس الوقت الذي التقى فيه بمجرد وصوله إلى القدسالمحتلة مع الوزير الأول الإسرائيلي وإيهود أولمرت ووزيرته للخارجية تيسبي ليفني ووزير الدفاع إيهود باراك ورئيس هيئة أركان جيش الإحتلال الجنرال غابي أشكيتازي وبحضور كوندوليزا رايس عرابة السياسة الأمريكيةالجديدة في كل منطقة الشرق الأوسط. ويؤكد هذا الموقف التمييزي أن الرئيس جورج بوش لم يعد يؤمن في التعهد الذي قطعه على نفسه بإقامة الدولة الفلسطينية من أقل من عام،، واتضح ذلك بشكل جلي من خلال تصريحاته التي غابت عنها لغة التأكيد والإصرار التي ميزتها مباشرة بعد مؤتمر أنابوليس نهاية شهر نوفمبر الماضي. وإذا استمرت إدارة الرئيس الأمريكي في سياسة التسويف فإنه لم يبق أمام الفلسطينيين سوى الانتظار لرؤية حلمهم في اقامة دولتهم يتحقق على أرض الواقع.