تعدّدت أشكال وصور النضال التي لجأ إليها أبناء الشعب المغربي لإسقاط اتفاق التطبيع من هاشتاغ تصدر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "فليسقط التطبيع" ومحاكمة رمزية، تقضي بإلغاء كل اتفاقياته وتقديم اعتذار علني للشعب مع رفع مطلب ضرورة إطلاق مشروع قانون تجريم التطبيع. وتاتي هذه المبادرات لتضاف إلى المظاهرات الحاشدة التي تحدت آلة القمع الأمني في الذكرى الأولى لهذا الاتفاق المخزي وما صاحبها من تحذيرات ونداءات وتصريحات لنخبة المجتمع المتمسكة بموقفها الرافضة للتطبيع والساعية لإسقاطه. وتصدر هاشتاغ "فليسقط التطبيع" المرتبة الأولى للترند في مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" و"تويتر" طيلة الاربعاء الماضي وذلك في إطار الحملة الشعبية التي أطلقها حقوقيون مغاربة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاقية التطبيع المشؤوم بين نظام المخزن والكيان الصهيوني. ودعت جماعة العدل والإحسان بالمغرب في منشور على "فايسبوك"، إلى الاستمرار في التغريد ليعرف كل العالم أن الشعب المغربي الحر ضد التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الحملة "ميثاق تجريم التطبيع وإسقاطه" تحت عنوان "من أجل المغرب.. من أجل فلسطين" جاء فيه أنه "إيمانا بخطر التطبيع على وطني الحبيب لأن الصهيونية وباء حيثما حلّ فتك.. ويقينا مني بعدالة القضية الفلسطينية ومركزيتها، فإني أتشرف بالتوقيع على ميثاق إسقاط التطبيع والذي من خلاله أؤكد على أن وطننا في خطر داهم نتيجة التطبيع الرسمي المتصاعد". كما تضمن "ميثاق تجريم التطبيع وإسقاطه" بأن "فلسطين أرض محتلة وتحريرها واجب على كل الشرفاء وأن الكيان الصهيوني المحتل مجرم وعنصري وغاصب والتطبيع معه جريمة إنسانية وخيانة عظمى وخراب على وطننا وأمتنا وجب إسقاطه بمعية كل أحرار الوطن". وبالتزامن مع هذا "هاشتاغ"، قضت المحاكمة الرمزية التي جرت، أول أمس السبت، بالرباط ضد التطبيع والمطبعين، بإدانة الحكومة المغربية على اتفاقها مع مجرمي حرب والتطبيع مع عصابة إجرامية ومطالبتها بإلغاء القرار وكل ما ترتب عنه من اتفاقيات وتقديم اعتذار علني أمام البرلمان وتبليغ تراجعها عن القرار لجامعة الدول العربية وللأمين العام للأمم المتحدة. وأجرت المحاكمة الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع بمقر نادي هيئة المحامين بالرباط والتي توزع خلالها المشاركون إلى مترافعين يقدمون دفوعاتهم ومرافعاتهم إلى رئيس المحكمة وهيئة حكم تشكلت من النقيب عبد الرحيم بن بركة رئيسا والأستاذتين لطيفة البوحسيني والسعدية الضريس للمداولة وتكفلت بتلقي الطلبات والاستماع إلى المرافعات وإصدار الحكم. وجرت أطوار المحاكمة بحضور وجوه وشخصيات بارزة ومعروفة بدفاعها المستميت عن القضية الفلسطينية ورفضها الصارم لاتفاقية التطبيع بين المغرب وكيان الاحتلال الصهيوني، وكذا بمشاركة فاعلين من فلسطين. وطالبت هيئة الحكم، بطرد ممثلية الكيان المحتل من التراب المغربي وإغلاق الحدود الجوية والبحرية والبرية مع الكيان الصهيوني وإسراع الحكومة بعرض مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني ومبادرتها إلى اتخاذ خطوات اعتقال مجرمي حرب الكيان. كما قضت على الأشخاص والمؤسسات التي تورطت في التطبيع سواء كان اقتصاديا أو ثقافيا أو سياحيا بفسخ كل تلك العقود التي حررت ووقع الاتفاق عليها. نظام المخزن لم يجن سوى بيع الوطن دون ثمن أكدت عضو المجلس الوطني ل«الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة"، رجاء الرحيوي، أن نظام المخزن "لم يجن من التطبيع مع الكيان الصهيوني المتغطرس سوى بيع الوطن والأرض الثمينة بلا ثمن"، و«وضعت رقاب المغاربة تحت مقصلة الاحتلال الإسرائيلي". وقالت الرحيوي بمناسبة مرور سنة على اتفاقية التطبيع أنه "أمام هذه الغطرسة جاءت حملة فليسقط التطبيع وسبقتها وقفات تنديدية بهذا القرار الفردي الجائر المتجاوز لإرادة الشعب الرافض لتدنيس أرضه من قبل الصهاينة الأنجاس". وحذرت من تداعيات التطبيع "من بيع الوطن وتشريد المواطن بعد تمكين المحتل الغاصب من الحدود والنفوذ، حيث يتم العمل على سلب هوية الشعب المغربي عن طريق التطبيع في مجال التعليم والسطو على رزقه عن طريق التطبيع الاقتصادي وسحب سيادته بعد التطبيع العسكري". واستدركت القول إنه "بين هذه الأجيال من يأبى الرضوخ ويستعصي على التطويع والتهجين والانقياد، جيل ما زال يحمل مشعل الكرامة والحرية ويؤمن أنه ما ضاع حق وراءه طالب وأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى وأن الشعوب لاشك تشب عن الطوق والاحتلال مع زبانيته إلى أفول وإن غدا لناظره قريب". اتفاق التطبيع نتائجه كانت كارثية وأكد الكاتب المغربي، أنس السبطي، من جهته أنه رغم الدعاية المخزنية المكثفة التي رافقت التطبيع والذي صورته كفتح مبين على الدبلوماسية المغربية، فالحقيقة أن مآلاته على الوضع الدبلوماسي وعلى صورة المغرب الخارجية كانت كارثية ومذلة. وقال السبطي، في مقال " تحت عنوان "ماذا خسر المغرب الرسمي من اتفاقه المذل مع الجانب الصهيوني"، أنه بعد مرور عام من الاتفاق أن "الدبلوماسية المخزنية تورطت في سلسلة من الإخفاقات والصفعات حين توهمت أن الاتفاق سيشكل حصانة لها"، حيث سجلت في ظرف قياسي "عدة أزمات مع دول مختلفة عادت بعدها تبحث عن تسوية لتوترات تسبب فيها انتفاخها الأجوف في مرحلة ما بعد صفقة ترامب المشؤومة". وأبرز الكاتب المغربي، أنه لا مبرر معقول لكل الآمال المعلقة على صفقة بائرة تم إبرامها مع شخص منتهي الصلاحية والتي تبخرت منذ الأيام الأولى، حيث لم يقدم الطرف الأمريكي على أي خطوة تقلب مسار قضية الصحراء الغربية لصالح ما كان يأمل الجانب الرسمي المغربي. وأكد الكاتب المغربي المناهض للتطبيع أن خسائر المغرب الرسمي "لم تقتصر على خسارة رهانه المباشر من صفقة ترامب الآثمة، فقد أساءت أعظم إساءة للمغرب"، و«كشفت عن مستوى دبلوماسيته البدائية الفضائحية فيما يصنعه المخزن إن تجاوزنا سقوطه الأخلاقي المريع الذي هوى به إلى مستوى متطرف في التطبيع مع العصابة الصهيونية الإجرامية، فهو يتسم بالبؤس والسذاجة حتى بالمنطق البراغماتي المحض، فالذين يعقدون الصفقات لا يصرحون بها ووحدها الثمار التي يجنون منها هي من تفضحهم". وفي حديثه عن القضية الصحراوية، أكد السبطي، أن المغرب "خسر الشيء الكثير، فلا هو حظي بدعم القوى الدولية الكبرى ولا هو تمكن من كسب معركة الرأي العام العالمي، بل إن ما وقع أن تحالف المخزن مع الاحتلال الصهيوني جعله في نفس الخندق الإجرامي معه".