كشف تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي، عن تفشي ظاهرة الإدمان وتعدد أشكالها في المملكة، بصورة مقلقة، في ظل ضعف السياسات العمومية لمعالجة الآفة. وقدّم تقرير المجلس، حقائق ومعطيات حول السلوكات الإدمانية للمغربيين، خصوصا تلك التي لا يتم الاعتراف بها بعد بالقدر الكافي، ولا يتم التكفل الفعلي بها من طرف هيئات الحماية الاجتماعية ومعالجتها بوصفها أمراض. وقال تقرير المجلس الذي يرأسه أحمد رضا الشامي، إن دراسة مختلف مظاهر الإدمان بالمغرب، تكشف أنها ظاهرة متفشية ومتعددة الأشكال، مشيرا إلى بعض المعطيات الإحصائية، ومنها تلك المتعلقة بعدد المدخنين الذين يبلغون بالمغرب 6 ملايين مدخن، منهم 5.4 ملايين من البالغين ونصف مليون من القاصرين دون سن 18 سنة، مشيرا إلى أنه يتم استهلاك 15 مليارا سيجارة كل سنة. ورغم تصنيف المنظمة العالمية للصحة لحالات الإدمان ضمن الأمراض، ما يتطلب التكفل بها، إلا أن التقرير المغربي، كشف عن ضعف هذا الجانب بالمملكة، حيث أكد أن "هيئات الحماية الاجتماعية لا تتكفل بما يكفي بهذه الحالات"، مشدّدا على أن سلوكات الإدمان "تتطلب علاجا قابلا قانونيا للتكفل به من طرف هيئات الضمان والحماية الاجتماعية". وأفاد التقرير بأن حجم تعاطي المواد ذات التأثير النفسي والعقلي يقدر ب1,4 في المائة، وأن الاستهلاك المفرط للمخدرات والإدمان عليها يقدر ب3 في المائة، وأن الإفراط في استهلاك الكحول يناهز 1,4 في المائة، وفق معطيات ترجع لسنة سنة 2005. وحسب دراسة إقليمية، أنجزت سنة 2016 - يضيف التقرير – فإن عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن يقدر ب18 ألف و500 شخص، مع تسجيل معدل انتشار مرتفع في صفوف الأشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسب ب11,4 في المائة، والالتهاب الكبدي "ج" ب57 في المائة. المؤثرات العقلية في صفوف المراهقين المتمدرسين وبخصوص استهلاك المؤثرات العقلية، أكد التقرير خطورة تعاطيها في صفوف المراهقين المتمدرسين، إذ أعلنت آخر البحوث التي أنجزتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حول هذا الموضوع، أن معدل انتشار تعاطي التبغ يبلغ 9 في المائة، كما أن 7,9 في المائة من التلاميذ المتراوحة أعمارهم بين 13 و17 سنة هم مدخنون، و63,3 في المائة منهم بدأوا التدخين قبل بلوغ سن 14. وبحسب معطيات تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، فقد صرح 9 في المائة من المستجوبين أنهم استهلكوا القنب الهندي مرة واحدة على الأقل في حياتهم، و64 في المائة بدأوا في استهلاكه قبل بلوغ سن 14، كما صرح 13,3 في المائة من المستجوبين بأنه سبق لهم أن جربوا استخدام الكحول، بينما صرح 5 في المائة منهم أنه سبق لهم استهلاك المؤثرات العقلية, كما أن 1,4 في المائة منهم سبق لهم استهلاك الكوكايين. وبخصوص السلوكات الإدمانية، أكد التقرير أن تقديرات الفاعلين في مجال ألعاب الرهان، كشفت أن ما بين 2,8 إلى 3,3 ملايين شخص يمارسون ألعاب الرهان والقمار، علما أن 40 في المائة منهم يعتبرون معرضين لخطر الإفراط في اللعب المضر بمصالحهم. ولمواجهة الآفة المدمرة، طالب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ب"ضرورة الاعتراف بالإدمان بوصفه مرضا يتطلب علاجا قابلا قانونيا للتكفل به من طرف هيئات الضمان والحماية الاجتماعية". ومن ضمن توصيات المجلس أيضا، "وضع مخطط وطني للوقاية من الإدمان ومكافحته في الوسط المهني والتربوي، وفي المجتمع بصفة عامة، وإحداث هيئة وطنية عليا مستقلة للتقنين التقني والأخلاقي ومراقبة أنشطة المؤسسات والشركات العاملة في مجال المراهنات والقمار". ويرى المتتبعون أن ظاهرة الإدمان بالمغرب من بين الآفات المستعصية التي تنهش جسم المجتمع المغربي وما تخلفه من جرائم، إلا أنه لا يبدو سبيلا في الافق لاستئصالها بالنظر الى الانتشار الواسع لزراعة الحشيش بالمملكة واعتماد الكثيرين على بيعها لتحصيل لقمة العيش وسط تغاضي السلطات عن ذلك.