تجاهل كبير سجلته "المساء" عبر شوارع العاصمة من طرف كثير من المواطنين، لإجراءات الوقاية من فيروس كورونا "كوفيد-19" والمتحور "دلتا"، في معظم الأماكن العمومية التي زارتها. وقد تمثل هذا "الاستهتار" في تدابير الوقاية؛ في الخلي عن ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، وهو ما يؤشر إلى ارتفاع عدد الاصابات، وتوقّع دخول الموجة الرابعة، وبالتالي احتمال الانتشار السريع للفيروس المتحور "أوميكرون"، الأمر الذي يتطلب المزيد من الوعي، ورفع درجة الحيطة والحذر، لكسر سلسلة العدوى. ظهر من خلال جولة استطلاعية ل "المساء" ببعض الأحياء الشعبية والفضاءات العمومية وبعض المساحات والأسواق المعروفة في العاصمة، ظهر جليا، مدى التراخي وعدم الالتزام بتدابير الوقاية من فيروس "كوفيد 19"، حيث قلّما يلاحَظ من يرتدي الكمامة، فيما يفضّل الكثيرون وضعها على العنق أو المعصم، غير مبالين بالآثار السلبية المترتبة عن ذلك. وحسب بعض تجار الملابس وحتى المواد الغذائية الذين تحدثت معهم "المساء"، فإن الالتزام بتدابير الوقاية من جائحة كورونا، بدأ يعرف نوعا من التراجع، إذ لم يعد الزبائن يحرصون على مسألة التباعد عند التقرب من المحلات للشراء، فيما تم التخلي شبه الكلي عن الكمامة، خاصة على مستوى محلات الأكل السريع. وما استوقفنا أيضا في الجولة الاستطلاعية، لجوء أصحاب بعض المحلات بالقبة، على سبيل المثال، إلى تعليق لافتات تحث على ضرورة التقيد بتدابير الوقاية، لكن من الناحية الواقعية، ليس هناك من يحرص على وجوب تطبيقها، حيث أصبح الزبائن يترددون على المحلات من دون وضع الكمامة، ولا يحرصون على تدابير التباعد. شبان لا يبالون بالخطر على الرغم من أن حالات الإصابة بوباء كورونا في ارتفاع مستمر، إلا أن هذا لم يمنع الشباب من التجمع للسهر والسمر في الأحياء الشعبية حول طاولة "الدومينو"، أو ألعاب الفيديو بالهواتف "الذكية"، حسبما لاحظت "المساء" بحي ديار جماعة بباش جراح. ويُمضي هؤلاء الوقت في اللعب وتبادل أطراف الحديث لوقت متأخر من الليل بدون الالتزام بتدابير الوقاية، خاصة ما تعلق منها بوضع الكمامة أو التباعد الجسدي، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، لجوء بعض العائلات إلى إقامة الأعراس، ودعوة الجيران والأقارب والأحباب إلى حضورها، ناهيك عن إقامة الحفلات بمناسبة أو بدونها، ضاربين عرض الحائط كل التدابير الاحترازية المعمول بها. الأسواق "حدّث ولا حرج!" زائر سوق باش جراح، مثلا، يقف على مشاهد تعكس مدى نسيان عدوى كورونا تماما من قبل البعض، حيث تبدو الحياة عادية ومختلفة عن الأيام الماضية، فهناك من يعانق الأصدقاء، ويصافح كل من يعرفه، وتنتشر هذه التصرفات خاصة بين الرجال. وفي الأسواق المغطاة للألبسة والأواني أو ما يُعرف ب "لابرادري"، تعلَّق قصاصات بيضاء مكتوب عليها "ممنوع الدخول بدون كمامة"، لكن الممنوع على أرض الواقع غير مطبَّق تماما، ولا يُمنع أحد من الدخول، وحتى الأسواق المغطاة للخضر والفواكه، مثل سوقي حسين داي والحراش، فرغم اكتظاظهما بالزبائن إلا أن ارتداء الكمامة والأقنعة الواقية، والتباعد الاجتماعي، لا يكاد يشاهَد. محطات النقل ومقرات العمل لا تلتزم بالبروتوكول الصحي يتجاهل بعض سائقي سيارات الأجرة والحافلات إجراءات الوقاية من كورونا، حسبما لوحظ، حتى إن البعض تمرد عليها، حيت يسجَّل تراخ في الحفاظ على الالتزام بتدابير السلامة، مما يعرّض حياتهم وحياة الزبائن للخطر المحتوم. وفي مقرات العمل كغيرها من الأماكن الأخرى، يتعامل بعض الموظفين مع بعضهم البعض خارج إجراءات الوقاية. ورغم الفضاء الضيق الذي يتواجدون فيه أحيانا، إلا أن الخوف من العدوى تلاشى تماما، ولم يعد للكمامة وجود بينهم، في وقت تبقى الشوارع والأحياء الشعبية والأماكن العمومية، أكثر الأماكن التي تشهد تجاوزات وتراخيا ولا مبالاة بالتدابير والإجراءات الاحترازية من هذا المتحور القاتل.