تشهد الحرب المستعرة في أوكرانيا مزيدا من التصعيد في ظل عمليات قصف روسي مكثف، على أهم المدن ومواصلة الدول الغربية فرض مزيد من العقوبات القاسية على روسيا وسط مساع دبلوماسية محتشمة لاحتواء وضع متفجر ينذر بحرب مفتوحة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، ضمن مؤشر على انزلاق قادم للوضع، عزمها استخدام أسلحة فائقة الدقة، لاستهداف المنشآت التكنولوجية التابعة للأمن الأوكراني لوقف الحملة الدعائية الأوكرانية ضد روسيا. وحتى تعطي مصداقية لوعيدها فقد طالبت، كل الأوكرانيين العاملين في هذه المنشآت وسكان العاصمة كييف، القاطنين على مقربة من هذه المنشآت على مغادرتها. وواصلت القوات الروسية في اليوم السادس منذ اندلاع الحرب عمليات واسعة النطاق للسيطرة على العاصمة كييف ومدن رئيسية أخرى، على غرار خاركيف ثاني اكبر مدن البلاد وماريوبول وبارديانسك وخرسون، ضمن تقاطع عدة مؤشرات على أن المواجهات مرشحة لتصعيد قادم. وقصف الطيران الحربي الروسي ضمن هذه الخطة مبنى التلفزيون الرسمي الأوكراني بالعاصمة كييف بما تسبب في تعطيل عمل قنوات المختلفة لبعض الوقت. وتعرضت مدينة خاركيف الواقعة على الحدود الروسية لقصف مدفعي وجوي مكثف طيلة نهار أمس، ما تسببت في مقتل 10 أشخاص وعشرات المصابين. كما اندلعت معارك طاحنة بمدينة اوختيركا الواقعة إلى شمال غرب خاركيف خلفت مقتل ما لا يقل عن "70 جنديا أوكرانيا" وعديد الجنود الروس. وبعد مرور ستة أيام من المواجهات جدّدت السلطات الروسية التأكيد أن عمليتها العسكرية لا تهدف إلى احتلال أوكرانيا بقدر ما تهدف إلى تدمير البنى التحتية العسكرية ووضع حد للتهديدات القادمة من هذا البلد مستثنيا في ذلك البنى التحتية المدنية. وقال، سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي، إن "قوات الفدرالية الروسية ستواصل عمليتها العسكرية إلى غاية تحقيق أهدافها بنزع سلاح الجيش الأوكراني واجتثاث النازية وفرض على سلطات هذا البلد التزام الحياد وعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ولا الاتحاد الأوروبي. واتهم شويغو القوات الأوكرانية باستخدام الاوكرانيين دروعا بشرية لحماية نفسها من هجمات الوحدات الروسية. وفي مقابل ذلك قرّر الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي إعفاء "المرتزقة الأجانب" الذين يصلون إلى بلاده تباعا للمشاركة في القتال من تأشيرات الدخول، اعتبارا من يوم أمس وطيلة مدة الحرب. وجاء قرار الرئيس الأوكراني، يوما بعد إعلان وسائل إعلام بريطانية عن إشراك 60 "متطوعا" في المعارك إلى جانب الأوكرانيين في المعارك الدائرة رحاها في أوكرانيا ضمن خطوة حذرت منها جهات غربية رأت فيها عاملا إضافيا لتأجيج حرب مستعر لهيبها يهدّد كل أوروبا. والمفارقة أن قرار زيلينسكي جاء بعد أول محادثات جرت بين الجانبين الروسي والأوكراني على الحدود بين أوكرانياوبيلاروسيا، التي رغم انتهائها دون نتائج تذكر إلا أبقت باب أمل ولو صغير في إمكانية على الأقل التخفيف من لهيب الحرب. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكريملن، "إن الرئيس فلاديمير بوتين أطلع على كل ما دار من حديث خلال المفاوضات وأنه من السابق لأوانه تقييمها في انتظار تحليلها والتفكير في وجهات النظر التي أبلغنا بها كبير المفاوضين، فلاديمير ميدنيسكي".