شددت القوات الروسية الخناق أمس، حول العاصمة الأوكرانية كييف، في ثاني يوم من العملية العسكرية التي أطلقتها موسكو ضد جارتها الغربية على ثلاث جبهات برا وبحرا وجوا في أكبر هجوم تشنه دولة على أخرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وواصلت القوات المسلحة الروسية لليوم الثاني عمليتها "الخاصة" التي بررتها موسكو ب"حماية" منطقة دونباس الواقعة في شرق أوكرانيا، ونزع سلاح هذه الأخيرة لإزالة التهديدات الصادرة من الأراضي الأوكرانية على الأمن الروسي. فبعد يوم دام عرف سقوط عشرات القتلى وإصابة المئات الآخرين، استيقظ العالم فجر أمس، على مشاهد معارك عنيفة بمحيط العاصمة كييف، وسط دوي تفجيرات قوية وعمليات قصف جوي جعلت الكثير من المتتبعين يتوقعون سقوطها في أية لحظة. ودارت معارك صباح أمس، في أحد الأحياء الواقعة في شمال مدينة كييف، بما أكد على أن القوات الروسية شددت خناقها على هذه المدينة التي يقطنها ثلاثة ملايين نسمة وأعلن فيها حظر التجوال وسط دعوات السلطات سكان المدينة للتوجه إلى الملاجئ. وتحولت شوارع العاصمة الأوكرانية أمس، إلى مدينة أشباح بعد أن هجرها مئات الآلاف من سكانها باتجاه الدول المجاورة على غرار المجر ورومانيا، التي شهدت حدودهما ازدحاما مروريا خانقا وسط حالة من الهلع والرعب خيمت على كل ربوع البلاد. وبينما أعلن الجيش الأوكراني، أن قواته قاتلت وحدات مدرعة روسية في موقعين بين 40 و80 كلم شمال كييف التي حاصرتها قوات روسيا من جهة الشمال الشرقي والشرق، دعت وزارة الدفاع الاوكرانية، سكان كييف بإبلاغ قواتها بتحركات القوات الروسية و"صنع زجاجات حارقة وتحييد المحتل". وحسب تقارير إعلامية، فقد أمطرت الصواريخ الروسية المدن الأوكرانية، حيث أبلغت أوكرانيا عن تدفق مجموعات من القوات عبر حدودها إلى مناطق تشيرنيهيف وخاركيف ولوغانسك في الشرق والقيام بإنزال بحري في مدينتي أوديسا وماريوبول في الجنوب. ونقلت كاميرات العالم مشاهد لمعارك وعمليات قصف ومبان مدمرة ومدنيين نازحين عمت مختلف المدن الأوكرانية، وصورا لسقوط أولى الضحايا من قتلى وجرحى في حرب دقت ساعاتها بعد أيام من الاحتقان واحتدام القبضة الحديدية بين موسكو والغرب. وقال الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلنيسكي، إن القوات الروسية شرعت منذ ليلة الخميس الى الجمعة، في قصف الأحياء السكنية، مشيرا الى أن ذلك ذكرهم ب "الهجوم النازي" عام 1941. وتحدث عن سقوط الى غاية أمس، ما لا يقل عن 137 قتيل و316 جريح من الجانب الاوكراني، في نفس الوقت الذي شدد فيه على أن قواته تقوم بكل ما في وسعها للدفاع عن البلاد. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، عن سيطرت قواتها على مطار استراتيجي في ضواحي كييف، مشيرة في الوقت نفسه الى أن الجيش الأوكراني قصف 10 مراكز سكنية 33 مرة ولكنها نفت أنها نفذت ضربات صاروخية على مواقع في العاصمة الاوكرانية، حيث قالت إن الانفجار الذي تم تسجيله في سماء كييف ليلة الخميس الى الجمعة، سببه قصف خاطئ من الدفاعات الجوية الأوكرانية استهدف مقاتلة تابعة لسلاح الجو الاوكراني. وكانت الأممالمتحدة، أعلنت أن حوالي مئة ألف شخص نزحوا في اليوم الأول من الهجوم العسكري الروسي من منازلهم داخل أوكرانيا، فيما غادرها آلاف آخرون إلى الخارج. وقالت شابيا مانتو، متحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين في المنظمة الأممية، إنه "نعتقد أن حوالي مئة ألف شخص اضطروا إلى مغادرة منازلهم والنزوح داخل البلاد وآلاف الاخرون عبروا الحدود الدولية".