تدفق آلاف المواطنين بالعاصمة خلال الأيام الثلاثة الماضية على الشواطئ، جراء موجة الحر التي قاربت الأربعين درجة، وبذلك يكون هذا الاضطراب الجوي والحرارة غير الفصلية إيذاناً بتدشين موسم الاصطياف قبل موعده المحدد ببداية جوان من كل سنة، حيث بدت شواطئ العاصمة مؤخراً وكأنها انطلقت فعلياً لولا غياب أعوان الإنقاذ ومصالح الأمن التي تعمل على توفير الراحة والسكينة للمصطافين. وقد فرت عشرات العائلات من لفح الصيف الزاحف، نحو عشرات الشواطئ العاصمية التي غصت بمرتاديها قبل الأوان، خاصة من طرف سكان الأحياء المجاورة، غير منتظرين الموعد الفعلي الذي لم يعد يفصلنا عنه إلا أسبوع واحد، وفي جولتنا عبر بعض الشواطئ العاصمية نهاية الأسبوع وبدايته لاحظنا أن التدفق لايزال متواصلاً، وكأننا في عز الصيف، ولم يستغرب أحد المواطنين بشاطئ الباخرة المحطمة ببرج الكيفان توافد مئات المواطنين على المكان. معتبراً التغيرات المناخية المفاجئة عجلت بموسم الاصطياف، مشيراً إلى أن السكان المجاورين للشواطئ هم أول مدشنيها كل سنة وآخر مغادريها، ليضيف أحد الشباب وجدناه مستلقياً على رمال الشاطئ المذكور أن الشباب والأطفال يكونون السباقين إلى هذه الفضاءات الاستجمامية، بينما لا حظنا فئة الكهول والنسوة فضلن الجلوس أمام زرقة الماء دون السباحة، وحسب محدثنا فإن الكثير من مرتادي الشاطئ هذه الأيام يأتون من أجل التمتع بنسمات البحر التي لا يجدوها في غيره، وأن منطقة الباخرة المحطمة أو كما تسمى بحي اسطنبول يتحول كل صيف إلى قبلة لآلاف المصطافين، نظراً لقربه وسهولة الوصول إليه، فضلاً عن سهر المصالح المكلفة بتأمين الموسم على توفير كل وسائل الراحة والأمان. ورغم أن الشواطئ كانت خالية من أعوان الإنقاذ للحماية المدنية وكذا الدرك والشرطة، كون موسم الاصطياف لم ينطلق رسمياً، فإن حراس السيارات أو أصحاب الحظائر العشوائية لم يتأخروا عن الموعد، مستغلين تدفق أصحاب السيارات لبدء نشاطهم مبكراً، وكذلك الحال بالنسبة لباعة الشاي المتنقلين، حيث لاحظنا تحركهم وسط حشود المصطافين، وفي هذا السياق ذكر أحد المواطنين أن باعة الشاي وهم من القادمين من الجنوب الجزائري أتوا من مختلف الأحياء والطرقات المجاورة، وهم متواجدون طوال العام. ولاحظ مرتادو البحر أن الشواطئ كانت نظيفة ومهيأة منذ أيام، من طرف وكالة ترقية وحماية الساحل التي بدأت منذ أسابيع في تطهير الشواطئ، ولذلك يأملون أن تتواصل عملية التنظيف كون الوافدين يتركون كماً هائلاً من النفايات المتناثرة هنا وهناك. وذكر لنا مواطنون آخرون اصطحبوا أبناءهم إلى شاطى عروس البحر ببرج الكيفان أنهم لم يسمحوا لأبنائهم بالسباحة خوفاً عليهم من نزلة برد أو وعكة صحية، كون الحرارة غير طبيعية، وقال أحدهم: "اليوم نقترب من الماء ونتمتع بنسمات البحر الباردة، وعندما تشتد حرارة الصيف سنبدأ موسم اصطياف جديد" مؤكداً أنه غير قلق من إلحاح أبنائه على العوم، وأنه يرجح حرمانهم من السباحة عوض دفع فاتورة من الدواء. للتذكير فإن مختلف المصالح المعنية بموسم الاصطياف تقوم بتحضيرات مكثفة منذ أسابيع ومنها مصالح البيئة، السياحية، الأمن، التجارة، الصحة، ومن المنتظر أن تكشف كل منها عن خصوصيات تغطيتها لموسم الاصطياف لسنة 2009.