شرع أعضاء مجلس الأمة أمس في مناقشة مخطط عمل الحكومة المعروض عليهم من طرف الوزير الأول السيد أحمد أويحيى في جلسة علنية ترأسها السيد عبد القادر بن صالح رئيس المجلس وبحضور عدة وزراء في الحكومة.وقدم الوزير الأول أمس أمام أعضاء الغرفة الثانية محتوى وثيقة مخطط العمل بعد أن نالت ثقة الأغلبية الساحقة من نواب الغرفة الأولى أول أمس، وجدد بالمناسبة حرص الحكومة على بناء علاقات تعاون وتكامل مع البرلمان بغرفتيه قصد تنفيذ برنامج التنمية للخمس سنوات القادمة. وأكد السيد أويحيى أن الجهاز التنفيذي سيواصل جهود إعادة البناء الوطني، باعتبار أن هذا البرنامج قد قطع أشواطا كبيرة في السنوات الماضية ويتعين الاستمرار بنفس الوتيرة لتحقيق كل الأهداف المسطرة. وحدد في هذا السياق الخطوط العريضة لهذا البرنامج وقسمها إلى ثلاثة فصول منها الشق المتعلق بالمصالحة الوطنية، والآخر الخاص بالاقتصاد ومواصلة تنفيذ مشاريع الاستثمار والثالث يتعلق بالسياسة الاجتماعية. ولدى حديثه عن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أوضح السيد أويحيي أن محاربة الإرهاب ستتواصل "بدون هوادة" داعيا إلى "التجند واليقظة" للمساهمة في "محاربة المجرمين" مؤكدا أنه "سيتم تحسين وضعية المواطنين المشاركين طوعا في هذه المهمة"، وذكر من بينهم رجال الدفاع الذاتي، وسيحظى ضحايا المأساة بعناية من طرف السلطات العمومية، وأوضح في السياق بان أن الحكومة ستعمل على تعميق المصالحة الوطنية كونها تمثل حجر الزاوية لبناء جزائر آمنة. وفي مجال ترقية حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية أكد الوزير الأول حرص الحكومة على ضمان حرية التعبير والصحافة وتعزيز الديمقراطية ومجال الحريات العامة، في السياق أشار إلى أن عدة مشاريع قوانين سواء الجديدة أو المعدلة ستنزل إلى البرلمان لدراستها والمصادقة عليها. وتعهد السيد أويحيي بمواصلة مسيرة الإصلاحات الاقتصادية من خلال إنعاش المؤسسات الاقتصادية القادرة على مواصلة النشاط، والتي تحوز على سوق تمتص إنتاجها. وحول قوانين الاستثمار الجديدة أوضح ان الحكومة لن تتراجع عن الإجراءات والتدابير المتخذة. وتعهد من جهة أخرى بمكافحة كل أشكال الغش والتهرب الجبائي، وإضفاء المزيد من الشفافية على التحويلات الإجتماعية للدولة، وصرف المال العام من خلال إصلاح أنظمة الميزانية وتطوير التخطيط والاستشراف وتأطير أفضل للمشاريع العمومية الكبرى وكذا تعزيز التفتيش والمراقبة وسيتم أيضا تفعيل المراقبة البرلمانية لمدى تنفيذ ميزانية الدولة. وفي الجانب الاجتماعي جدد الوزير الأول تمسك الحكومة بمواصلة تنفيذ سياسة التضامن الوطني على نحو يضمن مساعدة دائمة من الحكومة للعائلات المعوزة وتحدث عن تطهير قائمة المستفيدين من الشبكة الاجتماعية. وقبل عرض السيد أويحيي لبرنامج مخطط العمل ألقى رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح خطابا ضمنه دعم الهيئة التي يترأسها للمخطط الحكومي كونه مستمد من برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي زكاه غالبية أعضاء مجلس الأمة. وأوضح من جهته حرص المجلس على الوقوف الى جانب الجهاز التنفيذي من اجل تنفيذ البرنامج المسطر. أكد السيد بن صالح أن أعضاء الهيئة سينقلون إلى الحكومة انشغالات المواطنين، وحرصهم على ضرورة تطبيق مضمون البرنامج الرئاسي. وفي هذا السياق طالب عدد من المتدخلين خلال المناقشة بدفع وتيرة التنمية في جميع مناطق الوطن وخاصة بالهضاب والجنوب بالإسراع في إنجاز المشاريع المخصصة لهاتين المنطقتين بغية التخفيف من معاناة سكانها. وقد دعا النائب عن الثلث الرئاسي من ولاية تمنراست أخاموخ أحمد إلى ضرورة إيلاء العناية اللازمة للتنمية في الجنوب مشددا على وجه الخصوص بالإسراع في وتيرة إنجاز الطريق العابر للصحراء معتبرا اياه شريان التنمية في المنطقة كونه يربط الجنوب الجزائري بدول افريقية. وفي السياق دعا السيد مسعود قمامة عضو المجلس عن حزب جبهة التحرير الوطني عن ولاية تمنراست إلى الإسراع في إعلان التقسيم الإداري الجديد واستحداث بلديات جديدة للتخفيف من حدة المعاناة التي يواجهها سكان المنطقة الذين يضطرون الى قطع مسافات طويلة لاستخراج وثائق إدارية. وطالب الحكومة بحل مشكلة المواطنين المولودين بالخارج وبخاصة بدولتي مالي والنيجر وتمكينهم من الحصول على شهادة الميلاد من هيئات إدارية متواجدة بالمنطقة، والتخلي عن الإجراء المعمول به حاليا والذي يفرض على هذه الفئة التنقل الى العاصمة للحصول على تلك الوثائق. كما استغرب عضو مجلس الأمة لكون عملية تصحيح أوراق امتحانات السنة السادسة تتم في العاصمة وليس في ولاية تمنراست، وحمل مسؤولية هذا الوضع الى مديرية التربية التي لم تؤد الدور المنوط بها على حد قوله. وشدد أعضاء من المجلس على أهمية مواصلة تنفيذ كل البرامج الموجهة لتنمية الهضاب العليا. وفي نفس المنظور شدد أعضاء آخرون على أهمية التقسيم الإداري الجديد الذي يهدف الى تقريب الإدارة من المواطن مطالبين بإعادة الاعتبار للمجالس المحلية المنتخبة مع ضمان تكوين ورسكلة المنتخبين وأعوان الإدارة بما يضمن التكفل الأنجع بانشغالات المواطنين. أما نائب رئيس المجلس السيد عبد الرزاق بوحارة فقد قدم في مداخلته بعض الاقتراحات الداعية الى حماية رموز الثورة وايلاء القيادات الثورية المكانة التي تليق بهم. وفي سياق تركيزه على ضرورة معالجة المشاكل الاجتماعية للمواطنين اقترح السيد بوحارة إنشاء مجلس للوساطة الاجتماعية يتكفل بنقل مشاكل وهموم المواطنين الى المسؤولين على كل المستويات وهذا في سياق آلية حقوق الإنسان التي يتضمنها مخطط عمل الحكومة.