في الوقت الذي يواجه الاقتصاد العالمي بأعمدته الثلاثة "الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين والمنطقة الأوروبية" عاصفة من الصدمات والشكوك، تمكن الاقتصاد الروسي من الصمود في وجه موجة العقوبات المسلطة عليه بسبب الأزمة الاوكرانية، وكسر التوقعات السابقة بانحساره بنسبة 8.5% في عام 2022، حيث يتوقع أن لا يتجاوز انكماشه نسبة 6%. واعترف تقرير صندوق النقد العالمي حو "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر، أمس، بأن "الاقتصاد الروسي أبلى حسنا، وأن توقعات انكماشه انخفضت بنسبة 2.5% مقارنة بشهر أفريل الماضي، مشيرا إلى أن صادرات النفط الخام والمنتجات غير الطاقوية توجد في وضع أفضل مما كان منتظرا". علاوة على ذلك، قال التقرير "إن الطلب المحلي في روسيا يشهد بعض المرونة بفضل السيطرة على تأثير العقوبات على قطاع التمويل المحلي وسوق العمل". ويوجد الاقتصاد العالمي في عين عاصفة من الصدمات والشكوك، حسب صندوق النقد الدولي، الذي خفض في تقريره توقعاته بشأن النمو العالمي، محذرا من مخاطر عديدة قد تقود إلى "أسوأ سيناريو" وهو "حدوث أزمة اقتصادية عالمية هي الاخطر منذ خمسة عقود". وقال "الافامي" إن الاقتصاد العالمي، الذي لا يزال مفتقرا إلى التوازن جراء الجائحة والأزمة في أوكرانيا، يواجه "آفاقا قاتمة وضبابية"، مشيرا إلى أن كثيرا من مخاطر التطوّرات المعاكسة التي حذر منها في أفريل الماضي "يتحقق على أرض الواقع". فارتفاع التضخم عن المستوى المتوقع "8.3 من المائة عالميا"، وخاصة في الولاياتالمتحدة والاقتصادات الأوروبية الرئيسية، يستمر في الدفع نحو تشديد الأوضاع المالية العالمية في وقت بلغ فيه التباطؤ الاقتصادي إلى مستوى أسوأ مما كان متوقعا بسبب موجات تفشي فيروس "كوفيد-19" وإجراءات الإغلاق العام، كما حدثت تداعيات سلبية أخرى من جراء الحرب في أوكرانيا. وأشارت التوقعات الأساسية ل"الافامي" إلى أن النمو تباطأ من 6,1% العام الماضي إلى 3,2% هذا العام وسينخفض إلى 2,9% خلال العام القادم، بتراجع قدره 0,4 و0,7 نقطة مئوية عن توقعات شهر أفريل الماضي، متأثراً بتباطؤ النمو في أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم – الولاياتالمتحدة والصين ومنطقة اليورو. وأبدى التقرير انشغالا خاصا بمسلسل ارتفاع التضخم، حتى وإن توقع عودته إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا في نهاية 2024، حيث أبدى تخوفه من أن يؤدي حدوث اختلالات اضافية في العرض الى "تجذر التضخم"، بل أنه تحدث عن امكانية حصول "ركود تضخمي" في حال حدوث صدمات قوية، وهو ما يعني تزامن الركود الاقتصادي مع استمرار التضخم. وقال التقرير إن خطر الركود يتهدد الاقتصاد العالمي بشدة في 2023، لاسيما إذا ما اختارت البنوك المركزية مواجهة التضخم عبر اجراءات ثقيلة. ومع ارتفاع نسب الفائدة في الاقتصاديات المتطورة، فإن تكاليف الاقتراض ستكون أعلى عبر العالم وهو ما سيؤدي إلى خطر تراجع اسعار العملات الوطنية مقابل الدولار، في وقت تعاني فيه عدة دول من وضع مالي متوتر. وقدر صندوق النقد الدولي أن 60% من الدول ذات الدخل المنخفض ستجد نفسها، بل تعاني حاليا، من صعوبات في تسديد ديونها، بينما لم تكن نسبتها تتجاوز 20% منذ عشر سنوات. ولأن النفقات على الطاقة تعد حيوية بالنسبة للعائلات ولا يمكن بأي حال من الأحول استبدالها، فإن الوضعية الراهنة لا تهدد فقط الاستقرار الاقتصادي للبلدان وإنما تمتد تداعياتها إلى تهديد الاستقرار الاجتماعي. كما سجل تقرير الصندوق أن خطر تجزئة الاقتصاد العالمي إلى كتل جيو سياسية يميزها "اختلافات صارخة في المعايير التكنولوجية وأنظمة الدفع الدولية واحتياطيات العملات"، قد يكون له تأثير سلبي على النمو العالمي. ويمكن كذلك أن تؤدي التجزئة إلى تقليل فعالية التعاون متعدد الأطراف، للاستجابة لمتطلبات تغيرات المناخ، مع مخاطر إضافية تتمثل في أن أزمة الغذاء الحالية يمكن أن تصبح "قاعدة وليس استثناء".