بجدول أعمال مثقل بتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية والكوارث الطبيعية الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري ومخاوف متزايدة من أزمة غذاء حادة قد تعصف باستقرار عديد الدول، شرع قادة وزعماء دول العالم، أمس، في إلقاء خطاباتهم من على منبر الجمعية العامة الأممية في دورتها 77. وسيتداول ما لا يقل عن 150 رئيس دولة وحكومة في إلقاء كلماتهم في أهم تجمع دبلوماسي سنوي يعقد هذه المرة حضوريا بعد عامين من انعقاده عن بعد بسبب القيود التي فرضتها جائحة كورونا. وحذر الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، لدى إشرافه على انطلاق أشغال الجمعية العامة من "شتاء ساخن يلوح في الأفق" بسبب تبعات الاحتباس الحراري وفي عالم شلته الخلافات الناجمة عن تداعيات الحرب في أوكرانيا. وعرفت لهجة خطاب غوتيريس حدة اكبر وهو يتحدث عن "تدهور القدرة الشرائية لملايين البشر وانهيار الثقة وانفجار الفوارق وكوكبنا يحترق". وقال إنه رغم كل شيء "نحن محاصرون بسبب اختلال وظيفي عالمي هائل بسبب أزمات متشابكة ومعقدة أصبحت تهدد مستقبل الإنسانية ومصير كوكب الأرض، مواصلا خطابه باتجاه الحضور "دعونا لا نخدع أنفسنا.. نحن في بحر هائج يلوح في الأفق شتاء من السخط العالمي". ومن بين التهديدات التي يرى غوتيريس أنها تحدق بالعالم الحرب الجارية بين روسياوأوكرانيا والتي ستكون في قلب مداخلات رؤساء الدول الغربية الى درجة جعلت قادة دول الجنوب تبدي مخاوف من أن تأخذ أشغال الدورة 77 للجمعية العامة، اتجاها واحدا بتركيزها على هذه الحرب وابقاء الازمات الاخرى التي يتخبط فيها العالم، من صراعات مسلحة وكوارث طبيعية وأزمة غذاء تلوح في أفق عدة بلدان، في المقام الثاني. وفي محاولة للرد على مخاوف بعض الدول، نظم الأمريكيون والأوروبيون اجتماعا وزاريا حول الأمن الغذائي الناجم عن هذه الحرب التي طالت تداعياتها العالم كله. وكان من المفروض، وكما جرت العادة، أن تلي مداخلة الأمين العام الأممي، خطاب الرئيس الأمريكي خطابه بصفته زعيما للبلد الذي يستضيف مقر الأممالمتحدة، لكن الرئيس جو بادين شكل هذه المرة الاستثناء عندما قرر تأجيل مداخلته إلى اليوم، بسبب مشاركته أول أمس في مراسم تشييع جنازة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية. ومع تأجيل خطاب بايدن، شهد يوم أمس مداخلات الرئيس البرازيلي جيار بولسونارو والتركي رجب طيب اردوغان والوزير الأول الياباني فوميو كيشيدا والمستشار الألماني، أولف شولز. وعرف التجمع الدبلوماسي السنوي الهام هذا العام غياب الرئيسين الروسي، فلادمير بوتين والصيني، شي جينغ بينغ، في حين يتواجد الرئيس الايراني، ابراهيم رايسي، في نيويورك للمشاركة في هذه الأشغال. وانطلقت قبل أسبوع، أشغال الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تنعقد حول موضوع "منعطف حاسم.. حلول تحويلية لتحديات مترابطة". وكان الرئيس الجديد للجمعية العامة الأممية، المجري كسابا كوروشي، أبرز في كلمته بأن الدورة تأتي في وقت يشهد فيه العالم انقسامات جيو سياسية متنامية، مع استمرار انعدام اليقين وسلسلة من الأزمات التي تطال الأمن الغذائي والطاقوي والصحي وكذا آفاق التنمية المستدامة. وانطلقت المناقشات العامة للدورة الحالية بجدول الأعمال يتضمن عددا هاما من الأسئلة المؤرقة تخص الأزمات الغذائية والطاقوية التي فاقمها النزاع الروسي الأوكراني، إضافة إلى حالة الطوارئ المناخية والعراقيل التي تكبح تحقيق أهداف التنمية المستدامة ل2030. ويتضمن جدول الأعمال أيضا العديد من الفعاليات الأخرى التي تشمل أسبوع المناخ في مدينة نيويورك، والذي يغطي مجموعة واسعة من التحديات المتعلقة بالمناخ، ومنتدى الأممالمتحدة للقطاع الخاص، الذي يديره الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، والذي يجمع الشركات التجارية والأممالمتحدة والمجتمع المدني مع بعضهم البعض لمعالجة الأزمات العالمية. كما يتضمن البرنامج أيضا إطلاق مشروع العمل المناخي "اتخذوا إجراء عالميا" الذي يجمع الفصول الدراسية من أكثر من 140 دولة معا، وتقام سلسلة من المقابلات والزيارات المدرسية والتغطية الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي.