❊ القصر الملكي يفقد صوابه ويسوّق الأكاذيب في محاولة لإفشال قمّة الجزائر عندما تبلغ النرجسية حالة مرضية، بمثل تلك التي وصل إليها وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، فإن الأمر يستدعي إخضاعه لعلاج نفسي مكثف داخل معزل نفساني، علّه يشفى من حالة "سكيوزوفرينا" التي تنتابه كلما تعلق الأمر بالجزائر، ويستفيق من غفلته التي لم تزده، وعرش بلاده، إلا تيهانا ومغالطات، لم تعد تقنع أحدا. بقدر ما أثارت تصرفات وزير الخارجية المغربي، بمناسبة القمة العربية، الاستغراب، بقدر ما أكدت أن القصر الملكي في الرباط فقد صوابه وراح يسوّق الأكاذيب محاولة منه للتخفيف من صدمات الانتكاسات الدبلوماسية، التي ما انفك يتلقاها في كل مرة وحين بسبب سقطات بوريطة المتواترة. ولكن أن يبلغ السفه بهذا الأخير حد افتعال أكذوبة تلقي الرئيس الجزائري دعوة من الملك محمد السادس لزيارة المغرب، لبحث العلاقات الثنائية، بمناسبة انعقاد القمة العربية، فإن بسط طبيب نفساني سيؤكد أن حالة بوريطة ميؤوس منها ولا علاج لها، خاصة إذا تعلق الأمر بمسؤولية في أعلى هرم المسؤوليات في كل دول العالم. ومن شاهد استقبال رئيس الجمهورية لوزير الخارجية المغربي يكون قد لاحظ، من دون شك، درجة الارتباك التي انتابته وهو يصافح الرئيس تبون، إلى حد أنه لم يترك لنفسه شرف أخذ صورة تذكارية كما فعل الرؤساء والأمراء الذين تم استقبالهم، قبل عقد أول جلسة اجتماع على مستوى القمّة يوم الثلاثاء الماضي، فأنّ له أن يقدّم عرض ولي نعمته للرئيس الجزائري بالتوجّه إلى الرباط لبحث العلاقات الثنائية. وحتى إذا سلمنا بما زعم بوريطة فإن الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها وحتى أبجديات العمل الدبلوماسي تؤكد أن دعوة بمثل هذه الأهمية لا يتم عرضها بأي حال من الأحوال في لحظة بروتوكولية ومادام للأمر قنوات اتصال متعارف عليها دوليا حتى بين أشد الأعداء وليس أمام عدسات آلات التصوير وكاميرات التلفزيون. وعندما نعرف السياق الزمني الذي أصدر فيه بوريطة تصريحه ودعوته المزعومة فلن يختلف اثنان في القول إنها مجرد كذبة مخزنية ضمن سيناريو محبك للتشويش على مجريات القمة العربية التي تأكد نجاحها حتى قبل انطلاقها وخاصة بعد أن فشلت تصريحاته التي أدلى بها بمجرد وصوله إلى الجزائر وانتقاده للكيفية البروتوكولية التي استقبل بها. وحتى تبريره أن الملك محمد السادس كان في نيته حضور القمة قبل أن يغير موقفه في آخر لحظة بسبب تلك الترتيبات فيجب القول إنها مجرد فزاعة أخرى ألقى بها المخزن في سياق الزخم الذي عرفته القمة على اعتبار أن بروتكولات الاستقبال والمغادرة تنفذ وفق معايير دولية متعارف عليها والملك المغربي لن يكون الاستثناء و"ليس فوق رأسه ريشة" كما يقول المثل الجزائري فهو ليس أفضل من الرؤساء الذين شرّفوا الجزائر بحضورهم ولا حتى من أولياء العهد الذي نابوا عن ملوك وأمراء بلدانهم ليجعل من تبرير بوريطة مجرد زعم سوقه لتبرير عدم حضور ملكه. وقد تأكد الجميع أن عدم حضوره لم يغير ولم يؤثر في مخرجات القمة في شيء سواء من حيث مواضيع جدول أعمالها التي طرحت للنقاش ولا من حيث درجة التمثيل التي أجمع المشاركون والمتتبعون أنها كانت من أفضل القمم العربية على الإطلاق من هذا الجانب، كونها وضعت أسسا توافقية حول جملة القضايا العربية بما فيها الخلافية بل والأكثر تنظيما، ضمن أحكام أقر بها المشاركون من رؤساء الوفود العربية ووزراء خارجياتهم وحتى الوفود الإعلامية العربية والأجنبية، باستثناء الصحف المخزنية التي اتبعت البهتان ولم تتمكن من الخروج عن طاعة أسيادها. وحتى الغموض الذي أحاط به المخزن، مشاركة الملك محمد السادس حتى آخر لحظة من عدمها في قمّة الجزائر، لم يكن يشغل الجزائر، على اعتبار أن مشاركته لن تغير في الأمر شيئا ولن تزيد في مصداقية نتائج القمة ولن تنقص منها، ضمن موقف عبر عنه وزير الخارجية رمطان لعمامرة الذي تأسف لما سمّاها بفرصة ضيعها الملك المغربي دون أن يسميه في أحد تصريحاته من منطلق المثل المعروف "المتخلفون هم الخاسرون". وكانت نية عدم المشاركة محسوم فيها في الرباط بمجرد أن زعم بوريطة عبر وسائل الدعاية المخزنية مشاركة الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي في أشغال القمة العربية رغم علمه وعلم كل العرب أن الصحراء الغربية ليست دولة عضو في الجامعة العربية. وتأكد ذلك رغم أن وزارة الخارجية الجزائرية تم تبليغها من خلال رسالة شفوية بمشاركة العاهل المغربي في القمة وأكدتها الجامعة العربية وخاصة بعد طلبات رسمية مغربية للتحليق والهبوط لعشر (10) طائرات مخصصة لنقل الملك وولي عهده وباقي الوفد الملكي. ويجب القول إن عدم المشاركة كان أمرا متوقعا منذ الثالث عشر أكتوبر عندما نجحت الجزائر في استضافة كل الفصائل الفلسطينية في لقاء لمّ الشمل الفلسطيني والذي جعل من القضية الفلسطينية جوهر قمة نوفمبر ضمن إنجاز دبلوماسي لم يستسغه محمد السادس الذي طعن الشعب الفلسطيني وقضيته في الظهر شهر ديسمبر 2020 عندما طبع علاقات بلاده مع الكيان المحتل وهو يرأس لجنة القدس الشريف. وهي كلها محطات كرّست الخيبة المغربية، عاد على إثرها الوزير المغربي بوريطة، خاوي الوفاض إلى بلده بعد أن سقطت كل خططه المحبوكة في مكاتب اللوبيات اليهودية للتشويش على قمة الجزائر، في ماء آسن غطت رائحته النتنة فضاء الرباط وكواليس القصر الملكي وهو يجر أذيال خيبة دبلوماسية سوف لن ينساها بعد أن تأكد أن تزييف الحقائق لن يصمد أمام صدق النوايا التي جعلتها الجزائر وقود تحركها لإصلاح ذات البين العربي باستثناء نظام مخزني أبى واستكبر وكان من الخائبين. وبقدر ما أصيبت الدبلوماسية المغربية بمزيد من النكسات راحت نظيرتها الجزائرية تسجل النتائج تلو الأخرى، ليس فقط على الصعيد العربي ولكن أيضا على الأصعدة الإقليمية والجهوية والدولية، ما أعاد لها بريقها الثوري الذي استمدته من ثورتها التي احتفلت بها في يوم القمة العربية و"الحديث قياس".