دعا رئيس المركز الجزائري للاستشراف الاقتصادي وتطوير الاستثمار والمقاولاتية، أكرم زيدي، إلى الاستفادة من التجربة الإيطالية في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمصغرة، التي وصفها ب"الرائدة عالميا والمنفردة"، بالنظر إلى النتائج التي حققتها، لإعادة هيكلة الصناعات الكبرى التي تحتاج إلى مشاريع مناولة مع المؤسسات الصغيرة. وأكد أكرم زيدي أن الجزائر التي باشرت منذ تولي السيد عبد المجيد تبون رئاسة الجمهورية، إصلاحات قانونية ومؤسساتية في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمصغرة والناشئة، يمكنها أن تنهل من التجربة الإيطالية لما لها من مميزات سمحت بازدهار هذا القطاع وجعل إيطاليا تتحول إلى مرجع على المستوى العالمي. وأشار في تصريح ل"المساء" بخصوص مميزات التجربة الإيطالية في تطوير المؤسسات الصغيرة، إلى "تطبيق اللامركزية وإعادة تنظيم عملية الإنتاج وتماسك سلسلة القيم بين شرائح الإنتاج في الاقتصاد الإيطالي"، إضافة إلى إيلاء أهمية كبرى للجانب التشريعي الذي كان له دور محوري في النتائج المحققة وكذا "تنويع مصادر التمويل ضمن عوامل ساهمت مجتمعة في ازدهار المؤسسات المصغرة التي أصبحت تمثل نسبة كبيرة في النسيج الصناعي الإيطالي". وبرأي زيدي، فإن الجزائر توجد حاليا في وضع يسمح لها بنسخ هذه التجربة وتحقيق تقدّم معتبر في اتجاه تطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمصغرة، بفضل الإصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية، والتي مكنت من وضع حد للتجارب السابقة التي فشلت في تطوير المقاولاتية لمدة سنوات، بسبب ما وصفه بتغلب "المقاربة الاجتماعية" وغياب مرافقة فعلية للمستثمرين، خاصة الشباب منهم وخريجي الجامعات. ولفت الخبير إلى أن إنشاء وكالات "أنساج" و"أنجام" و"كناك" التي كانت تحت وصاية عدة وزارات، لم يثمر النتائج المرجوة، كون "تعدد الهيئات لم تواكبه استراتيجية ناجعة تقوم على مقاربة اقتصادية". وهو ما جعله يؤكد على أن الشروع في إعادة هيكلة هذه المؤسسات بإصلاحات قانونية ومؤسساتية، ودمجها تحت وصاية وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، فان الحكومة تكون بفضل ذلك قد اتخذت خطوات هامة في اتجاه تصحيح الأخطاء السابقة والدفع بالقطاع نحو إنشاء نسيج مقاولاتي حقيقي. وأشار إلى أهمية الإجراءات المتخذة مؤخرا من طرف الرئيس تبون، والمتعلقة بقانون المقاول الذاتي وتمكين الموظفين من أخذ عطلة لإنشاء مؤسسات خاصة وإنشاء صندوق خاص لتمويل المؤسسات الناشئة، معتبرا "كل هذه الإجراءات تشجع المقاولاتية وخلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمصغرة والناشئة، بالنظر إلى الحاجة لإنشاء مليوني مؤسسة لتحقيق تكامل في النسيج الاقتصادي الوطني... وتكامل بين المؤسسات العمومية والخاصة سواء الكبيرة منها أو الصغيرة، التقليدية والناشئة، لضمان إنشاء مؤسسات قادرة على البقاء وتساهم في بعث الاقتصاد الوطني". وأكد محدثنا، أنه ليس بالضرورة استنساخ التجربة الإيطالية وإنما تكييفها مع واقع الاقتصاد الجزائري ومقوماته وخصوصياته وبما يملكه من ثروات ومؤهلات، مع ضرورة الذهاب نحو إنشاء شبكة مناولة واسعة وإعطاء فرص اكبر لتطوير المؤسسات المصغرة. كما شدّد على مسألة مرافقة الهياكل الموضوعة من طرف الدولة للشباب حاملي المشاريع، لتعريفهم بعالم المقاولاتية الذي يختلف تماما كما قال عن المناهج النظرية التي يتم تلقينها للشباب في الجامعات ومراكز التكوين المهني.