القطاع يحظى بعناية رئيس الجمهورية.. والمستقبل واعد توفير نظام بيئي متكامل لتطوير المؤسسات وديمومتها تعزيز الإنتاج المحلي بما يخفض فاتورة الواردات وتحقيق الاكتفاء الذاتي أزيد من مليون و300 ألف مؤسسة.. واستحداث مليون أخرى بلغ عددها أزيد من مليون و300 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، ومن أجل الوصول إلى نسيج صناعي أكثر كثافة واقتداءً بكبرى الاقتصادات العالمية، أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، باستحداث مليون مؤسسة أخرى، مع تشجيعها على اقتحام كل المجالات، خاصة ما تعلق بالاقتصاد الأخضر الذي يعول عليه كثيرا في تنويع الاقتصاد الوطني. وككل بناء طبيعي كان أو اقتصادي، لابد من بيئة تمكنه من النمو والاستمرارية والديمومة، وهو ما عكفت وزارة الصناعة على توفيره، من خلال نظام بيئي متكامل، يعمل في تناسق تام، من الإنشاء إلى التمويل والتطوير.. منظومة هيكلية وتنظيمية، خصتها بالاهتمام السلطات العمومية، من خلال وزارة الصناعة، وتعرفت على تفاصيلها جريدة "الشعب"، في اللقاء الذي جمعها بمدير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بذات القطاع الوزاري، مهاجي حراز، الذي تطرق، أثناء الحوار، إلى كل ما يخص محيط هذا المجال الحيوي، كمكون أساسي لنسيج صناعي متنوع ومتماسك. - الشعب" : تتبوأ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مكانة استراتيجية في الخارطة الاقتصادية للبلاد، ويعول عليها كثيرا في المساهمة الفعالة في بناء الاقتصاد الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي، مما سيجعل تخفيض فاتورة الواردات ممكنا، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي عبر العديد من المنتجات التي يمكن تصنيعها محليا. لكن قبل الحديث عن دورها الاقتصادي، هل من الممكن توضيح ماهيتها من الجانب التنظيمي؟ مهاجي حراز: الأمر الإيجابي في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أنه مؤطر بتنظيم تشريعي من أجل تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث عرّف ماهية المؤسسة الصغيرة والمتوسطة، وفق معايير معينة ستتمكن المؤسسة في حالة استيفائها، من الاستفادة من برامج الدعم والامتيازات الموجهة لهذا النوع من المؤسسات، كالمشاركة في مسابقة الجائزة الوطنية للابتكار مثلا. ومن بين هذه المعايير نذكر عدد العمال الذي حدد من 1 إلى 9 عمال في حالة مؤسسة صغيرة جدا، ومن 10 إلى 49 عاملا في حالة مؤسسة صغيرة، ومن 50 إلى 250 عاملا في حالة مؤسسة متوسطة. أما المعيار الثاني، فهو رقم الأعمال الخاص بكل فئة من هذه المؤسسات، إلى جانب معيار آخر يتمثل في نسبة الاستقلالية، فيما يخص المساهمة في رأس مال المؤسسة. وهنا أريد أن أؤكد، أن هذا القانون قد أخذ بعين الاعتبار المعطيات الاقتصادية الجديدة للبلاد وعمل على مسايرتها، حيث تم بموجبه تفعيل عدة هياكل، بالخصوص وكالة تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الابتكار التي عرف قانونها الأساسي تعديلات ستسمح لها بتطوير الابتكار بشكل عام، ومرافقة حاملي المشاريع في إطار إنشاء المشاريع. - تحدثتم عن منظومة قانونية تسمح بمرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، هل من الممكن أن تحدثونا عن التدابير التي اتخذها قطاعكم الوزاري في هذا الإطار؟ فعلا، أولت وزارة الصناعة أهمية بالغة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي بلغ عددها نهاية سنة 2021، أزيد من مليون و287 ألف مؤسسة، وعملت على ترقيتها وتطويرها، من خلال استحداث مختلف الأجهزة وتفعيل منظومة قانونية لمرافقتها، من أجل ضمان ديمومتها، خاصة وأنها تتسم في أغلب الأحيان بالهشاشة وعدم القدرة على الاستمرار، مما يتطلب مرافقة ودعما خاصين للحفاظ عليها وترقيتها. حيث لم تدخر الهيئات المحلية المتمثلة في مراكز الدعم والاستشارة، البالغ عددها 28 مركزا، ومشاتل المؤسسات 17، التابعة لوكالة تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الابتكار، جهدا في دعم واحتضان حاملي المشاريع الصغيرة، حيث تم تسجيل مرافقة 273 حامل مشروع؛ لأجل تجسيد مشاريعهم واحتضان 265 مؤسسة صغيرة ومتوسطة على مستوى مشاتل المؤسسات، وهذا حسب آخر الإحصائيات التي تم تسجيلها إلى غاية نهاية أكتوبر 2022. - الانتقال بتفكير الشباب إلى مقاربة إنشاء مؤسساته الخاصة والمساهمة في استحداث الثروة وفتح مناصب العمل، بدل البحث عنها، عمليّ جدّا.. ألا ترون أن هذا يحتاج إلى تحضير نفسي مسبق وتهيئة الأرضية، بدءا من ترسيخ ثقافة المقاولاتية لدى الشباب مثلا؟ أوافقك الرأي تماما. وهذا ما تعمل دائرتنا الوزارية على تحقيقه، في إطار سياسة الدولة الرامية لدعم النشاطات المقاولاتية والابتكار وكذا إنشاء المؤسسات، حيث تقوم سنويا بتنظيم "الأسبوع العالمي للمقاولاتية". علما أنه تقليد إيجابي دأبت السلطات العمومية على تشجيعه وتحفيزه، ليصبح مصدرا هاما وحقيقيا لكثير من الشباب، لا سيما الجامعيين. كما تعد هذه التظاهرة أكبر تجمع في العالم للمبتكرين وحاملي المشاريع، من أجل خلق فضاء مناسب يسمح لهم بتجسيد مشاريعهم وتحويلها إلى مؤسسات فعالة خلاقة للثروة ومناصب الشغل. بالنسبة لهذه السنة، نظم قطاعنا الوزاري، الطبعة الثانية عشرة للأسبوع العالمي للمقاولاتية خلال الفترة الممتدة من 14 إلى 21 نوفمبر، تحت شعار "لنبن معا نظاما قويا بيئيا للمقاولاتية: بناء، مشاركة، احتفال"، حيث تم إشراك جميع الفاعلين في هذا الموضوع، من قطاعات وزارية وهيئات وطنية ذات الصلة بالموضوع، بما فيها هيئات الدعم والمرافقة، الجامعات، الجمعيات والنوادي العلمية، حاضنات المؤسسات وغيرها من الهيئات التي كانت لها مشاركة فعالة في عملية التحسيس، من خلال تنظيم أنشطة مختلفة، كالندوات والمسابقات وورشات العمل والمعارض والعديد من التدخلات على مستوى الإذاعات المحلية والأبواب المفتوحة على مستوى الجامعات ومراكز التكوين المهني، إلى جانب قافلة المقاولاتية التي ضمت أجهزة الدعم والمرافقة. وحسب النتائج الأولية المعلن عنها على مستوى المنصة الرقمية المخصصة لهذا الحدث، افتكت الجزائر، وللمرة الثانية على التوالي، المرتبة الأولى، من حيث عدد الأنشطة المنظمة التي بلغ عددها 2.137 نشاط، متبوعة بكل من الولاياتالمتحدةالأمريكية ب 1.046 نشاط، وإسبانيا ب531 نشاط. - هل يمكن أن تكشفوا لنا المزيد عن المخطط الاتصالي المعتمد من أجل الترويج لثقافة المقاولاتية وترقيتها؟ بالفعل، بالإضافة إلى "الأسبوع العالمي للمقاولاتية"، هناك عدة نشاطات قامت بها دائرتنا الوزارية من أجل ترقية وتشجيع المقاولاتية بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وكذا بالتنسيق مع نادي التميز للمقاولاتية التابع لمدرسة الدراسات العليا التجارية بالقطب الجامعي للقليعة، بالإشراف على تنظيم الطبعة الرابعة لمخيم التميز الجزائري، بمدينة تيبازة، في مجال الاقتصاد الأخضر. ويعتبر الحدث برنامجا وطنيا سنويا يقوم باحتضان الشباب حاملي المشاريع عبر 58 ولاية، حيث تناول ثمانية مواضيع، من بينها موضوع "الاقتصاد الأخضر" الذي توليه الحكومة أهمية بالغة، وهو أحد الشعب المعول عليها في تنويع الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى الصالون الوطني للابتكار، بجامعة عباس لغرور، بخنشلة، الذي عرف مشاركة قياسية من حيث العدد ونوعية المشاريع، وهذا في إطار التنسيق بين قطاعي الصناعة والتعليم العالي. - تحدثتم عن نظام بيئي متكامل يحتضن ويرافق ويطور المؤسسة الصغيرة والمتوسطة لضمان ديمومتها، من خلال هياكل دعم استحدث بعضها وأعيد تفعيل بعضها الآخر.. ماذا عن التمويل، بما أنه أهم عامل لبعث واستمرارية المؤسسات وما التدابير التي اتخذتها وزارة الصناعة في هذا الشق الضروري لتكوين وبناء المؤسسة؟ دائرتنا الوزارية تعمل جاهدة على تحسين وتسهيل شروط ولوج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للقروض البنكية، من خلال الهياكل التابعة لها، حيث قام صندوق ضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في هذا الإطار، في 24 ماي 2022، بتنظيم فعاليات الندوة الوطنية حول "الضمان المالي كآلية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"، ببعدين مهمين؛ خصص الأول لآليات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقييم واقعها والعراقيل التي تواجهها والآفاق المنتظرة منها. بينما تناول البعد الثاني، موضوع تسهيل وصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى آليات التمويل المتنوعة. وفي هذا الصدد، أريد أن أنوه بالحصيلة الإيجابية التي حققها الصندوق هذه السنة، حيث قام بمنح ضمانات مالية تفوق 14 مليار دينار، أي منحت ل 309 مشروعا. وقد كانت التظاهرة مناسبة للإطلاق الرسمي لضمان قروض الاستغلال، كأداة فعلية، لمرافقة المؤسسات، وهي خدمة جديدة تضاف إلى الضمانات السابقة التي كانت تغطي قروض الاستثمار والقروض الإيجارية. وجاءت هذه الندوة لتناقش السبل الفعالة للتكفل بأحد المحاور التي يصطدم بها المستثمرون، وهو مشكل التمويل، خاصة في ظل نقص الضمانات المطلوبة لتغطية القروض البنكية. - يحدّد الوصول إلى المعلومة واستثمارها، نسبة مهمة من نجاح مشاريعنا، ونحن نخضع لحتمية الرقمنة حاليا، ما هي الإجراءات التي قامت بها وزارة الصناعة من أجل توفير المعلومة واستغلالها بشكل فعال؟ وضع قطاعنا الوزاري، نظاما معلوماتيا اقتصاديا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كأداة مساعدة على اتخاذ القرار والاستشراف وصياغة السياسات العمومية، فيما يخص ترقية وتطوير النسيج المؤسساتي، وذلك من خلال جمع ومعالجة ونشر المعلومة المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث قام قطاعنا الوزاري بإعداد مشروع قرار وزاري مشترك، يحدد كيفيات الحصول على المعلومة، ووضعها تحت التصرف، لتزويد النظام المعلوماتي الاقتصادي حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك تطبيقا لأحكام القانون 17-02، المؤرخ في 10 جانفي 2017، والمتضمن القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وقد تم إعداد مشروع هذا النص، بالتنسيق مع القطاعات الوزارية، ذات الصلة بالموضوع وهي المالية والسياحة والصناعة التقليدية والرقمنة والإحصائيات، إلى جانب العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، وكذا التجارة وترقية الصادرات واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة. - "الجائزة الوطنية للابتكار"، صارت من المواعيد التي ننتظرها كل سنة، تتنافس على الظفر بها مؤسسات صغيرة ومتوسطة، قدمت براهين ميدانية قاطعة على قدرة الشاب الجزائري على الإبداع وتصميمه على النجاح، من خلال التجارب التي حققت وللجزائر التميز.. ألا توافقونني الرأي؟ أكيد، أن المسابقة موعد مميز وفرصة للقاء الكفاءات والتنافس بينها، حيث تنظم سنويا هذه المسابقة لنيل الجائزة الوطنية للابتكار، لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقد تم ترسيخها بموجب المرسوم التنفيذي رقم 18-226، المؤرخ في 24 سبتمبر 2018، المتضمّن استحداث جائزة وطنية للمؤسسة الصغيرة والمتوسطة المبتكرة والمحدد شروط وكيفيات منحها. فيما يخصّ أهداف هذه التظاهرة، فهي عديدة ومتكاملة فيما بينها، أهمها تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي بذلت جهدا في ميدان الابتكار، كما تعتبر أداة قوية وفعالة لتحسين تنافسية المؤسسات الاقتصادية، ومن خلالها تنافسية الاقتصاد الوطني. بالإضافة إلى العمل على إرساء معالم لتأسيس نظام بيئي وطني للابتكار من شأنه أن يزيل كل العقبات والعراقيل التي تشوبه، وذلك عبر التنسيق الجاد بين مختلف الفاعلين في الميدان من هيئات وزارية، مراكز البحث، مؤسسات التمويل، حاملي براءة الاختراع، النوادي العلمية والجمعيات المتخصصة، وكذا المؤسسات الاقتصادية، لاسيما الصناعية منها. كما تهدف هذه المبادرة إلى إعطاء ديناميكية جديدة لتثمين نتائج البحث العلمي وتحويلها إلى مشاريع حقيقية. بالإضافة إلى وضع محاور عملية لبناء استراتيجية وطنية خاصة بالابتكار والملكية الفكرية. أما عن جديد "الجائزة الوطنية للابتكار"، في طبعتها الحادية عشرة، لهذه السنة، فقد تميزت بوضع منصة رقمية مخصصة لهذا الحدث، حيث بلغ عدد الملفات المودعة من طرف المؤسسات المترشحة 67 ملفا، خضعت كلها لتقييم لجنة الجائزة الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المبتكرة، ليتم اختيار مؤسسات تفوقت وأعطت مثالا للنجاح والتفوق في مجال البحث والتطوير والإبداع. - وماذا عن التكوين، بما هو عامل مهم لتطوير القدرات الإنتاجية للمؤسسات الاقتصادية وتحسين أدائها؟ دائرتنا الوزارية تعكف، وبإصرار، على الدعم المستمر للقدرات الإنتاجية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من خلال التأطير والتكوين المستمر، حيث استفادت أكثر من 150 مؤسسة، من مختلف جهات الوطن، من دورات تكوينية في مجالات متعددة، لا سيما في ميدان الابتكار والتصدير وأدوات تسيير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واستراتيجيات التحالفات الدولية، وهذا عن طريق برنامج ابتكار، تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي يندرج في إطار برنامج الدعم الجزائري الألماني.