دخلت الحرب المسلّحة في السودان أمس، أسبوعها الرابع وسط انعدام أدنى المؤشرات بإمكانية احتوائها على الأقل في المستقبل القريب رغم قبول طرفي الصراع المحتدم التفاوض على هدنة جديدة في المملكة العربية السعودية. فمنذ السبت الأسود الموافق ليوم 15 أفريل الماضي، يستيقظ السودانيون خاصة سكان العاصمة الخرطوم وضواحيها وإقليم درافور بغرب البلاد، يوميا على نفس المشاهد من مواجهات مسلحة عنيفة ومعارك ضارية بين قوات الطرفين المتحاربين بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وغريمه الجنرال محمد حمدان داغلو. وحسب شهود عيان، فإن القوات النظامية نفذت أمس، غارات جوية على أحياء مختلفة بالخرطوم من بينها حي "الرياض" المستمد اسمه من عاصمة المملكة السعودية التي تشرف هذه المرة على مفاوضات بين ممثلي الخصمين تجري فعالياتها بمدينة جدة، على أمل التوصل إلى هدنة جديدة تمنح السودانيين فرصة تنفس الصعداء ولو لفترة قصيرة. وأكدت السلطات السعودية في بيان أمس، وصول ممثلين عن الجيش النظامي الذي يقوده الجنرال البرهان، وعن قوات الدعم السريع شبه عسكرية بقيادة الجنرال حمدتي، من دون أن توضح ما اذا كانت المفاوضات بين الطرفين قد انطلقت أو لا. ووفقا لمسؤولين سودانيين، سيتم تمثيل القوات الشبه عسكرية من قبل أقارب الجنرال داغلو وشقيقه القوي عبد الرحيم، الذي يمول قوات الدعم السريع بفضل مناجم الذهب التي يمتلكها، في حين يمثل الجيش، ضباط رفيعو المستوى معروفون بعدائهم للدعم السريع. وليست هي المرة الأولى التي يتوسط فيها طرف خارجي في أزمة السودان، حيث كثفت السعودية والولايات المتحدة من مبادراتهما لإقناع الطرفين المتحاربين من إخماد صوت الرصاص وحل خلافاتهما بالطرق السلمية، غير أن كل المساعي الدبلوماسية بقيت عقيمة، في ظل صم أذانهما أمام أي مبادرة أو محاولة لإسكات صوت البنادق، بل أنهما يقولان الشيء ويفعلان عكسه بدليل أنه في كل مرة يعلن فيها عن هدنة ولو انسانية أو تقنية إلا وتم خرقها في حينها ثم يترشقان التهم بإفشالها. ويردد الطرفان منذ أيام أن مبعوثيهما سيناقشان فقط "تفاصيل الهدنة" التي جددت عدة مرات دون أن تحترم، مشددين على أنه لا يوجد عنصر سياسي مخطط له في المستقبل القريب. بما يكشف عن عمق الخلاف الذي أدى إلى تفجر مثل هذه المواجهة المسلحة غير محسوبة العواقب والتي تسببت بعد ثلاثة أسابيع في مقتل أكثر من 700 شخص وإصابة الآلاف ونزوح وتشريد مئات الآلاف الآخرين. وبينما أكد الجيش النظامي أنه أرسل مفاوضين إلى جدة من أجل مناقشة وقف إطلاق النار، شكر من الجنرال داغلو، من جهته السلطات السعودية على استضافة هذه المباحثات، فيما قال الوزير المدني السابق خالد عمر يوسف، الذي أقيل خلال انقلاب 2021، إنه يأمل في "حل سياسي شامل" يخرج السودان من محنته.