ترتبط حالات التسمم الغذائي بموسم الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم الالتزام بتوفير شروط حفظ المواد الغذائية على مستوى عدد من المتاجر، أو الأماكن التي تقدم فيها الوجبات الجماعية، منها الأعراس والحفلات والمطاعم، وتحولت مسألة عدم حرص المستهلك على اقتناء مواد غذائية ذات مقاييس، إلى هاجس حقيقي يثقل كاهل الصحة العمومية في الجزائر، خاصة وأن عدد التسممات الغذائية يشهد ارتفاعا محسوسا سنة بعد أخرى، بلغ حتى أواخر جوان من هذه السنة 2500 حالة مسجلة، وقد استدعت هذه الوضعية التي تعكس غياب ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا، تخصيص إمكانيات مادية معتبرة لتحسيس المستهلك بضرورة حماية صحته من تبعات هذه التسممات التي يفترض أن تكون الوقاية منها أمرا تلقائيا ينم عن ثقافة ووعي بأبسط الآداب الخاصة بالأنظمة الغذائية والصحة العمومية، وهي مسألة وصفها الأمين العام للفدرالية الوطنية لحماية المستهلك في تصريح ل"المساء" بالركيزة الهامة التي تعتمد عليها جمعيات حماية المستهلك لحماية صحة هذا الأخير. تشهد حالات التسمم مع حلول مواسم الحر ارتفاعا محسوسا في الجزائر، وغالبا ما يتم تحديد حالات الإصابة على أنها حالات تسمم جماعية تعرض فيها مدعوون لعرس أو حفلة ما، للتسمم بسبب عدم احترام أصحاب الوليمة لشروط حفظ الأكل، خاصة المأكولات سريعة التلف التي يتطلب حفظها شروطا معينة. وعلى عكس الحفلات التي يمكن فيها رصد مصدر التسمم الغذائي، تقف محلات بيع الأكلات الخفيفة والجاهزة، وراء الإصابة بالتسممات الغذائية الفردية بسبب عدم التزام أصحاب هذه المحلات بشروط حفظ الأكل، ويتم في كثير من الحالات، على مستوى عدد من محلات بيع اللحوم الوقوف على حالات يتم فيها عدم احترام شروط التبريد، كما يعمد عدد من أصحاب محلات بيع المواد الغذائية إلى توقيف تشغيل المبردات ليلا، لحجة في نفسهم مفادها "اقتصاد كمية الكهرباء المستعملة" وبمجرد أن يهل الصباح حتى يعاد تشغيل الأجهزة، وهو ما يعرض المواد سريعة التلف منها الألبان والأجبان ومشتقات الحليب الأخرى، إلى التلف غير الظاهر، وهو ما يؤثر سلبا وبشكل تدريجي على صحة المستهلك، دون أن يقف هذا الأخير على هذه الحقيقة التي تولد حسب المختصين أمراضا باطنية لا يمكن التحكم في شفائها بعد تفشيها في الجسم، ومما لا شك فيه هو أن الضرر في هذه الحالة لا يقع على المستهلك فحسب، وإنما على التاجر أيضا، لكن هذا الأخير لا يراعي هذا الجانب، وهو مايعني أنه يجهل حقيقة وخطورة ما أقدم عليه، وهنا نطرح تساؤلا، كيف يمكن حماية صحة المستهلك في هذه الحالة.
جمعيات حماية المستهلك: "دور المستهلك يتقدم دور التاجر في حماية صحته" يؤكد المتدخلون في مجال حفظ الصحة، منهم وزارة الصحة والتجارة وجمعيات حماية المستهلك أن هذا الأخير تقع عليه مسؤولية حماية نفسه من التسممات الغذائية وجميع المشاكل الصحية التي لها علاقة مباشرة بتناول الأغذية غير المطابقة، وإن كان هذا الطرح لا يعني بتاتا إسقاط المسؤولية عن التاجر الذي لا يحترم شروط إنتاج وتصنيع المواد الغذائية وتخزينها، أو تلك الواقعة على عاتق الجهات المعنية بمراقبة جودة ونوعية المواد الغذائية الموجهة للاستهلاك، فإن المستهلك مسؤول من موقعه كمقتن لمختلف هذه المواد على ما قد يصيبه من أذى جراء استهلاكه لأي مادة، وبالتالي فإن العزوف مثلا عن اقتناء مأكولات جاهزة تباع على الطريق أو على مستوى الشواطئ مجهولة المصدر يعمل على تقليص نشاط هذا النوع من التجارة، ونفس الأمر ينطبق على المأكولات التي لا تحمل مواصفات الجودة والنوعية، فالامتناع عنها يؤدي إلى كسادها ومن ثم الامتناع عن ترويجها وتسجيل دخول قصري وتلقائي للمخالفين، عالم المطابقة. ويؤكد الأمين العام للفدرالية الوطنية لحماية المستهلك ورئيس جمعية حماية المستهلك لولاية عين تيموشنت الدكتور غنام الغالي في تصريح ل"المساء "أن الجمعية بادرت هذه السنة، في إطار برنامجها السنوي التحسيسي، بتنظيم خرجات ميدانية استهدفت محلات بيع اللحوم بأنواعها وبائعي الحلويات، إذ حثت تجار اللحوم على احترام شروط التخزين، وبادرت بتوزيع عدد من أجهزة قياس الحرارة مجانا عليهم، كما شمل التحسيس أصحاب محلات الحلاقة، وتم في هذا الجانب التركيز على ضرورة تغيير شفرات الحلاقة بعد استعمالها. ويرى المتحدث أنه يترتب على المستهلك المساهمة في دعم مساعي الأطراف المعنية بحمايته من خلال كشفه على مختلف حالات المساس بصحته، وهذا عند وقوفه على أشكال الغش أوالترويج لمواد غذائية غير مطابقة أو وقوعه في مشاكل صحية بسبب التسممات الغذائية. ويضيف الدكتور غنام، أن حماية المستهلك تتطلب التركيز على تكوين هذا الأخير، حول المبادئ العامة لشروط الاستهلاك، وهو ما تم التأكيد عليه في المؤتمر الوطني الذي تم تنظيمه مؤخرا، والذي جمع الجمعيات المختصة في حماية المستهلك، وخلص اللقاء إلى اعتماد عدد من التوصيات دعت إلى ضرورة اعتماد التحسيس في الوسط المدرسي لتكوين مستهلك الغد وتجنيد التلاميذ لترسيخ مفهوم الاستهلاك في أسرته، ومن ثم الوصول إلى تثقيف المجتمع المستهلك وحثه على العدول عن اقتناء مواد غير مطابقة ومقاطعتها نهائيا. وفي إطار المساعي الرامية إلى حماية المستهلك خلال موسم الاصطياف لهذه السنة 2009، نظمت الفدرالية على مستوى مختلف الولايات، خرجات ميدانية إلى مختلف الشواطئ تم فيها تجنيد عدد من الشباب لتحسيس المصطافين بضرورة حماية صحتهم وعدم اقتناء مواد استهلاكية بشكل عشوائي.