إفريقيا الستينيات ليست إفريقيا 2009، نكهة الانتصارات والثورة والتحرر كانت واجهة العواصم الإفريقية، أعياد الاستقلال هي الطاغية على القارة السمراء لتجتمع وتصنع عيد الأعياد الإفريقي في الجزائر سنة 1969 والذي جذب للقارة كل الأصوات الحرة والعدسات التي كانت تلتقط صورة الفرح ومن بين المصورين الذين فتحوا عدساتهم على أعراس القارة في المهرجان الأول الإفريقي بالجزائر 1969 المصور الأمريكي وليام كلين. الصورة كانت حينها مازالت ترسم باللون الإفريقي الأسمر وتعطي ومض النور الذي كان يرمز دائما للحرية، كانت عدسة وليام ترسم الذاكرة الإفريقية وتحفظها في صور وتؤرشفها في شريط وثائقي. وليام حضر عرس إفريقيا الأول في الجزائر سنة 1969 وأخرج من خلاله أكبر عمل سينمائي يتعلق بالمهرجان وها هو يحضر العرس الثاني بعد أربعين سنة ليضيف للذاكرة الإفريقية صورا أخرى ذات لون وحركة تتشكل في الحاضر الإفريقي وتنفتح على المستقبل. 40 سنة تمضي ووليام مازال يحتفظ بذلك الحس والحدس ويقتنص الصورة ويملأ الجزء الصغير من الثانية من الزمن يملؤها حتى لا تنفلت. السيد وليام كلين جمع ذاكرته وعاد بنا إلى سنة 1969 عندما لبى دعوة المشاركة التي وجهت له من قبل الوزير محمد الصديق بن يحيى ومحيي الدين موساوي الذي كان وزيرا مكلفا بالثقافة حيث وضعت تحت تصرفه طائرة هيليكوبتر وفريق تصوير. صور فيلمه "المهرجان الثقافي الإفريقي في الجزائر 1969" الذي يراه من بين أهم أعماله السينائية لأنه يتناول العديد من الأمور، يصور مرحلة وجوه تأثر بها المخرج منها رجل مسن جزائري يرتدي اللباس الأبيض "قد يكون برنوس وعمامة" يصفه وليام بوجه ذو شارب تخلله الشيب ويحمل طبلا بإيقاع رائع، الفيلم لم يحفظ الذاكرة الإفريقية وحدها بل حفظ ذاكرة وليام حيث يؤكد هذا الأخير أن "نوعية الصور لاتقارن بالعلاقة مع المهرجان الأول فإنه في النسخة الأولى كنت أريد تبيان كل شيء، لكن كما أذكر أن بعض الثوريين الأفارقة هددوني بعرقلة الفيلم إذا لم أظهرهم". إفريقيا التي انتقلت بوجوهها إلى أمريكا والتي وهبت الولاياتالمتحدة رئيسا يحمل لونها الأسمر لم تكن لحظة ناجمة من فراغ بل لها سندها التاريخي حيث كان يعبر الأفارقة الأصليين مصفدين وها هم اليوم بفضل الحرية يصلون القمة، قمة أمريكا ويدخلون مع الرئيس باراك أوباما. ومن هنا تلتقط عين وليام صورة أخرى غير صور الوجوه المألوفة فيعلق على هذا الرئيس ذي الأصول الإفريقية قائلا "أعتقد أنه في الأخير صار لدينا رئيس نحن فخورون به بدل رئيس كنا نخجل به، طيلة ثماني سنوات كان لدينا بوش وكان ذلك مخيفا، ومع باراك أوباما، أعتقد أن أمريكا ستتغير".