اختتمت نهاية الأسبوع الماضي أشغال الملتقى الإفريقي حول "الاستعمار والحركات التحرّرية في إفريقيا" الذي احتضنه قصر الثقافة "مفدي زكريا" على مدار أربعة أيام، وتمحور حول موضوع استغلال النفوذ وتناقضات النزعة الاستعمارية لفرنسا على مستوى مستعمراتها. وقد شارك في تنشيط النقاش كلّ من وزير الثقافة الغيني السابق السيد علي جيلبر ايفونو الذي سعى إلى إبراز الدعم الذي قدّمته بلاده للبلدان الإفريقية الأخرى منها الجزائر التي كانت تكافح من أجل استقلالها، مشيراً إلى أنّ بلاده كانت قد جعلت من تسوية القضية الجزائرية شرطا مسبقا لإقامة علاقات دبلوماسية مع فرنسا، مضيفا أن بلاده ساندت الحركات التحررية في غينيا بيساو والرأس الأخضر والموزنبيق. كما ذكر السيد ايفونو أن بلاده كانت قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا سنة 1965 تضامنا مع الحركة التحررية في زيمبابوي، مضيفا أن غينيا أقامت جوازات سفر دبلوماسية لفائدة المناضلين الجنوب إفريقيين الذين كانوا يكافحون نظام الابارتايد كمريم ماكيبا وتابو مبيكي الأب. من جهتها، توقفت الأستاذة أمال فاطمة الزهراء فيلالي من جامعة الجزائر التي قدّمت مداخلة عنوانها "المواطنة بين النظرية العالمية لفرنسا الجمهورية والممارسة العنصرية لفرنسا الاستعمارية"، عند تناقضات النزعة الاستعمارية بالمقارنة مع المفهوم الخاص للمواطنة بالجزائر إبان الفترة الاستعمارية، موضحة أن هذه التناقضات تجلّت من خلال "الهوّة" التي كانت موجودة بين القانون بمفهومه الفرنسي والقانون على النحو الذي كان مطبقا في الجزائر، حيث كان هناك فصل من خلال عنصرين يتمثلان في الجنسية والمواطنة، مذكرة أن الجزائريين كانوا يعتبرون فرنسيين انطلاقا من سنة 1834 دون الاستفادة أبدا من المواطنة. وبعد سنة 1885 - تقول المتحدثة - تفاقمت التفرقة والفصل من قبل المستعمرين إذ كان الجزائريون يعتبرون فرنسيين، إلاّ أنهم كانوا مطالبين في حالة رغبتهم في الحصول على الجنسية الفرنسية بالقيام بإجراء التجنس، الأمر الذي وصفته المحاضرة ب"التناقض الثاني". كما أشارت فاطمة الزهراء فيلالي إلى أن الجمهورية الفرنسية الثالثة التي كانت تطبّق قانونا ليبراليا وديمقراطيا والانتخاب المباشر على أرضها، كانت تفرض على مستوى مستعمراتها النظام الاستعماري الذي كان يعتبر السكان الأصليين بمثابة أهالي وليس مواطنين. من جهته، تطرّق الأستاذ ديديي غينار من جامعة أيكس أون بروفانس (مارسيليا)، إلى نفس الموضوع من خلال تركيز إهتمامه على السلطة الاستعمارية في الجزائر في نهاية القرن 19، أما السيد سامولولو تشند اوليلا من جامعة كينشاسا فقد أوضح أنه وبدون مساعدة ومساندة بلدان إفريقيا فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية لما بقيت موحدة، مشيراً في هذا الصدد للدعم الدبلوماسي الكبير الذي قدّمته الجزائر في هذا الإطار.