أبرز الباحثون الإفريقيون المشاركون في الملتقى الدولي حول "الاستعمار والحركات التحررية في إفريقيا" أول أمس بالجزائر "التقدمات" التي تم إحرازها من طرف البحث العلمي الإفريقي لاسيما بخصوص الإنتاج المتعلق بالتاريخ الحديث والمعاصر للقارة. (و أ) وبعد أربعة أيام من التبادل العلمي سجل الباحثون من خلال إعلان الجزائر بأنه رغم نتائج أعمال وأبحاث علمية صارمة أنجزت في إفريقيا وبقية العالم حول تاريخ استعمار القارة إلا أن تصورات المراجعة لا يزال يعبر عنها في غالب الأحيان من خلال شخصيات رسمية. ويعتبر الباحثون الإفريقيون أن نفي التجاوزات الاستعمارية لا يزال يطبع الموقف الغالب لدى القوى الاستعمارية القديمة ولهذا فهم يطالبون نظراءهم "حيثما كانوا" بمواصلة جهودهم البحثية "بلا كلل" فيما يخص المسائل "الجوهرية". ويتعلق الأمر بمسائل الماضي التاريخي والثقافي للقارة واقتصاد تجارة الرقيق والعبودية والفعل الاستعماري وعمليات التحرر في إفريقيا وتطور المجتمعات الإفريقية المعاصرة وعلاقاتها بالعالم. ومن جهة أخرى أعرب المشاركون في الملتقى من خلال إعلان الجزائر عن قناعتهم بأهمية هذا الملتقى في التقريب بين المؤرخين الأفارقة وعزمهم على العمل على تعزيز التعاون بين المؤسسات العلمية والأكاديمية والجامعية الإفريقية. كما عبروا عن قناعتهم بأن للمؤرخين الإفريقيين دور ريادي ومسؤولية خاصة في كتابة تاريخ إفريقيا والإفريقيين بعد أن بلغت الأسرة العلمية الإفريقية اليوم مستوى هاما من النضج وبعد أن أثبتت وجودها بإفريقيا والعالم بأسره. وفي هذا الإطار أوصى المشاركون الحكومات الإفريقية على إنشاء مؤسسات للدراسات الإفريقية متعددة الاختصاصات في كل بلد إفريقي بما يسمح بتعزيز علاقات التعاون العلمي بين الباحثين الإفريقيين في مجال علوم الإنسان وعلم الاجتماع وذلك بشكل ملموس ومثمر. كما أوصى المشاركون بإعطاء مكانة أحسن لتعليم التاريخ والثقافة الإفريقيين في كل مستويات وأطوار المنظومة التعليمية ويقترحون في هذا السياق تأسيس معهد ثقافي وعلمي إفريقي يوضع تحت إشراف الاتحاد الإفريقي. ويشرف هذا المعهد على تحفيز البحث العلمي في المجالات الثقافية الإفريقية والنهوض بالإبداع الفني في القارة كما سيمثل فضاء للتلاقي والتبادل والتفكير في المسائل المرتبطة بالأنتربولوجيا والتاريخ والثقافة والفنون وعلوم التراث وبالعلوم الإنسانية والاجتماعية. كما أعرب المشاركون في ملتقى الجزائر عن تجديد هذا الأخير بشكل دوري وتأسيس مجلة علمية إفريقية متخصصة في تاريخ القارة. كما أبرز باحثون ومفكرون أفارقة على مدار أربعة أيام الدور الذي لعبته الجزائر في تصفية الاستعمار من القارة مذكرين بالمساعدات التي كانت تقدمها الجزائر لمختلف الحركات التحررية بإفريقيا لا سيما لصالح الموزمبيق وأنغولا وجنوب إفريقيا وناميبيا. كما تمحور الملتقى حول الاستعمار ذو الطابع التجاري والمتاجرة في الرق والاستعمار الفرنسي والألماني في إفريقيا إضافة إلى تطرق المشاركين إلى دور إفريقيا في تحرير دول أخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية مع الإشارة إلى نهب الغرب لثروات هذه القارة. كما دعا المشاركون إلى "وضع حد للإستعمار في القارة الإفريقية" مع الإشارة إلى أن الصحراء الغربية تبقى آخر مستعمرة بإفريقيا. وجرت أشغال الملتقى الدولي حول الاستعمار والحركات التحررية في إفريقيا برعاية المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ.