قطعت الجزائر أشواطا معتبرة نحو تحقيق أمنها المائي، إدراكا منها للرهان الذي يمثله مجال توفير الماء الذي يعتبر القاطرة التي تجر كافة القطاعات الاقتصادية وحتى الاجتماعية، فضلا عن كونه شرطا أساسيا لتحقيق الأمن الغذائي الذي يضمن الاكتفاء الذاتي ويقوي سيادة أي بلد ويعزز استقلاله واستقلالية قراراته ظهر مفهوم الأمن الغذائي لأول مرة خلال المؤتمر العالمي للغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" في نوفمبر 1974 بأمريكا، حيث كان هذا المفهوم من أهم مخرجات المؤتمر، تم تعريفه بأنه "وضع أو حالة بلد ما يتمتع فيه جميع الناس في جميع الأوقات بأغذية كافية وسليمة ومغذية تلبّي حاجياتهم من أجل قضاء حياة صحية ونشطة". ووفقا لهذا التعريف فإن الأمن الغذائي بمفهوم "الفاو" ليس سياسة أو استراتيجية يمكن أن تتبعها دولة ما في طريق تحقيق أمنها الغذائي أو بلوغ الاكتفاء الذاتي بقدر ما هو "وضع" أو "حالة" يمكن أن يصلها أي بلد من خلال توفير الغذاء لمواطنيه بصورة مستمرة، حتى وإن كان ذلك عن طريق الاستيراد، بالرغم من أن هذا الخيار لا يخلو من مخاطر، كون أي تذبذب في عملية الإنتاج لدى البلد المصدّر أو حدوث نزاعات أو حروب إقليمية يضع هذا الأمن على المحكّ. من هنا تبرز أهمية "الاكتفاء الذاتي" الذي تسعى الجزائر الجديدة على غرار العديد من الدول إلى تحقيقه، من خلال مضاعفة إنتاج ما تحتاجه من غذاء محليا وبصورة مستقلة عن الخارج، لتكريس ما يصطلح عليه اليوم بالسيادة الغذائية، وهي إحدى أبرز الرهانات التي وضعها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ضمن أولويات برنامجه وشكلت إحدى أهم التزاماته ال54 أمام الشعب الجزائري. ويرتكز مفهوم السيادة الغذائية على تشجيع الأساليب الفلاحية المحلّية واعتماد الطرق التقليدية التي يمتاز بها كل بلد مع تطويرها ودعم الفلاح الصغير ومساعدته في توزيع منتجاته دون عراقيل، حيث كانت منظمة "فيا كامبيسينا" العالمية التي تعني "طريق المزارع" وراء بروز هذا المفهوم عام 1996، كرد فعل مناوئ ل سياسات "الفاو" ومفهومها حول الأمن الغذائي. وتدعو المنظمة التي تٌحصي 88 دولة عضو إلى تحقيق اكتفائها الذاتي بانتهاج زراعة إيكولوجية مستديمة بعيدا عن مخابر البذور الأجنبية ومصانع المبيدات التي كانت سببا في تقويض صحة الانسان وتمدير الأراضي وإبقاء الدول تحت طائل التبعية الغذائية. والجزائر التي لم تنته من تحقيق المكاسب والإنجازات في السنوات الأخيرة، قطعت في مجال ضمان الأمن المائي أشواطا معتبرة، وعيا منها بحيوية هذا المجال الذي يعد أساس تطور مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، كونه شرطا أساسيا لتحقيق الأمن الغذائي الذي يضمن السيادة الغذائية والاكتفاء الذاتي. وتملك الجزائر كل المقومات التي تؤهلها لتحقيق سيادتها الغذائية في قطاع الزراعة وحتى في قطاع الصيد البحري، حيث لا يتطلب تجسيد ذلك في ظل الكثير من الإجراءات التي تم اتخاذها، سوى رفع قدراتنا من الموارد المائية لمرافقة مختلف البرامج الفلاحية القديمة والجديدة والعمل على تنفيذها بكل صرامة. وكانت وزارة الفلاحة قد أطلقت خلال الأسابيع المنصرمة برنامجا خماسيا بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من أجل زيادة مساحات الأراضي المزروعة بالحبوب من حوالي مليون هكتار إلى نحو 2,5 مليون هكتار وفضلا عن برنامج إعادة تأهيل 2,5 مليون هكتار من الأراضي البور من أجل تحويلها لزراعة البقوليات خلال السنوات العشر القادمة. وتضاف هذه البرامج إلى برامج قديمة، أبرزها استهداف 2 مليون هكتار من الأراضي المسقية وغيرها من البرامج الطموحة كبرنامج الزراعة الصحراوية المتضمن استصلاح حوالي 600 ألف هكتار. في هذا الشأن يقول الخبير في الأمن الغذائي، الدكتور إبراهيم موحوش، أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للزراعة في تصريح ل«المساء" إن "المساحة القابلة للزراعة في الجزائر تصل إلى 43 مليون هكتار - تقع كلّها في الشمال- لكننا لا نستغل منها سوى 8,5 مليون هكتار بالإضافة إلى حوالي 50 ألف هكتار في الجنوب"، مضيفا بأن الجزائر تستورد سنويا في قطاع الزراعة ما قيمته 10 ملايير دولار، منها 4 ملايير تصرف على المنتجات الغذائية كالقمح والزيوت والباقي معدات وبذور وقطع غيار وغيرها". وأشار محدثنا إلى أنه "باستثناء الخضر والفواكه، فنحن نعاني من تبعية للخارج في توفير غذائنا لأننا نستورد 80 بالمائة من الحبوب، 100 بالمائة من الزيوت (باستثناء زيت الزيتون) 100 بالمائة من السكريات، 80 بالمائة من الحليب و80 بالمائة من البقوليات"، مشددا على ضرورة تغيير هذا الوضع كون الجزائر تملك كلّ مقومات النهوض بقطاع الزراعة. وحسب الدكتور موحوش، فإن البداية يجب أن تكون بالعمل على رفع القدرات الإنتاجية الوطنية في قطاع الموارد المائية، "واليوم نحن نعيش بداية عهد جديد في إنتاج المياه، بفضل الاستراتيجية المتكاملة التي رسمها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون والتي تعتمد في مرحلتها الأولى على تحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب، كضرورة قصوى، ثم استغلال المياه المستعملة التي تعتبر موردا هاما متوفرا بكميات كبيرة في الجزائر، وذلك بالتزامن مع الرفع من قدرات التخزين من خلال بناء المزيد من السدود". برنامج رئيس الجمهورية لتحلية المياه ضمانة الأمن المائي تتجه الجزائر نحو تحقيق أمنها المائي، لاسيما في ما يخص توفير الماء الشروب وذلك بفضل البرنامج الاستعجالي الذي أطلقه رئيس الجمهورية لتحلية مياه البحر، حيث مكن هذا الخيار الاستراتيجي، لحد الآن من توفير حوالي 27 بالمائة من إجمالي الاستهلاك الوطني من مياه الشرب، على أن تصل في مرحلة ثانية إلى 42 بالمائة في نهاية 2024 لترتقي إلى 60 بالمائة بحلول عام 2030. ويؤكد الكثير من الخبراء في نجال الموارد المائية في العالم أن تحلية مياه البحر خيار استراتيجي للدول التي تُطل على منافذ بحرية في المنطقة العربية المصنفة ضمن مناطق الإجهاد المائي، بسبب التغيرات المناخية والجفاف.. والجزائر من ضمنها، ولذلك فإن الاعتماد على مصدر مستقر كالتحلية هو ضرورة لا غنى عنها. وقد أصبحت الجزائر في ظرف وجيز من الدول الرائدة في تحلية مياه البحر، فبدخول محطة قورصو ببومرداس حيز الخدمة يوم 25 سبتمبر المنصرم، ارتفع مستوى انتاج الجزائر من المياه المحلاة إلى ما يقارب 2,1 مليون متر مكعب. وينتظر أن يتم ضمن المخطط التكميلي لهذا البرنامج، إنجاز 5 محطات كبرى بسعة 300 ألف متر مكعب في اليوم، ستدخل حيز الخدمة نهاية 2024 لترتفع بذلك القدرات الوطنية إلى 3,6 مليون متر مكعب في اليوم أي بحوالي 1,3 مليار متر مكعب في السنة وهو رقم لا يستهان به في العالم. وبلغت نسبة التزود بالمياه المحلاة في بعض الولايات الساحلية، إلى 100%، مثلما هو الحال بالنسبة لولاية عين تيموشنت، و97% بالنسبة لولاية وهران. والأهم في كل هذه الإنجازات أن المحطات الثلاث الأخيرة، تم بنائها بكفاءات جزائرية مائة بالمائة ما يعتبر تطورا كبيرا في طريق التحكم في هذه الصناعة الاستراتيجية التي تخضع لبحوث علمية مستمرة، لتطويرها والتقليل من كلفتها، حيث تم إنشاء الوكالة الوطنية لتحلية مياه البحر في مارس 2023، أوكلت لها مهام دراسة ومتابعة إنجاز المشاريع الجديدة تماشيا مع أخر البحوث العلمية. كما أطلقت الوكالة الموضوعاتية للبحوث في العلوم والتكنولوجيا 18 مشروع بحث علمي في مجال تحلية مياه البحر، وتم اختيار مواضيع تتعلق بتحلية المياه والمصافي المستعملة وتأثير محطات التحلية على البيئة البحرية وإمكانية استعمال الطاقات المتجددة في تسيير المحطات. في سياق متصل بالجهود الرامية إلى الرفع من قدرات الموارد المائية، يرتقب استلام أربعة سدود جديدة في عام 2024 ليصبح عددها 85 سدا، ما يسمح برفع قدرات التخزين من 7 مليار متر مكعب إلى 9 مليار متر مكعب.. غير أن نجاعتها ومردودها يتوقف دائما على مياه الأمطار. يذكر الخبير إبراهيم موحوش ل"المساء" أنه "قبل 20 عاما لم نكن في الجز ائر نعرف تحلية مياه البحر، لكننا اليوم أصبحنا روادا في هذا التخصص وقد اكتسبنا خبرة في هذا المجال، يجب أن يتم تثمينها بإجراء البحوث العلمية الضرورية وضمان تكوين الإطارات العلمية لمواكبة أخر التطورات العلمية والعمل على تخفيض التكاليف". وذكر في هذا الصدد أن "كلفة المتر مكعب من الماء المحلىّ التي تصل إلى 200 دينار، يمكننا تخفيضه من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية في تشغيل محطات التحلية". وأضاف محدثنا أنه "في ظل التغيرات المناخية واستمرار مواسم الجفاف نحن مطالبون بالرفع من قدراتنا المائية غير التقليدية، فبالإضافة إلى تحلية مياه البحر نحن ملزمون مثلما أكد عليه رئيس الجمهورية مرار، باستغلال المياه المستعملة أو المياه الرمادية وكذلك المياه الجوفية لمرافقة البرامج الفلاحية، لا سيما وأن مستوى استهلاك القطاع الزراعي يقدر بحوالي 70 إلى 80 بالمائة من القدرات المائية". كما ركز الخبير موحوش في حديثه مع "المساء" على مفهوم المياه الافتراضية الذي يجب، حسبه، أن يؤخذ بعين الاعتبار في كل المعاملات التجارية مع الخارج أو عند اتخاذ السياسات المتعلقة بقطاعي الزراعة والماء، حيث قال في هذا الصدد إن "المياه الافتراضية معادلة مهمة في اقتصاد المياه وإدارة الموارد المائية.. وعلينا أن نعرف بأن إنتاج واحد كلغ من القمح يستهلك 3 متر مكعب من الماء وهذا يجب أخذه بعين الاعتبار أثناء وضع البرامج الزراعية وسياسات إدارة الموارد المائية وترشيد الاستهلاك، لأن اقتصاد الماء ضروري جدا بالنسبة للدول التي تعاني الجفاف". ولم يتوان محدثنا في الكشف عن رأيه الخاص في هذا المجال، حيث قال إنه "من الناحية الاقتصادية، أنا أفضل زراعة النخيل على زراعة القمح لكنها قضية أمن غذائي وعلينا اليوم وضع حد لهذه التبعية الغذائية". المياه العادمة.. إهدار لثروة ثمينة تكشف إحصائيات وزارة الموارد المائية، أن الجزائريين يُنتجون أكثر من مليار متر مكعب من المياه المستعملة سنويا، منها 500 مليون متر مكعب يتم معالجتها معالجة أولية داخل محطات التطهير البالغ عددها أكثر من 200 محطة، غير أن الجزائر لا زالت لا تستغل من هذه المياه، سوى 3 ملايين متر مكعب في الفلاحة ومثلها في الصناعة، أما الباقي فيعاد صبه في الأودية، وفي ذلك إهدار لهذه الثروة الثمينة.. على مستوى العاصمة مثلا، توجد 5 محطات معالجة، أكبرها محطة براقي التي تقوم بمعالجة نحو 150 ألف متر مكعب في اليوم، يعاد صبها في وادي الحراش عدا كمية قليلة منها، يتم استغلالها في سقي بعض المساحات الخضراء كمنتزه الصابلات والحدائق العمومية. وعن الأسباب الأساسية التي لازالت تعرقل الاستغلال الأمثل لهذه المياه، أوضح صالح لحلاح وهو إطار في الديوان الوطني للتطهير ل"المساء"، بأن "معالجة المياه المستعملة بالتكنولوجيا المتاحة حاليا، لا يرقى إلى مستوى يسمح لنا بتوجيهها للاستغلال المنزلي. كما هو موجود في الكثير من الدول الإفريقية، على غرار عاصمة ناميبيا "ويندهوك" التي تزود سكانها بالمياه المستعملة والمعالجة، مشيرا إلى أن الاستفادة من هذه المياه، يستدعي إخضاعها هذه المياه إلى معالجة من المستوى الثالث". وأكد لحلاح بأن "الإطار التنظيمي الذي يسمح باستغلال هذه المياه موجود، إلا أن تفعيله لم يتم بعد ويستلزم تنسيقا أكبر بين كل القطاعات المعنية"، قائلا في هذا الشأن "بالأمس كنا نعالج المياه حفاظا على البيئة أما اليوم، فالتوجه تغير بحكم التغيرات المناخية والجفاف، حيث أصبح اللجوء إلى الموارد غير التقليدية كالمياه المستعملة أو تحلية مياه البحر، ضرورة تفرضها استراتيجية التسيير العقلاني وتخفيف العبء على الموارد التقليدية". وإلى جانب إهدار المياه العادمة، هناك إهدار آخر يقع على مستوى محطات معالجة المياه يتمثل في ضياع أطنان من الحمأة وهي مادة حيوية ناتجة عن عملية التطهير. فقبل ثلاثة أعوام، صدر قانون تصنيف الحمأة كنفايات خاصة، يمنع محطات المعالجة من التخلص منها في مراكز الردم التقني. وبما أن الحمأة يمنع حرقها أو دفنها يتم تخزينها على مستوى هذه المحطات، ما أصبح يشكل عبئا ثقيلا عليها. ويعترف السيد لحلاح في هذا الصدد، أن هناك تأخر في استغلال هذه النفايات بسبب غياب الإطار القانوني الذي ينظم عملية تحويلها إلى طاقة بديلة، تعرف بالطاقة البيولوجية الحيوية أو أسمدة بيولوجية يتم استغلالها في الزراعة المستديمة. بنك البذور والحفاظ على الإرث الجيني.. قضية سيادة لازالت الجزائر تستورد منتجات غذائية بنسب متفاوتة، كالحبوب والحليب والزيوت والبقوليات وغيرها، وقد كانت تستورد حتى الخضر والفواكه التي كانت تحقق فيها اكتفاء ذاتيا، حيث كان الإشكال مطروحا قبل إنشاء بنك البذور، بالاعتماد على البذور الأجنبية.. أما اليوم فالرهان تم تحقيقه في هذا المجال ببعث بنك للبذور الذي دخل حيز الخدمة الموسم الفلاحي السابق، فيما يرتقب إطلاق بنك الجينات قريبا. وحسب الخبير إبراهيم موحوش فإن كل كيلوغرام واحد من القمح، يلزمه حوالي 3 متر مكعب من المياه لإنتاجه، وهذا يعني أن إضافة مليون هكتار من الحبوب ضمن البرنامج الخماسي للحكومة، يتطلب الرفع من القدرات المائية بحوالي مليار متر مكعب، "وإذا تمكنا من رفع قدراتنا المائية وترشيد استهلاك الماء في زراعة الحبوب، يمكننا إنجاز الكثير لتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة". ويرى محدثنا أنه على الرغم من ارتفاع تكلفة بلوغ الاكتفاء الذاتي في الحبوب، إلا أن الأمر يتعلق بمسألة سيادة غذائية يجب بلوغها، مع التحول نحو الزراعة الذكية والاعتماد على البحوث العلمية لترشيد أنظمة الري والزراعة وجعلها أكثر مقاومة وصمودا أمام التغيرات المناخية". والغرض من إنشاء بنك البذور هو التخلّص نهائيا من التبعية في استيرادها والحفاظ على أصالة البذور الجزائرية وعلى التنوع الوراثي للمحاصيل، خاصة بالنسبة للأنواع النباتية المهددة بالانقراض، فضلا عن تطوير أصناف نباتية جديدة تكون أكثر مقاومة وتكيفا مع التغيرات المناخية. تقول الدكتورة حليمة بن بوزة المختصة في البيوتكنولوجيا ومديرة الدراسات بالمجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيا، "إن استيراد البذور كان سببا في ضياع الكثير من الأصناف الأصيلة من الحبوب والأشجار المثمرة وحلّت محلها أصناف أوروبية وغيرها لا تتناسب مع تربتنا"، مضيفة بأننا "قمنا بتجديد البذور بأنفسنا"، وأشارت إلى أن "توجه الفلاحين في شعبة التمور مثلا إلى التركيز على دقلة نور، فيما يعرف بالزراعة الأحادية، تسبب في انقراض أنواع كثيرة من التمور المعروفة.. ونفس الشيء حدث مع أنواع من التفاح والمشمش وحتى أنواع من القمح ولذلك فإن بنكي البذور والجينات سيسمحان بالحفاظ على هذه الأنواع النباتية وحتى الحيوانية والبكتيرية". وذكرت بن بوزة بأن "بذورنا تعرضت لسنوات طويلة للسرقة"، مشيرة إلى أنه في عام 2008 وأثناء إحدى الخرجات العلمية مع الطلبة في ولاية بسكرة اشتكى أحد الفلاحين من غلاء سعر بذور الطماطم المستوردة وكان يتحسّر، لأن ممثلي شركة هولندية قدموا إلى بسكرة وأخذوا عينات بذور محلية من نوع يسمى "الفحلة".. وبعد سنوات عادوا وباعوا لنا بذور نوع من الطماطم المحسّنة تشبه كثيرا نوع "الفحلة". وخلُصت محدثتنا إلى أن بنك الجينات سيسمح بالتعاون مع مراكز البحث العلمي، بإنجاز برامج التحسين الوراثي للأصناف لجعلها مقاومة للظروف المناخية الصعبة كالجفاف والحرارة الشديدة ومقاومة الأمراض ما يؤدي دون شك إلى زيادة الإنتاج بوفرة وجودة عالية. الحديث عن تعزيز الأمن الغذائي وتكريس السيادة الغذائية، يستدعي أيضا العمل على تطوير قطاع الصيد البحري لأن الموائل البحرية لازالت تساهم في توفير الغذاء للكثير من العائلات الجزائرية كما تعد مصدر تغذية غنية لا يمكن الاستغناء عنه. وتعرف الجزائر تأخرا في إنتاج الصيد البحري، حيث أن حصة الفرد الواحد من هذه المادة لا زال ضعيفا، لا يتجاوز 3 كلغ في السنة. ولذلك تعمل الوزارة الوصية على تدارك ذلك حيث تطمح إلى بلوغ حوالي 142 ألف طن بحلول عام 2024.. وبوادر هذه الزيادة بدأت تتجلى بعد التمكن من رفع حصة الجزائر في صيد التونة وبناء سفن صيد محلية الصنع وعقد شراكات مع العديد من الدول التي لها خبرات في الصيد البحري وتربية المائيات. طالع أيضا/ * الدكتورة نشيدة قصباجي الرائدة.. هذه شروط استغلال الطاقة الشمسية في تحلية مياه البحر