غازلي: تحويل مياه البحر للشرب باستخدام طاقة الرياح يأخذ أهمية متزايدة لبصير: تطبيق الاستراتجية الحالية ستمكننا من ضمان أمننا المائي والغذائي بوثلجة: الأمن الغذائي أحد العوامل الرئيسية الضامنة لسيادة الدول واستقلال قرارها يؤكد خبراء ومختصون ل "الشعب"، أن التفكير في توسيع محطات تحلية مياه البحر على طول الشريط الساحلي، جاء كضرورة قصوى فرضتها التغيرات الحاصلة في المناخ مع تزايد حدة الجفاف والاحتباس الحراري، مقابل تراجع كميات الأمطار المتساقطة واستنزاف مخزون السدود. توجهت الجزائر نحو إنشاء خمس محطات جديدة لتحلية مياه البحر، ينتظر أن تضع بلادنا في مقدمة الدول الإفريقية وفي المرتبة الثانية عربيا بطاقة إجمالية من إنتاج المياه المحلاة قوامها 3,7 ملايين متر مكعب يوميا. يرى الخبير الدولي في الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة محمد غازلي، بأن تحويل مياه البحر إلى ماء شروب باستخدام طاقة الرياح يأخذ أهمية متزايدة، بالنظر إلى قيمة الكهرباء الخضراء، حيث تتوقع الأممالمتحدة، بحسبه، أن تكون هناك فجوة بنسبة 40% بين الطلب على المياه وإمدادات المياه بحلول عام 2030. وقد أدى النمو السكاني السريع إلى زيادة التدهور البيئي، وسوف يؤدي تغير المناخ إلى زيادة ندرة المياه، ما يدفع للبحث عن حلول جديدة لإدارة الموارد المائية من أجل مواجهة التحديات المتزايدة للأمن المائي وتجنب تفاقم الآثار السلبية على النظام البيئي، حيث تظهر العديد من الحلول لمعالجة ندرة المياه العذبة، بما في ذلك استخدام النظم البيئية الطبيعية والتطورات التكنولوجية في تحلية المياه والرصد البيئي المتقدم لإدارة موارد المياه. ويعد الطلب المرتفع على الطاقة وإنتاج المياه المالحة من الجوانب السلبية الرئيسية لتحلية المياه. استغلال الطاقات البديلة في تحويل مياه البحر كما اعتبر الخبير استهلاك الطاقة في تحلية مياه البحر أعلى من حلول إمدادات المياه التقليدية، على غرار المياه الجوفية ومستجمعات الأمطار، والأنهار، والبحيرات، حلا مستداما وفعالا من حيث التكلفة بفضل انخفاضها، يعد التخلص من المياه المالحة السامة أمرًا مكلفًا وله آثار بيئية سلبية ومن أجل تعميم أنظمة تحلية المياه بأسعار معقولة وصديقة للبيئة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل، يجب أن تكون الطاقة النظيفة متاحة ويجب وضع آليات مالية مبتكرة، كما يمكن أن تتطلب تحلية المياه طاقة حرارية وكهربائية، وهو ما يعني في العديد من المجالات أنها ستتسبب في انبعاثات كبيرة مرتبطة بالطاقة. علاوة على ذلك، فإن المياه المالحة الناتجة عن محطات تحلية المياه، ما لم تتم معالجتها بشكل صحيح، لها آثار ضارة على الحياة البحرية، في حين أن تكنولوجيا تحلية المياه في وضع جيد يؤهلها للعب دور رئيسي في تخفيف الفقر المائي في العديد من البلدان النامية، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تحتاج إلى الابتكار التكنولوجي والدعم التنظيمي على الرغم من التقدم التكنولوجي في السنوات الأخيرة، لا يزال استهلاك الطاقة يمثل ثلث إلى نصف إجمالي تكاليف تحلية المياه، لتقدر وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول عام 2040، سيكون 15٪ من إجمالي استهلاك الطاقة النهائي في منطقة الشرق الأوسط في تحلية المياه ومن الضروري أن نقوم بتسريع الأبحاث حول الابتكار التكنولوجي في أجهزة استعادة الطاقة، والمضخات عالية الضغط، وتصميم المبخر من أجل تقليل الطاقة اللازمة لتحلية المياه. علاوة على ذلك، فإن التكوينات الهجينة لتحلية المياه ودمج الطاقة المتجددة مع تحلية المياه توفر فرصًا عديدة لتعزيز الاستدامة البيئية لهذه التكنولوجيا. كما يرى ذات المتحدث، أن التكنولوجيا الدقيقة لا تزال تنقصنا ولكن إنجاز المحطات أصبح نجاحا جزائريا، ومدة الأشغال تقلصت منذ أن أصبحت المؤسسات الجزائرية تتكفل بها، ما قلص الفاتورة إلى 60% مقارنة بما كان عليه في السابق، خاصة مع تواجد الشريك الأجنبي، لتصبح اليوم المعاهد والجامعات الجزائرية تكوّن الإطارات والتقنيين والمتخصصين في هذا الميدان، فضلا عن خلق عدد هائل من مناصب الشغل وخلق ديناميكية اقتصادية محلية. وشدد الخبير على ضرورة العمل في إطار تحيين السياسة المائية للتكيف مع تغير المناخ بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع وربطها مع برامج القطاعات المتدخلة في مجال المياه، كقطاع الطاقات المتجددة وذلك من خلال التفكير في الاستفادة من الكهرباء الخضراء لتحلية مياه البحر. هناك حاجة إلى حلول جديدة لإدارة الموارد المائية من أجل مواجهة التحديات المتزايدة للأمن المائي وتجنب تفاقم الآثار السلبية على النظام البيئي، ومع نهاية 2024، ستوفر 42% من احتياجات المواطنين من المياه الصالحة للشرب، حتى أن هناك تحضير للمصادقة على 6 محطات أخرى وبهذا يكون ضمان توفير المياه الصالحة للشرب بنسبة 60% مع أفاق 2030، حيث تنعكس هذه الالتزامات على الجهود الكبيرة التي بُذلت، لاسيما من خلال دمج تغير المناخ في سياسات تنمية القطاعات الرئيسية للاقتصاد الوطني، في مقدمتها القطاع الفلاحي الذي يستهلك تقريبا 70% من إمكانات الجزائر المائية. إجراءات لمواجهة الجفاف وتوفير مياه الشرب في هذا الصدد، اتخذت إجراءات لمواجهة الجفاف وتوفير مياه الشرب للمواطن، من خلال برمجة وتفعيل مشاريع في إطار تشاركي بين كل القطاعات والمؤسسات المعنية بالماء، بإنجاز محطات تحلية مياه البحر في الجزائر استجابة لاستراتيجية الدولة في تجسيد الأمن المائي في البلاد منذ بداية برنامج تحلية مياه البحر سنة 2001 وهذا ليس جديدا على الجزائر، لتكون بهذا الأولى أفريقيا والثانية عربيا وتعتبر محطة المقطع بوهران الأكبر في أفريقيا و15 عالميا بقدرة إنتاجية تقدر بحوالي 500 ألف متر مكعب يوميا. وأفاد، أن مشاريع تحلية المياه لها تأثيرات بيئية خطيرة على الطاقة وغير مرتبطة بالطاقة، الأمر الذي يتطلب رقابة تنظيمية قوية وابتكارات تكنولوجية، خاصة فيما يتعلق بالتخلص من المياه المالحة. وبالنظر إلى المستقبل، ستظل تكنولوجيا تحلية المياه، خاصة التناضح العكسي الذي أثبت فعاليته، مصدرًا رئيسيًا للمياه العذبة في العديد من دول الشرق الأوسط، بالنسبة للعديد من البلدان النامية في آسيا وإفريقيا، ينبغي اعتبار تحلية المياه تكنولوجيا مرشحة لتوفير المياه العذبة للاستخدامات متنوعة ومتعددة. وتعد الابتكارات التكنولوجية والدعم التنظيمي المحركين الرئيسيين لمعالجة أكبر التحديات التي تواجه تحلية المياه، وهي الطلب على الطاقة وكفاءتها، والتمويل، والآثار البيئية تخزين الماء بدلاً من الكهرباء مبدأ التناضح العكسي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة، أنظمة الطاقة المتجددة هي حل مستدام وفعال في التناضح العكسي، يتم دفع المياه المالحة عبر غشاء شبه منفذ عند ضغط مرتفع، يجب أن يكون الضغط أكبر من الضغط الناتج عن ما يسمى بالرغبة الاسموزية لموازنة التركيز في التناضح العكسي، تكون الضغوط من 60 إلى 80 بار ضرورية لبناء هذا الضغط والحفاظ عليه بواسطة مضخات قوية، ما يتطلب الكثير من الكهرباء "نحتاج 2,5 إلى 3 كيلووات/ساعة من الكهرباء لتحلية متر مكعب من المياه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ضخ المياه من الساحل حتى ارتفاع 800 متر، على سبيل المثال هناك يتم تخزينها في الخزانات، وفي النهاية، سنستخدم 7 إلى 7,5 كيلوواط/ساعة من الكهرباء لتوفير متر مكعب واحد من المياه 600 ميجاوات ساعة استهلاك يومي. كما يستوجب أن تقوم محطة تحلية المياه بتوزيع متر مكعب واحد من المياه في الثانية ويتعين عليها إنتاج 86400 متر مكعب من المياه العذبة يوميا وضخها إلى ارتفاع 800 متر. ويتطلب ذلك ما بين 600 و650 ميجاوات ساعة من الكهرباء – يومًا بعد يوم، وهذا يتراوح بين 220 و237 جيجاوات ساعة سنويًا، لكن الأمر لا يقتصر على كمية الطاقة التي يجب توفيرها، إنها أيضًا الاستمرارية التي تحتاج إلى الطاقة. في الماضي القريب، أو حتى حاليا، فمحطات تحلية مياه البحر هذه تعمل بالوقود الأحفوري وهو ما يجب، بحسبه، أن يتغير، لأن تحول الطاقة يتطلب حلاًّ يمكن تشغيله بالكهرباء الخضراء، قائلا "إن استبدال محطات الطاقة الأحفورية بتوربينات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح ليس بهذه السهولة"، وإن محطات الطاقة الأحفورية توفر الكهرباء بشكل مستمر ويمكن تكييف التوليد حسب الطلب وهذا يختلف مع الطاقات المتجددة لأنها توفر الكهرباء اعتمادا على ما هو متاح بشكل طبيعي، ومن أجل ضمان إمدادات مياه ثابتة، فمن الضروري تخزينها. ويمكن القيام بذلك إما عن طريق تخزين الكهرباء أو عن طريق تخزين المياه. خزانات الجنوب تنقذ قطاع الفلاحة من شبح الجفاف أوضح عضو المجلس الوطني للمهندسين الزراعيين الجزائريين ورئيس السقايين بولاية قسنطينة، لبصير عبد الكريم، أن مسألة التغيرات المناخية وندرة الأمطار التي شهدتها الجزائر، على غرار كل دول العالم، دقت ناقوس الخطر حتى سارعت الدولة الى وضع استراتيجية وطنية للمياه، انطلاقا من سنة 2021 إلى 2030، وهذا عبر أربعة محاور أساسية، يأتي في مقدمتها محور تحلية مياه البحر كحل مستدام والذي سيضمن ما يعادل 60٪ من المياه على المستوى الوطني، ليليها تصفية المياه المستعملة حيث تملك الجزائر 200 محطة تصفية، ثم بعدها عملية تحويل المياه الجوفية، على غرار تمنراست وعين صالح على مسافة 750 كلم والذي كلف الدولة ميزانية قدرت بمليار دولار، ليأتي الحل الرابع والأخير ترشيد استهلاك المياه لدى المواطن والفلاح. وتحدث الخبير عن عملية التحويلات الكبرى عبر الخزانات الأربعة المتواجدة بالصحراء الجزائرية، حيث يتم تحويل 500 مليون متر مكعب سنويا بكل من أولاد ناموس بولاية بشار نحو كلا من مدينة القنادسة وسهل العبادلة، الى جانب التحويل الثاني بين ولاية غرداية باتجاه ولاية بسكرة، باتنة وبوسعادة. أما التحويل الثالث بين ولاية تيارتوغرداية باتجاه الجلفة، تيارت والمسيلة. وأخيرا تحويل من ولاية أدرار لولاية تندوف. مع سياسة رفع طاقة السدود من خلال ما أنجزته الجزائر منذ سنة 1962 وإلى غاية اليوم حوالي 80 سدا ولغاية 2030 سنصل إلى 95 سدا، زيادة عن إنجاز 300 سد مائي صغير، الى جانب حواجز مائية والموجهة للقطاع الفلاحي، فضلا عن الآبار الخاصة بالفلاح وكذا إمكانية استغلال مياه الوديان للسقي الفلاحي، وهي الاستراتجية التي ستمكن الجزائر من ضمان أمنها المائي ومنه الغذائي. أشار لبصير الى تواجد برنامج مليون هكتار أراضي مسقية في الصحراء الجزائرية، فضلا عن 95 سدا عملية بالشمال وستصل الجزائر لأكثر من مليون هكتار مسقي وهو ما سيغطي الأراضي الفلاحية المسقية وسيرفع الطاقة الإنتاجية للمحاصيل الفلاحية وبذلك تحقيق الأمن الغذائي، في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم. والجزائر من بين الدول التي أطلقت خططا واستراتيجيات مبكرة لعدم الوقوع في الندرة ونقص التزود بالمياه الصالحة للشرب وكذا تجنب تراجع المحصول الفلاحي، لاسيما منها الحبوب الشتوية حيث يستوجب تعديل المسار التقني وفق هذه التغيرات المناخية الجديدة التي يصعب توقعها وبذلك البحث عن بدائل أخرى، تتمثل في أصناف أخرى تقاوم الجفاف وهي العملية التي تقع على عاتق مهندسي معاهد تطوير البذور والنباتات بتطوير أصناف جديدة تقاوم الجفاف. وأضاف قائلا، "إن الفلاح الذي يملك 100 هكتار عليه أن لا يزرعها كلها حبوبا شتوية، إنما لابد من تنويع المنتوج حتى يضمن المحصول في حال عدم الحصول على كميات كافية من الأمطار". كما اقترح الخبير ضرورة تغيير توقيت حملة البذر والزرع والانطلاق مبكرا، حتى يتمكن من يستفيد من أمطار نهاية شهر أكتوبر وبداية نوفمبر. أما بخصوص الأراضي المحاذية للوديان وبقرار من رئيس الجمهورية، فقد سمح باستغلالها في سقي المحاصيل الفلاحية. ترشيد الاستهلاك ضمان لمستقبل آمن يرى المهتم بالشؤون الوطنية والدولية الأستاذ عبد الرحمان بوثلجة، أن مسألة تحقيق الأمن الغذائي هو أحد العوامل الرئيسية التي تضمن سيادة الدول واستقلال قرارها، في عالم أصبح الغذاء يستعمل كسلاح للضغط على الدول والتدخل في سياستها. وبلادنا تحاول، منذ مدة، تحقيق الأمن الغذائي، بل جعلته من المحاور الإستراتيجية الكبرى، إلى جانب الأمن الطاقوي وصحة المواطن، التي تعطى لها الأولوية والدعم، سواء فيما يخص الاستثمار أو البحث العلمي والتطوير. وبما أن الجزائر تقع في مكان في العالم يعتبر شبه جاف، وأغلب أراضيها صحراوية على شساعتها، يعتبر توفير المياه الصالحة للشرب والسقى أحد التحديات الكبرى لها، والحلول تكمن في عدة أشياء، أهمها ترشيد استهلاك المياه على كل الأصعدة، وحسن استغلال مياه الأمطار من خلال تهيئة السدود الموجودة وصيانتها، بالإضافة إلى تحلية مياه البحر وإنشاء سدود جديدة. وفي سبيل حل مشكلة قلة المياه الصالحة للشرب اعتمدت بلادنا تقنية تحلية مياه البحر، حيث أسديت تعليمات إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بفتح تكوينات في هذا المجال بهدف تكوين إطارات في هذا الميدان، الذي يعتبر من أولويات الحكومة الجزائرية، من أجل العمل في مختلف المحطات. كما تشجع الجامعات عن طريق البحوث العلمية في تطوير تكنولوجيا تحلية مياه البحر، لرفع المردود وخفض التكلفة، وقد تكون عملية استخراج المياه الجوفية خاصة في الصحراء هي إحدى الحلول، نظرا لأن هذه المناطق بعيدة جدا عن الساحل، واستصلاح الأراضي وتسخيرها للقطاع الزراعي يستلزم الكثير من مياه السقي. إن تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي، يستوجب إنتاج أضعاف ما ننتجه حاليا من المحاصيل الزراعية، خاصة القمح، ويتطلب هذا الكثير من الموارد المائية، وبالتالي يجب النظر إلى توفير مصادر مستدامة لمصادر الموارد المائية واستغلالها كأهم مقومات الوصول إلى تحقيق الأمن الغذائي. ومنه تسعى الجزائر لتحقيق أمنها المائي، إلى جانب أمنها الغذائي، تحسبا لأي تحديات أو أزمات مائية قد تقع فيها الجزائر، على غرار كافة بلدان العالم التي يهددها الجفاف، نظرا لظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، حيث عملت الجزائر منذ العشرية الأخيرة لأجل ضمان أكبر عدد من محطات تحلية مياه البحر لتكون بذلك ثاني دولة عربية بعد السعودية قصد تقليص الفارق وضمان مياه صالحة للشرب وللسقي على حد سواء، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية في آخر محطة له بهيئة الأممالمتحدة على أن التهديدات القادمة هي تهديدات المياه والتي تدخل ضمن حروب الجيل الخامس التي تعتمد على عنصر المياه كأول تحدي لها في إطار المنظومة الدولية مع ارتفاع نسبة النمو الديمغرافي. فالجزائر مقبلة على تحقيق المستوى النسبي لكل فرد من منسوب المياه الصالحة للشرب وهي استراتيجية كفيلة بأن تثمن في ظل التطورات والتهديدات العالمية.