أجمعت مختلف المصادر الدبلوماسية والإعلامية في الأيام الأخيرة وفي أكثر من عاصمة عالمية على تأكيد ما تردد في المدة الأخيرة عن تجاهل الإدارة الأمريكية الحالية الإشارة إلى فكرة الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية. واعتبر هؤلاء أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يشر علنا ولا تلميحا إلى المقترح المغربي لأنه لا يريد أن تفرض الرباط أمر واقع على الشعب الصحراوي دون تمكينه من تقرير مصيره بنفسه وكما أكدت على ذلك كل لوائح الاممالمتحدة. وعادت صحيفة "الباييس" الاسبانية إلى التأكيد على هذه الحقيقية في مقال مطول نشرته نهاية الأسبوع أشارت فيه نقلا عن مصادر دبلوماسية على صلة بملف هذا النزاع على أن الرئيس اوباما "تحاشي" الإشارة في رسالة وجهها مؤخرا إلى العاهل المغربي محمد السادس إلى مقترح "الحكم الذاتي" خلافا لما جرت عليه العادة خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي انحاز علنا إلى جانب المقاربة المغربية لضم الصحراء الغربية عبر حيلة مقترح "الحكم الذاتي". وكتبت "الباييس" ذات الانتشار والتأثير الواسعين في اسبانيا والعالم أن "اوباما تجنب في رسالته استحسان مقترح "الحكم الذاتي" بالصحراء الغربية على عكس سلفه جورج بوش الذي دأب في رسائله الموجهة الى العاهل المغربي خلال السنوات الأخيرة إلى تثمين فكرة الحكم الذاتي". وعززت "الباييس" تحليلها بتأكيد أن السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس لم تتطرق في أعقاب مصادقة مجلس الأمن الدولي نهاية شهر أفريل الماضي على اللائحة 1871 نهاية شهر أفريل الماضي إلى المقترح المغربي". يذكر أيضا أن رجل القانون الاسباني كارلوس رويز ميغل أكد قبل يومين أن الرئيس الأمريكي أوباما "يمارس حاليا ضغوطات" على المغرب لحمله على قبول "حل للنزاع في الصحراء الغربية يتماشى والشرعية الدولية. ولم يكن للموقف الأمريكي الجديد أن يمر هكذا دون أن يحدث زلزالا في أعلى هرم السلطة المغربية التي أصيبت بإرباك شامل بعد أن استقرأت معنى درجة التحول في موقف واشنطن تجاه موقفها من "أسطورة الصحراء المغربية" والتي بدأت تتهاوى تدريجيا بعد خمس وثلاثين سنة من الاحتلال. وعلى وقع الإرباك الذي أصاب الرباط استقبلت جبهة البوليزاريو وكل الشعب الصحراوي الموقف الأمريكي بكثير من التفاؤل عله يساهم في إنهاء حالة الإجحاف الذي عانى منه بسبب المواقف الفرنسية والاسبانية والأمريكية المنحازة إلى جانب المغرب خدمة لمصالحها الاقتصادية والعسكرية الظرفية على حساب قضية شعب بأكمله. وأعطت الصحيفة الاسبانية عدة دلائل على رجة الإرباك التي أصابت السلطات المغربية ومنها رفض الملك المغربي محمد السادس استقبال الموفد الاممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس في ثاني جولة له إلى المنطقة يوم 24 جوان الماضي بدعوى أنه كان متواجدا بمدينة وجدة بل أن الموفد الاممي لم يتمكن حتى من التحادث مع الوزير الأول المغربي" عباس الفاسي لأسباب لم تقنع حتى مختلف الصحف المغربية التي أبدت انشغالا متزايدا هي الأخرى من الموقف الأمريكي الجديد على المغرب. ولم تستبعد الصحيفة الاسبانية أن يكون لهذا الموقف ردود فعل في مدريد وأكدت أن "الدبلوماسية الاسبانية رأت في هذا الموقف بمثابة رسالة من الرئيس الأمريكي بأنه يريد أن يعطي للأمم المتحدة كامل الحرية في إتمام مهمتها لإنهاء هذا النزاع دون أن يحدد لها الطريق الذي يجب أن تسلكه. ولم تستبعد "الباييس" من جهة أخرى نقلا عن مصادر دبلوماسية اسبانية أن وجهة النظر التي سيطرحها كريستوفر على الطاولة لتسوية النزاع "لم يحددها بعد" ولكنها أكدت أنها سوف لن تخرج عن إطار "الأفكار التي سبق للموفد الأممي الأسبق جيمس بيكر أن عرضها على طرفي النزاع ". يذكر أن جيمس بيكر اعتمد على ثلاثة خيارات عقلانية لإنهاء النزاع وهي وضع الإقليم تحت سيادة مغربية لفترة انتقالية لمدة خمس سنوات تنتهي بإجراء استفتاء لتقرير المصير يتم من خلالها تخيير الناخبين الصحراويين بين الاستقلال إو الانضمام إلى المغرب أو البقاء ضمن حكم ذاتي موسع. ولكن الطرف المغربي رفض هذه المقترحات مما دفع به إلى تقديم استقالته بعد أن حمل الطرف المغربي مسوؤلية مباشرة في إفشال مهمته في الصحراء الغربية. للإشارة فإن الاجتماع غير الرسمي بين جبهة البوليزاريو والمغرب المقرر في نهاية الشهر الجاري بالعاصمة النمساوية سيجري في اطار مغاير للاجتماعات السابقة حيث ينتظر ان يحضره ممثلان عن كل طرف في جلسات غير مباشرة يتم خلالها بحث كل القضايا الخلافية تمهيدا للقاءات مباشرة.