ما عدا تنظيم سباق الجائزة الكبرى لرئيس الجمهورية ، فإن أبواب ميدان سباق الخيل بالخروبة ظلت مغلقة منذ سنة 1984، محوّلة بذلك هذه المنشأة الرياضية السياحية إلى فضاء مهجور. وقد وقفت "المساء" في زيارة لها لهذا الميدان على الوضعية المزرية التي آل إليها، وعلى الأشغال الجارية تحسبا لإعادة الروح والزوار إلى هذا الفضاء بعد سنوات من الإهمال. وقد سمحت الزيارة التي قامت بها "المساء" إلى ميدان سباق الخيل بالخروبة، بالوقوف على الوضعية التي آلت إليها هذه المنشأة ذات الطابع الرياضي والسياحي، بالإضافة إلى مدى تقدم أشغال التهيئة والترميم الجارية بالميدان وبالمرافق التابعة لها، والتي شهدت على مدار سنوات حالة من الإهمال والتدهور. فبعد خمسة أشهر من إعادة فتحه، عادت الروح لتدب من جديد إلى هذا الفضاء بعودة السباقات التي تقام أسبوعيا أيام الخميس ليعود معها عشاق هذا النوع من الرياضة الذين حرموا منها منذ سنة 1984، حيث أمرت السلطات العمومية بتوقيف نشاط هذه السباقات ووضعت الميدان تحت مسؤولية الديوان الوطني للحظائر والتسلية، إلاّ أن لا جديد يذكر بالنسبة للمرافق الأخرى التي تتوفر عليها هذه المنشأة باستثناء حالة التدهور الكبير الذي سجلناه على مستوى المسابح الثلاثة التي يعود تواجدها بهذا الميدان إلى سنوات بعيدة، وهي الحالة التي تنطبق على باقي المرافق. وكانت صدمتنا كبيرة عندما دخلنا إلى هذا الميدان الذي وجدناه في حالة متقدمة من التدهور، وقد تحوّل إلى فضاء هجره الناس بعد أن كان لسنوات مضت قبلة للعديد من العائلات وعشاق الطبيعة والرياضيين وهذا رغم موقعه المتميّز المطل على البحر والمناظر الطبيعية التي يهديها هذا المكان لزواره. والحقيقة أن خرجتنا إلى ميدان الخروبة كانت بغرض إجراء روبورتاج حول مدى إقبال المواطنين لاسيما العائلات على هذا الفضاء ونحن في فترة العطلة الصيفية، حيث يفضل المواطنون الخروج من بيوتهم بحثا عن جرعة هواء نقي والترفيه والاستجمام. وكنا نظن أننا سنجده مهيأ لاستقبال زبائنه خاصة أن إدارة شركة سباق الخيل والرهان المشترك كانت قد أعلنت إثر إعادة فتح الميدان في مارس الماضي، عن سلسلة من المشاريع تخص استحداث مرافق جديدة وترميم البعض الآخر، إضافة إلى بعض الإجراءات الجديدة التي تهدف جميعها إلى إعادة إحياء ميدان الخروبة، وبالتالي استقطاب أكبر عدد ممكن من الزوار لاسيما العائلات منهم وعشاق سباقات وهواة الفروسية، إلاّ أن الحقيقة التي وقفنا عليها كانت عكس كل التوقعات، حيث تفاجأنا بوضعية المسبح الذي يتوسط ميدان السباقات والذي يبدو وللوهلة الأولى وكأن زلزالا أصابه لنعلم بعد ذلك أنه تعرض لعملية تخريب من صنع يد الإنسان، حيث تمّ اقتلاع قطع البلاط وتخريب كل تجهيزات الحوض بصفة وحشية لا يتصورها العقل، علما أن ميدان سباق الخيل بالخروبة مجهز بعدة مرافق من بينها هذا المسبح ومسبحين آخرين مخصصين للأطفال وحتى الرضع. ومن الجهة الأخرى المقابلة للميدان، تطل علينا نافورة ماء بقيت لسنوات عديدة مهملة قبل أن يتم تصليحها من جديد بمناسبة إعادة فتح الميدان أمام السباقات في شهر مارس الماضي بعدما استرجعته وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ليصبح تحت وصايتها. وغير بعيد عن المسار الرملي الرائع المخصص لسباقات الخيل، توجد قاعتان للأفراح مجهزة بأكملها، وهي مستعدة لاحتضان الأفراح والمناسبات العائلية ولا تنتظر سوى اعتمادها ثم فتحها رسميا. ومن مشاريع الشركة كذلك، فتح مدرسة تكوين المدربين والمتسابقين، وقد تحصلت هذه الأخيرة على الموافقة المبدئية من شركات سباق الخيل بأوروبا لكي تستفيد من دورات تكوينية مجانية، الأمر الذي يعيد الأمل في إعادة بعث إنتاج وصناعة وسائل وتجهيزات الحصان وجعل من ميدان الخروبة مساحة تجارية يستغلها بالدرجة الأولى البطالون. وتعود روح المنافسة بعودة جائزة رئيس الجمهورية لم يكن بإمكاننا إيجاد أجوبة على استفساراتنا إلا بالتوجه نحو إدارة الشركة الوطنية للسباقات والرهان المشترك، حيث أكد لنا المدير العام السيد حاجي فريد الذي تم تعيينه شهر جانفي الماضي أنه صدم هو الآخر عندما اكتشف الوضعية المزرية التي آلت إليها المنشأة، موضحا أن مصالحه ومعها عمال الشركة أعلنوا التحدي وانطلقوا في أشغال التهيئة دون أي مؤسسة أو مقاول وهدفهم الوحيد هو إعادة المكانة والوجه اللائقين لهذا المكان الرياضي والسياحي والترفيهي المميز. وكانت أول خطوة عاد بها ميدان الخروبة لسباق الخيل إلى جو التنافس والفرجة -يضيف محدثنا- هو تنظيم منافسات جائزة رئيس الجمهورية لسباق الخيل التي احتضنها الميدان في جوان الماضي، لتتواصل بعد ذلك بسباقات الخيل التي تنظم كل يوم الخميس مسجلة بذلك عودة العائلات والزوار الذين استرجع معهم الميدان أياما جميلة غيبتها المشاكل والأزمات التي عرفها هذا الميدان طيلة سنوات. ورغم أن المهمة الأساسية لميدان الخروبة هي تنظيم السباقات الخاصة بالخيول بكل أنواعها الأسبوعية والدورية والسنوية وحتى الدولية، إلا أن الجانب الترفيهي والسياحي له مكانة خاصة في برنامج الشركة الوطنية لسباق الخيل والرهان المشترك، حيث وعد هذا الأخير بأيام جميلة تنتظر محبي هذا الفضا، إلا أنه لابد من وقت وأموال لتحقيق ذلك -حسب محدثنا- علما أن الأشغال جارية منذ فيفري الماضي لترميم وتهيئة مرافق عديدة من المنتظر أن يتم تسليمها تدريجيا خلال هذه السنة والسنة المقبلة 2010، وذكر من بينها المسبح الكبير الذي سيعاد فتحه أمام هواة السباحة بمجرد انتهاء أشغال ترميمه، بالإضافة إلى المسبحين الصغيرين التابعان له وذلك مع نهاية السنة الجارية. أما المطاعم الأربعة، فمن المنتظر هي الأخرى أن تفتح أبوابها لاستقبال الزبائن فور انتهاء إجراءات حق الاستغلال الخاصة بها، ومن المنتظر فتح الأظرف الخاصة بذلك قريبا. كما يتوفر الميدان على أربعة أكشاك هي الوحيدة التي تعمل حاليا رغم عدم تسوية ملف طريقة استغلالها، وهو القرار الذي اتخذته الإدارة قصد التكفل بخدمة العدد المحتشم للزوار الذين يتوافدون على المكان. وحسب السيد حاجي، فإن حدثا هاما سيحتضنه ميدان سباق الخيل للخروبة في سنة 2010، وهو الموعد الذي لابد أن تكون المنشأة جاهزة لاحتضانه، والمتمثل في سباق الجائزة المغاربية الكبرى لسباق الخيل التي تجري المشاورات حول الدول المشاركة لتحديد تاريخ إجرائها، علما أن الطبعة الأولى لهذه الجائزة أجريت خلال السنة الجارية في ليبيا، في حين ستحتضن تونس الطبعة الثالثة لهذا السباق سنة 2011 والمغرب سنة 2012 الطبعة الرابعة. ويبدو من خلال المشاريع المسطرة والخاصة بميدان سباق الخيل الخروبة، أن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية وبعد استرجاع وصايتها على هذه المنشأة التي تكتسي أهمية كبيرة لوقوعها في منطقة مؤهلة لجلب عشاق ومحبي هذه الرياضة، تسعى جديا إلى جعل من هذه الأخيرة مكانا سياحيا هاما بالعاصمة يعود بالفائدة على الرياضيين من هواة السباقات والركض والعائلات على حد سواء وبالدرجة الأولى إلى الشباب البطال، وهذا بعد 25 سنة من الغلق.