تعمل اللجنة الوطنية المكلَّفة بمراجعة قانون حماية التراث الثقافي، المنصبة مؤخرا، على دراسة ومناقشة مخرجات الجلسات الوطنية حول مراجعة المنظومة القانونية المتعلقة بحماية التراث الثقافي المنعقدة في 25 جانفي الفارط؛ حيث كلّفتها وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، بصياغة نص جديد يرتكز على تعديلات عميقة للقانون 98- 04، أو إصدار قانون تراث ثقافي جزائري جديد إذا تعدت التعديلات نسبة معيّنة من مواد القانون ساري المفعول. الوزيرة وهي تنصب اللجنة، أكدت ضرورة توظيف مخرجات الجلسات الوطنية، والتوصيات المنبثقة عنها، واحترام مطابقة النص القانوني مع النص الدستوري، لا سيما بعد دسترة التراث الثقافي في دستور 2020. كما دعت إلى ضبط المصطلحات القانونية بما فيها المفاهيم الجديدة المتعلقة بحماية وتثمين التراث الثقافي، مع إصدار قانون لحماية التراث الثقافي الجزائري يواكب التحديات والرهانات، وكذا تبسيط إجراءات تصنيف التراث الثقافي المادي وغير المادي، ناهيك عن تجسيد البعد الاقتصادي في استغلال التراث الثقافي، وتنفيذ الالتزامات الدولية للجزائر في مجال حفظ وحماية التراث الثقافي. اللجنة الوطنية المكلفة بمراجعة قانون حماية التراث الثقافي، تتشكل من مدير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية وتثمين التراث الثقافي بوزارة الثقافة والفنون عمار نوّارة رئيسا، بعضوية مدير الشؤون القانونية نبيل شرادي، ومديرة حفظ التراث الثقافي وترميمه نبيلة شرشالي، ومديرة الدراسات الاستشرافية والتوثيق والإعلام الآلي نوال دحماني، ومدير المركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ البروفيسور سليمان حاشي، فضلا عن المدير العام للديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية المحمية واستغلالها محمد حاج ميهوب سيدي موسى، ونائب مدير تثمين التعابير الثقافية التقليدية والشعبية عبد الرزاق بابا، وعضو المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين ميلود بن زردة، وأيضا المكلّف بالدراسات والتلخيص بالمديرية العامة للأرشيف الوطني محمد عباسي، والخبير الدولي في الآثار البروفيسور توفيق حموم، إلى جانب مدير الوكالة الموضوعاتية للبحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية البروفيسور يوسف عيبش، وأستاذ التعليم العالي بكلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية لجامعة وهران 1 البروفيسور محمد صاحبي، أضف إليهم الأستاذين المحاضرين بمعهد الآثار بجامعة الجزائر 2 الدكتورين محمد العرباوي وسليم عنان، والأستاذة المحاضرة بمعهد الهندسة المعمارية بجامعة البليدة الدكتورة سميرة حاو، والمحامية لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم. للتذكير، خرج المشاركون في الورشات الأربع المنظمة ضمن الجلسات الوطنية حول مراجعة القانون 98- 04، بعدد من التوصيات التي ستُدرج في مسار تعديل هذا القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي؛ حيث قدّموا اقتراحاتهم بما يتماشى مع المأمول من هذه الخطوة، التي تأتي 26 سنة بعد وضع هذا النص القانوني، على ضوء متغيرات عديدة على شتى المستويات. وتخص أولى الورشات الأربع "حماية التراث الثقافي غير المادي" . واقترح منشطوها ضبط مصطلحات الموروث الثقافي غير المادي بمختلف أشكاله، وإنشاء بنك معطيات ولائية للتراث الثقافي غير المادي، وتوحيد منهجية تصنيف وجرد الثرات الثقافي غير المادي في جميع المؤسسات العاملة في المجال، أضف إلى ذلك تنظيم مهرجانات خاصة بالتراث الثقافي المصنَّف ضمن التراث العالمي. واللجوء إلى القوانين الدولية عند غياب الغطاء القانوني الوطني، وإحداث آلية قانونية جديدة لتصنيف التراث الثقافي غير المادي وطنيا، وأخرى للحماية الفكرية للتراث الثقافي غير الماديو وأيضا توحيد منهجية تصنيف وجرد التراث الثقافي غير المادي في جميع المؤسسات العاملة في المجال. أما الورشة الثانية التي أُفردت ل"حماية الممتلكات الثقافية العقارية واستغلالها"، فدعت إلى توزيع قائمة الممتلكات الثقافية العقارية، وإعادة النظر في مفاهيمها في ظل مختلف المفاهيم والمصطلحات العلمية العالمية المتجددة، وإدماج الجماعات المحلية، وتفعيل دورها في الحفاظ على الممتلكات الثقافية العقارية، إلى جانب تبسيط إجراءات تصنيف الممتلكات الثقافية العقارية لتسريع عملية التصنيف، ووضع ميكانيزمات موحدة لإعداد ملفات التصنيف، وتسهيل عملية تصنيف الممتلكات الثقافية المقترحة من طرف المجتمع المدني، وكذا استحداث لجنة لإدارة المخاطر وتسيير الكوارث الطبيعية التي تتعرّض لها الممتلكات الثقافية العقارية، وإشراك مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي المتخصصة في التكوين، وإشراك المجتمع المدني في ما يتعلق بحمايه الممتلكات الثقافية العقارية وتثمينها، ناهيك عن إدراج التكنولوجيا الحديثة والرقمنة في إدارة الممتلكات الثقافية العقارية. وعلاوة على استحداث دفتر شروط خاص بتسيير عمليات البحث الأثري، دعا المجتمعون في الورشة الثالثة المخصصة ل "الأبحاث الأثرية" ، إلى تفعيل دراسة الجدوى لمختلف المشاريع؛ قصد تجنب المساس بالمواقع الأثرية، واستحداث علم الآثار الوقائي؛ كآلية لحماية التراث الثقافي المادي، مع إعادة النظر في المادة 78 من قانون 98- 04، لا سيما في المجال المتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة، واستحداث مكاتب دراسات خاصة بالبحث الأثري. "حماية الممتلكات الثقافية المنقولة" كان صلب الورشة الرابعة. وأثار فيها الخبراء والمختصون عددا من النقاط؛ أهمها ضبط مصطلحات الممتلكات الثقافية المنقولة، وضبط آليات حركة هذه الممتلكات، وضبط البروتوكول الخاص بإجراء الخبرة عليها، واعتماد قائمه للخبراء المتدخلين، وإيجاد آليات تحديد القيم المالية المتعلقة بها، ومراجعة العقوبات المتعلقة بالمساس بالممتلكات الثقافية، إضافة إلى تفعيل آليات التعويض المالي لمكتشفي الممتلكات الثقافية، وضبط ممارسات وتدخلات الجمعيات الناشطة في مجال التراث الثقافي، وإعادة النظر في ما يتعلق بسوق الفن، وإدراج مصطلحات خاصه بالأرشيف، وإدراج نص قانوني في ما يخص التحف المقلّدة، واسترجاع آلية الصندوق الوطني للتراث، واستخدامه في تمويل عمليات استرجاع الممتلكات الثقافية من الخارج.