خرج المشاركون في الورشات الأربع المنظمة ضمن الجلسات الوطنية حول مراجعة قانون 98-04، بعدد من التوصيات التي ستدرَج في مسار تعديل هذا القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي؛ حيث قدّموا اقتراحاتهم بما يتماشى مع المأمول من هذه الخطوة التي تأتي بعد 26 سنة من وضع هذا النص القانوني على ضوء متغيرات عديدة على شتى المستويات. وسينكبّ فوج عمل متعدد القطاعات وعدد من الخبراء، على دراستها؛ قصد صياغة مقترح النص المعدّل للقانون 98-04، والنصوص التطبيقية المتعلقة به. تخص أولى الورشات الأربع "حماية التراث الثقافي غير المادي". واقترح منشطوها ضبط مصطلحات الموروث الثقافي غير المادي بمختلف أشكاله، وإنشاء بنك معطيات ولائية للتراث الثقافي غير المادي، وتوحيد منهجية تصنيف وجرد الثرات الثقافي غير المادي في جميع المؤسسات العاملة في المجال. أضف إلى ذلك تنظيم مهرجانات خاصة بالتراث الثقافي المصنف ضمن التراث العالمي، واللجوء إلى القوانين الدولية عند غياب الغطاء القانوني الوطني، وإحداث آلية قانونية جديدة لتصنيف التراث الثقافي غير المادي وطنيا، وأخرى للحماية الفكرية للتراث الثقافي غير المادي، وأيضا توحيد منهجية تصنيف وجرد التراث الثقافي غير المادي في جميع المؤسسات العاملة في المجال. أما الورشة الثانية التي أُفردت ل"حماية الممتلكات الثقافية العقارية واستغلالها"، فدعت إلى توزيع قائمة الممتلكات الثقافية العقارية، وإعادة النظر في مفاهيمها في ظل مختلف المفاهيم والمصطلحات العلمية العالمية المتجددة، وإدماج الجماعات المحلية، وتفعيل دورها في الحفاظ على الممتلكات الثقافية العقارية، إلى جانب تبسيط اجراءات تصنيف الممتلكات الثقافية العقارية لتسريع عملية التصنيف، ووضع ميكانيزمات موحّدة لإعداد ملفات التصنيف، وتسهيل عملية تصنيف الممتلكات الثقافية المقترحة من طرف المجتمع المدني، وكذا استحداث لجنة لإدارة المخاطر وتسيير الكوارث الطبيعية التي تتعرّض لها الممتلكات الثقافية العقارية، وإشراك مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي المتخصصة في التكوين، وإشراك المجتمع المدني في ما يتعلق بحمايه الممتلكات الثقافية العقارية وتثمينها، ناهيك عن إدراج التكنولوجيا الحديثة والرقمنة في إدارة الممتلكات الثقافية العقارية. وعلاوة على استحداث دفتر شروط خاص بتسيير عمليات البحث الأثري، دعا المجتمعون في الورشة الثالثة المخصصة ل«الأبحاث الأثرية" ، إلى تفعيل دراسة جدوى مختلف المشاريع؛ قصد تجنّب المساس بالمواقع الأثرية، واستحداث علم الآثار الوقائي كآلية لحماية التراث الثقافي المادي، مع إعادة النظر في المادة 78 من قانون 98-04، لا سيما في المجال المتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة، وأيضا استحداث مكاتب دراسات خاصة بالبحث الأثري. «حماية الممتلكات الثقافية المنقولة" كانت صلب الورشة الرابعة. وأثار فيها الخبراء والمختصون عددا من النقاط، أهمها ضبط مصطلحات الممتلكات الثقافية المنقولة، وضبط آليات حركة هذه الممتلكات، وضبط البروتوكول خاص بإجراء الخبرة عليها، واعتماد قائمه للخبراء المتدخلين، وإيجاد آليات تحديد القيم المالية المتعلقة بها، ومراجعة العقوبات المتعلقة بالمساس بالممتلكات الثقافية، إضافة إلى تفعيل آليات التعويض المالي لمكتشفي الممتلكات الثقافية، وضبط ممارسات وتدخلات الجمعيات الناشطة في مجال التراث الثقافي، وإعادة النظر في ما يتعلق بسوق الفن، وأيضا إدراج مصطلحات خاصه بالأرشيف، وإدراج نصّ قانوني في ما يخص التحف المقلدة، واسترجاع آلية الصندوق الوطني للتراث، واستخدامه في تمويل عمليات استرجاع الممتلكات الثقافية من الخارج. للإشارة، تميزت الجلسات بتقديم مداخلات من خبراء في مجال حماية التراث الثقافي؛ حيث تحدّث الخبير الدولي البروفيسور يوسف عيبش (مدير الوكالة الموضوعاتية للبحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية)، عن "التراث الثقافي في الجزائر، التحديات والآفاق". واستعرض الخبير الدولي التونسي فوزي محفوظ، تجربة "مجلة حماية التراث التونسية". وتناولت السيدة نادية قيراط (مديرة الدراسات والبحث بالمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة)، موضوع "مكانة التراث الثقافي في الدراسات الاستراتيجية"، فيما أثارت الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم (محامية لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة)، مسألة "الوسائل القانونية لاسترجاع الممتلكات الثقافية المنهوبة خلال فترات الاستعمار".