❊ أمريكا تتحمّل مسؤولية استمرار المجازر الصهيونية ❊ الجزائر لن تترك فلسطين تناضل لوحدها ❊ دول عظمى أعادت حساباتها ورجّحت مواقفها لصالح مشروع قرار الجزائر أجمع خبراء على أهمية ووقع الكلمة التي ألقاها مندوب الجزائر لدى منظمة الأممالمتحدة عمار بن جامع، أول أمس، على المحفل الدولي، والذي تأسف من خلالها لاستعمال الولاياتالمتحدةالأمريكية حقّ الفيتو لإجهاض مشروع قرار الجزائر لوقف إطلاق النار في غزة، لتسقط بذلك واشنطن في مستنقع يصعب الخروج منه، كونها تتحمّل مسؤولية استمرار المجازر الصهيونية المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني. قال المحلّل السياسي مصطفى بورزامة في اتصال مع "المساء"، أمس، إن كلمة مندوب الجزائر لدى الأممالمتحدة، هي بمثابة ردّ على حقّ الفيتو الأمريكي والمجتمع الدولي الذي التزم الصمت بشكل غير مسبوق، في الوقت الذي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني جميع أنواع الجرائم والمجاعة أمام أعين الكاميرات والعالم. وأضاف بورزامة أنه من خلال الرسائل التي بعثها على مستوى مجلس الأمن، فإن مندوب الجزائر يحمّل المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة جدا، خاصة عندما ختم كلمته بالقول "سندفن شهداءنا، والجزائر ستعود غدا، باسم الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم"، مشيرا إلى أن هذه العبارة نابعة من رسالة الشهداء والمجاهدين، بالنظر لما عاشته الجزائر من جرائم القتل والتهجير وسياسة الأرض المحروقة خلال فترة الاستعمار، إذ بعد مدة من الزمن ومنذ 1830 عاد الشعب الجزائري لطرد المستعمر. كما أوضح المحلّل السياسي أن سفير الجزائر لدى الأممالمتحدة أراد بذلك أن يبعث برسالة مفادها أن الجزائر لن تترك فلسطين لوحدها وسوف تناضل وتعود بالقضية كلما سنحت الفرصة بذلك. وأشار إلى أن كل الدول العظمى ورغم تعاطفها في البداية مع الكيان الصهيوني، إلا أنها رجّحت كفتها في الأخير لصالح مشروع قرار الجزائر وأعادت حساباتها، لأن ما تقدّمه الجزائر متوازن ومنطقي جدا وهو بمثابة دفاع عن شعب مظلوم انتهكت كل حقوقه وجُرّبت فيه جميع أنواع الجرائم . وإذ أكد أن الجزائر ومن خلال كلمة سفيرها، تكون قد حمّلت المجتمع الدولي وخاصة الولاياتالمتحدة وكل من يحذو حذوها، مسؤولية الجرائم ضد الفلسطينيين، إلا أن بورزامة أوضح أن الأمر ليس بيد الجزائر التي هي دائما مع فلسطين ظالمة أو مظلومة مثلما قال الرئيس الراحل هواري بومدين، وجدّد عبارتها الرئيس تبون على المستوى الدولي والإقليمي. وعليه يرى محدثنا أن هناك حركية دبلوماسية غير مسبوقة وغير عادية منذ اعتلاء رئيس الجمهورية الحكم، الذي لا يفتأ أن يتكلّم في كل مرة في خطاباته عن القضية الفلسطينية والتي عكستها الكلمة القوية التي ألقاها ممثل الجزائر على مسمع ومرأى الدول في العالم، في حين توقّع أن تعرف الأيام القادمة حركية دبلوماسية قوية جدا رغم العراقيل التي ستصطدم بها، خاصة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تدعّم الكيان الصهيوني. من جهته، قال المحلل السياسي موسى بودهان في اتصال مع "المساء"، إن الجزائر لن يثنيها حقّ النقض الأمريكي غير المحسوب العواقب، مضيفا أن ممثل الجزائر كان صريحا وواضحا وقدّم خطابا قويا، من شأنه أن يبعث الأمل والتفاؤل ويبعد اليأس والفشل تماما. وأوضح أن الجزائر ستبقى تتردّد على هذا المجلس وتناضل من أجل القضايا العادلة وإيقاف هذه الحرب الظالمة الآثمة على الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أنه أمامنا الآن فرص أخرى، على غرار محكمة العدل الدولية التي ستؤكد على ضرورة تنفيذ الإجراءات والتدابير التي أصدرتها قبل أسابيع لمحاسبة الكيان الصهيوني. وأضاف أن الأمل مازال قائما في أحرار العالم، من خلال تكثيف دعاواهم على مستوى المحكمة الجنائية الدولية وإرفاق ذلك بملفات ودلائل عما يرتكبه الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، مستطردا بالقول "الفيتو الأمريكي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون له آثار نفسية بالنسبة لنا كجزائريين ..لا يمكننا أن نفشل أو نتردد وهذا قد يزيدنا قوة واجتهادا، لأنه ما ضاع حقّ وراءه طالب". بالرغم من "الفيتو" الأمريكي على مشروع قرار وقف إطلاق النّار.. الجزائر لن تكل ولن تمل لوقف محنة الفلسطينيين أكدت الجزائر أن الانتكاسة الجديدة التي شهدها العالم مرة أخرى أول أمس، بمجلس الأمن الدولي، إثر استخدام الولاياتالمتحدة حق "الفيتو" في وجه وقف إبادة جماعية هي الأخطر في تاريخ فلسطين المحتلّة، لن تنقص من عزيمتها في العودة مرة تلو الأخرى، ودق باب المجلس حتى يتحمّل مسؤولياته ويطالب بوقف إطلاق النّار بغزّة. فقد نجحت الجزائر في الحصول على التفاف واسع حول مشروع قرارها المطالب بوقف إطلاق النّار، من خلال التصويت شبه الكلي لأعضاء مجلس الأمن عليه، قبل أن تستخدم واشنطن حق النّقض والذي أعربت الجزائر عن أسفها حياله، مؤكدة أنه لن يحول دون مواصلتها حتى يتحمّل المجلس مسؤولياته بالدعوة إلى وقف إطلاق النّار. ويشهد للجزائر أنها استهلّت ولايتها في مجلس الأمن الدولي، بالدفاع عن القضية الفلسطينية وفضح مجازر الاحتلال الصهيوني الذي يرتكب إبادة جماعية يوميا منذ أزيد من أربعة أشهر، حيث أكدت التزامها بالدفاع عن أصوات المقهورين مثلما أعلنت عن ذلك في أكثر من مناسبة، ولن تكون هذه المرة استثناء لهذه السياسة، بل ستزيد عزيمتها وإصرارها من أجل إحقاق الحق حسبما أكده أول أمس، الممثل الدائم للجزائر لدى منظمة الأممالمتحدة عمار بن جامع، أمام مجلس الأمن. وفي تعقيبه عن حق النّقض "الفيتو" الذي رفعته الولاياتالمتحدة، ضد مشروع القرار الجزائري أعرب بن جامع، عن أسفه لقرار الرفض، مؤكدا بأن "الجزائر لن تتوقف حتى يتحمّل هذا المجلس كامل مسؤولياته ويدعو لوقف إطلاق النّار". ومن خلال تصريحات الديبلوماسي الجزائري، تأكد للعالم وللفلسطينيين بالخصوص على أن الاعتراض على مشروع قرار الجزائر، وخذلان مجلس الأمن لشعوب العالم في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وفي وضع حد للظلم المسلّط عليه، لن يعفي مجلس الأمن من القيام بمسؤولياته، ولن يعفي المجموعة الدولية من واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل، ولا يعفي سلطات الاحتلال من واجب تنفيذ التدابير التحفّظية لمحكمة العدل الدولية. وبعد فشله أمس، وتفويته فرصة ثمينة لوقف سفك دماء الفلسطينيين، يكون مجلس الأمن حكم عليهم بالموت وأعطى الضوء الأخضر للاحتلال لمواصلة جرائمه وإبادته الجماعية بحقهم. فكيف يُعقل أن يعيش العالم رغم وجود منظمات دولية وإقليمية تدافع عن حق الشعوب في الحرية وفي تقرير المصير والعيش بكرامة، مثل هذه المأساة التي تظل فظاعتها نقطة سوداء في ذاكرة شعوب العالم لوقت طويل. دعوات للانخراط في جهود وقف إطلاق النّار إن الجزائر التي لطالما عملت جاهدة لوضع القضية الفلسطينية في أعلى سلّم الأولويات الدولية، ستواصل باعتبارها ممثل المجموعة العربية والإفريقية بمجلس الأمن الدولي، مرافعاتها من أجل إنصاف القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وستعود من أجل دق أبواب مجلس الأمن والمطالبة بوقف حمام الدم في فلسطين. وناشد بن جامع، بالمناسبة كل من يعرقل وقف إطلاق النّار، بأن "يراجع حساباته لأن القرارات الخاطئة اليوم ستحسم نتائجها غدا، بالعنف وعدم الاستقرار". وفي اليوم ذاته الذي عرض فيه مشروع القرار الجزائري بمجلس الأمن، دوّت كلمة الجزائر أمام محكمة العدل الدولية، أكدت فيها تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية السيّد عبد المجيد تبون على أهمية الامتثال للقوانين الدولية المتعلقة بالاحتلال وفرض احترامها. كما طالبت بالعدالة للشعب الفلسطيني. وسبق أن عملت الجزائر منذ تبوئها مقعدا كعضو غير دائم في مجلس الأمن في الفاتح جانفي الفارط، من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، فبمبادرة من الجزائر اعتمد أعضاء مجلس الأمن الدولي نهاية جانفي الماضي، بالإجماع مشروع بيان صحفي بادرت به البعثة الدائمة للجزائر بنيويورك، يشدد على الحاجة الملحة لتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين بغزّة، في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة جراء العدوان الغاشم للمحتل الصهيوني.