من جباليا شمالا إلى رفح جنوبا مرورا بوسط قطاع غزة وغربه، لا يزال نفس المشهد الدامي يتكرّر منذ 165 يوم من قصف صهيوني همجي ازداد كثافة في اليومين الأخيرين باستهداف ممنهج للمنازل والمدنيين العزل والنازحين خاصة في رفح ويخلف مئات الشهداء والجرحى والمفقودين ضمن فصول جريمة إبادة جماعية متواصلة راح ضحيته لحد الساعة ما لا يقل عن 31 ألف و819 شهيد وقرابة 74 ألف جريح منذ السابع أكتوبر الماضي. ففي اتصال، أمس، مع "المساء"، أكد رئيس بلدية رفح الفلسطينية، أحمد الصوفي، أن سكان المدينة التي تعج بأكثر من مليون و400 ألف نازح استيقظوا على وقع جريمة جديدة اقترفها جيش الاحتلال بقصفه ليلة الاثنين إلى الثلاثاء أربعة منازل راح ضحيتها ما لا يقل عن 15 شهيدا غالبيتهم من الأطفال والنساء. وقال إن طائرات الاحتلال الحربية قصفت منازل المواطنين الآمين وهم نيام قبل ساعات السحور ليصبحوا جثثا هامدة في تاسع أيام رمضان المبارك في جريمة أخرى تضاف إلى سجل هذا الكيان الغاشم الأسود والمثقل بالفظائع التي يندى لها جبين الإنسانية. من جهتها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان أمس، أن القصف العنيف الذي يشنّه الاحتلال الصهيوني على مدينة رفح، يعد بداية جدية لتوسيع جرائمه فيها رغم وجود أكثر من مليون نازح هناك دون إعطاء أي اعتبار لحياتهم. وأبرزت الخارجية الفلسطينية أن الكيان الصهيوني بدأ ب"تدمير رفح بشكل يومي وبطريقة منهجية عبر الاعتداءات المتكرّرة على المنازل وقصفها وسقوط عشرات الشهداء والجرحى"، مشيرة إلى أنه "بدأ عدوانه على مدينة رفح ولم ينتظر إذنا من أحد ولم يعلن ذلك تجنبا لردود الفعل الدولية"، وأكدت أن هذا التصعيد هو استخفاف رسمي من قبل الاحتلال الصهيوني بالمطالب الدولية الداعية إلى حماية النازحين وتأمين كامل احتياجاتهم الإنسانية. وبنفس وتيرة التصعيد تواصل قوات الاحتلال حربها الجنونية على القطاع، حيث استشهد، أمس، 15 فلسطينيا في قصف استهدف منزلا لعائلة وسط مدينة غزة بالتزامن مع غارات عنيفة استهدفت عدة مناطق من المدينة خاصة حي الرمال والشاطئ والنصر والشيخ رضوان من دون أن يتم تحديد ضحاياها في حينه. وبينما تواصل القصف المدفعي والجوي الصهيوني على مناطق بمحيط مستشفى "الشفاء" الطبي في مدينة غزة، ارتقت شهيدة وأصيب مواطنون في قصف إسرائيلي استهدف شققًا سكنية عند مفترق السامر بالمدينة، في حين استهدف قصف مدفعي عنيف منازل ببرج البكري ومسجد أبو حصيرة غرب غزة. وعلى إثر استمرار مجازر المحتل الصهيوني أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن تكثيف العدو الصهيوني من قصفه الوحشي على منازل المدنيين الآمنين في الساعات الأخيرة خاصة في رفح وغزة وجباليا والتي أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى يعكس حالة التخبط التي يعيشها العدو الصهيوني، ومحاولاته استخدام التصعيد كأوراق ضغط سياسية. وقالت في بيان تسلمت "المساء" نسخة منه إن "هستيريا القتل والتدمير التي يُمارسها الاحتلال الصهيوني بحق المدنيين في القطاع والتي بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة بالقصف الوحشي الكثيف على منازل المدنيين الآمنين، واقتحام مجمّع الشفاء الطبي ومواصلة حرب التجويع ضد شعبنا، يؤكد على أن هذا العدو الصهيوني يسعى لاستخدام المدنيين كورقة مساومة في ضوء فشله الميداني الذريع في تحقيق أي انجاز عسكري، ونتيجة حالة التفكك والتخبط والاستنزاف الكبير لجنود الاحتلال على أرض المعركة، وعدم وجود أي رؤية أو أفق للهروب من مستنقع غزة". أعدم 50 فلسطينيا واعتقل 200 آخرين.. الاحتلال الصهيوني يقر بارتكاب مجزرة دامية بمجمع "الشفاء" أقر جيش الاحتلال الصهيوني، أمس، بارتكابه مجزرة دامية، خلال اقتحامه مجددا مجمع "الشفاء" الطبي في مدينة غزة واستهدافه المناطق المحيطة به، بإعدامه لأكثر من 50 مدنيا فلسطينيا واعتقال قرابة 200 آخرين، في جريمة حرب واضحة وانتهاك فاضح للقانون الدولي الذي تواصل اسرائيل الدوس عليه امام انظار العالم. أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال الصهيوني اعترف بارتكابه لهذه المجزرة في نفس الوقت الذي تلقى فيه المكتب معلومات ميدانية عن إعدام جيش الاحتلال لعدد من الأطفال والمدنيين والمرضى والنازحين خلال اقتحامه منذ أول أمس لمجمع "الشفاء" الطبي بمدينة غزة. وقال إنه شارك في عملية اقتحام المستشفى المئات من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والكلاب البوليسية وعشرات الدبابات والطائرات المُسيّرة والطائرات المروحية، وأطلقوا النار والقذائف والصواريخ بكثافة داخل المجمع الطبي تجاه المرضى والنازحين والمدنيين الأمر الذي أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 250 مدنيا كما أحرقوا بعض المرافق داخل المستشفى. وأدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأشد العبارات ارتكاب الاحتلال للمجزرة الدامية في مجمع "الشفاء" الطبي واقتحامه مجددا في مخالفة صريحة وفظيعة لكل الأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية، محملا هذا الكيان المحتل والإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة المروعة التي سبق وحذر منها منذ الساعات الاولى لاقتحام قوات الاحتلال للمشفى. وطالب المنظمات الأممية والدولية وكل دول العالم الحر بالتَّدخل الفوري والعاجل لوقف حرب الإبادة الجماعية ووقف العدوان على قطاع غزة والذي يستهدف المدنيين والأطفال والنساء تحديدا، كما طالب كل المؤسسات ذات العلاقة بالقطاع الصحي إلى إدانة هذه الجرائم المتسلسلة التي يرتكبها الاحتلال بحق المستشفيات والمؤسسات الصحية والرامية إلى القضاء تماماً على القطاع الصحي. وكانت وزارة الصحة في غزة، أكدت من أن المرضى والطواقم الطبية المحتجزين بمجمع الشفاء الطبي يواصلون صيامهم لليوم الثاني على التوالي دون إفطار لعدم توفر الماء والطعام نتيجة حصارهم من قبل قوات الاحتلال، وناشدت كافة المؤسسات الأممية ايقاف هذه الجرائم ضد المرضى والجرحى والطواقم الطبية داخل المستشفى. من جانبها، أكدت حركة المقاومة الاسلامية "حماس"، في بيان لها، أن استمرار العدوان الصهيوني على مجمع "الشفاء" الطبي والمنطقة المحيطة به عبر استهدافه المتكرر لمنازل المواطنين بما أدى لارتقاء عشرات الشهداء هو "محاولة صهيونية للتغطية على إخفاقه في تحقيق أي من أهدافه العسكرية التي أعلن عنها، باستثناء استمراره باستهداف المدنيين الآمنين تنفيذاً لمخططه المعلن بتهجير أبناء شعبنا عن أرضهم". وبينما حذرت من الاستمرار في استهداف المدنيين والمراكز الطبية المحميّة بالقانون الدولي، دعت "حماس" جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والأمم المتحدة الى التحرك الجاد والعاجل لوقف المجزرة الصهيونية المستمرة ضد مستشفى الشفاء والأطفال والمدنيين العزّل الذين يتعرّضون للتجويع والإبادة على أيدي النازيين الجدد من الصهاينة المحتلّين.