تنافس السهرات والمنوّعات الفنية التي تبث على القنوات، أعتى المسلسلات الدرامية؛ حيث تسجّل أعلى نسب مشاهدة، وغالبيتها لا تتراجع خلال مواسمها الرمضانية، بل يزداد المتابعون من داخل وخارج الوطن، مستقبلة ألمع نجوم الغناء والتمثيل؛ في أجواء ساهرة، ملؤها اللحن، والشعر، وفسحات من الكوميديا. حققت السهرات الفنية التلفزيونية الرمضانية، الحضور بتمكّن وجدارة بعيدا عن الضوضاء والمنافسة السطحية، مراعية كل الحدود والمضامين التي تمكّنها من دخول بيوت الجزائريين، وغالبا ما تجد في كل موسم العائلات في انتظارها، والترحيب بجديدها المبتكر بعيدا عن التكرار والرتابة، وببصمة جزائرية، بعيدة كلّ البعد عن أيّ تقليد. نجاح ورواج هذه السهرات بدا واضحا ومثمَّنا أيضا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وربما أكثر أحيانا مما تسوّقه المسلسلات الدرامية؛ فالجلسات الفنية التي جمعت الفنون والمعارف والتاريخ والعادات والتقاليد والحكايات، ليس أغنى منها، وذلك في مشهد جذّاب، تنشيط راق ومتجدّد صنع نجوما من طراز آخر. ومن السهرات التي لاقت الإقبال من طرف العائلات الجزائرية، برنامج "السهرة مع أنيسة شايب" على قناة "البلاد" ، والذي حقّق الاكتساح، وهو امتداد لبرنامج "سهرانين" على نفس القناة، والذي شهد، بدوره، نجاحا لعدّة مواسم. وتجتمع في "السهرة" كل الفنون والوجوه، وغالبا ما يجري فيها السجال والجدال، وتثار فيها مواضيع تمتدّ للرأي العام، بل أحيانا تصفى فيها بعض النزاعات بين الفنانين والمؤثرين وغيرهم. وما لوحظ خلال هذا الموسم عودة الفنان الفكاهي شعبون إلى الحصة بعد طول غياب؛ ما كان سببا في رواجها، علما أنّ له هو أيضا، نصيبا من التنشيط، ويألفه كلّ الفنانين، ويتفاعلون معه بعفوية، علما أن بعض الدردشات تحمل قيما جمالية واجتماعية راقية رغم الإطار الفكاهي الذي توضع فيه. ومن السهرات الراقية التي دخلت هذا الموسم على التلفزيون العمومي، "سهرتنا على الأولى" مع منى لعواد، وهي منوّعة، تتجه نحو تثمين التراث، خاصة في الديكور، واللباس. وتستضيف فنانين؛ من كل روض زهرة في كامل الرقي والتألق، لتكون من بين الأوائل في السهرات الرمضانية على المباشر، مع الإشارة إلى أن السيدة منى كان لها تجربتها في "لمّة رمضان" سنة 2013، البرنامج الفني، الذي عكس الكثير من العادات والتقاليد الجزائرية الأصيلة من لباس تقليدي من كلّ ولايات الوطن باختلاف تراثها، إضافة إلى المطبخ الجزائري، وحلوياتنا التقليدية، ومختلف أنواع الموسيقى الجزائرية التراثية للتعريف بتراثنا المادي وغير المادي. وكذلك كانت الحال مع برنامج "ما أحلى ذا العشية! " ؛ ما أكسب المنشطة الخبرة في هذا النوع من السهرات الفنية. ومن السهرات الناجحة عبر مواسمها المتتالية، برنامج "سهرتنا" مع شهيناز بقاح على التلفزيون العمومي، التي قالت في ومضته الإشهارية إنه لمة وفرجة، خاصة أن الفنان حميد عاشوري سيقاسمها التنشيط كالعادة؛ من خلال استقبال الممثلين والمطربين في جوّ فكاهي ممتع وخفيف، زادته حلاوة الطبوع الجزائرية المغناة. ومن بين حلقاته الناجحة الحلقة التي استقبلت الفنانة ريم تاكوشت. ومن المنوعات التي استمرت لسنوات طويلة وامتدّ نجاحها خارج حدود الوطن، برنامج "قعدتنا جزائرية" على "سميرة تي في" ؛ حيث يجتمع التراث، والحرف، والتقاليد، والشعر، واللباس، والطبخ، والموسيقى، والبوقالات، في "وسط الدار" مع ألمع النجوم، علما أن الحصة بها فقرتان رئيستان، لكليهما برنامجها وضيوفها، ومنها القارة؛ مثل الحكواتية نعيمة، التي تقتني في كلّ سهرة حكاية من التراث الشعبي بأدائها المسرحي الرائع. كما أطلّ خلال هذا الموسم الشاعر المعروف ياسين أوعابد بعد طول غياب (بسبب المرض) حاملا قصائده التي لا يملّ المشاهد من سماعها. كما استقبلت المنشطة منال غربي خلال هذا الموسم أيضا، "الفقيرات" اللواتي جئنها من مدينة عنابة، متحدّثات عن تاريخ هذا الفن المنتشر في منطقة الشرق الجزائري، وقد قدّمن مختارات من المديح بمناسبة رمضان الكريم. كما استقبلت السهرات فنانات مخضرمات، تحدّثن عن تجاربهن مع كبار المخرجين والفنانين، منهم نوال زعتر وعايدة كشود وكذا المطربة فلة، التي استعرضت ذكريات عائلتها الفنية من والدها عبابسة إلى أخي جدتها الحاج منور. وضيوف آخرون دخلوا بلاطو هذا الموسم؛ منهم حميدو، والشابة يمينة، وبهية راشدي، ورضا دوماز ولالة بادي في التندي، وغيرهم كثير. وظلّت الحصة تحرص على حضور الضيوف والطبوع والممثلين من كل أرجاء الجزائر؛ لذلك نجد الطبع القبائلي والعاصمي والشاوي والصحراوي والوهراني، ناهيك عن الحوزي والشعبي والأندلسي؛ حيث ترافق منال ضيوفها في أدائه. برنامج آخر قار على التلفزيون الجزائري مختصّ في التراث الموسيقي الأندلسي في الجزائر، وهو "جاركا" للفنانة ليلى بورصالي، الذي يواصل خلال هذا الشهر، تقديم كنوز التراث الجزائري، الذي يتابَع، أيضا، خارج الوطن، مركزا أكثر على المديح. كما استضافت ليلى بورصالي عدّة فنانين خلال هذا الموسم، منهم سمير العاصمي، وكريمة الصغيرة.