أكد مشاركون في أشغال الملتقى الوطني الرابع حول "التعمير البشري عبر العصور بمنطقة الزيبان"، الذي تحتضنته دار الثقافة "أحمد رضا حوحو" ببسكرة، على "ضرورة اعتماد التكنولوجيا والرقمنة للحفاظ على التراث الثقافي". أبرز في هذا السياق، الدكتور بدر الدين سلاحجة، من جامعة "عبد الحميد مهري" (قسنطينة-2)، بأن استخدام الرقمنة والذكاء الاصطناعي ووسائط التواصل "يمثل نقطة تحول في مسار الحفاظ على التراث العمراني بمناطق الزيبان"، مشيرا إلى أن مجهودات تبذل من طرف الباحثين لرقمنة المواقع الأثرية. من بين المجهودات التي تبذل في هذا الإطار، وضع تشكيل ثلاثي الأبعاد لهذه المعالم، وتحديد إحداثيات للمواقع الأثرية، بالإضافة إلى إعداد خريطة للمواقع باستعمال التقنيات الرقمية، تضم 55 موقعا، تعود إلى ما قبل التاريخ وفجر التاريخ، لإبراز التنوع الأثري الذي يدل على التدرج التاريخي والحضاري للمنطقة، بالإضافة إلى مشروع افتراضي يضم قاعدة بيانات لتاريخ المنطقة، حسبما ذكره الجامعي. وفي عرضه حول "ثقافات عصور ما قبل التاريخ بمنطقة بسكرة"، ذكر من جهته الدكتور عزيز طارق ساحد، من جامعة (الجزائر-2)، بأن مناطق الزيبان، على غرار وادي جدي وسفوح الأوراس والقنطرة، تتميز بمحتوى أثري هام يحتاج إلى دراسات معمقة، مبرزا على سبيل المثال، بأن المنطقة تزخر بنسيج مائي هام، تم التعرف عليه عبر وسائل تكنولوجية حديثة وعدد الأودية، ما يؤكد، حسبه، توفر العوامل الطبيعية التي ساهمت في استقرار الإنسان بهذه المنطقة. وعن تأثيرات الكوارث الطبيعية على العمران، أكدت الدكتورة وافية نفطي من جامعة "محمد خيضر" ببسكرة، أن الفيضانات والزلازل والأوبئة والحروب تساهم في تغيير ملامح التواجد البشري بكل منطقة، ومنها مناطق الزيبان، مشيرة إلى أن التغيرات المناخية ساهمت في تلاشي بقايا الحضارات، ومنها فيضان 1969 ببسكرة، الذي قضى على عدد من المعالم التي لم يعد بالإمكان ترميمها، فيما يمكن باستخدام الذكاء الاصطناعي، استرجاع ملامحها بأعداد مجسمات ثلاثية الأبعاد. ستتواصل فعاليات هذا الملتقى، الذي تنظمه الجمعية الوطنية "تراث الأجيال" ومخبر تاريخ ومجتمع لجامعة (قسنطينة-2)، بمساهمة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين (شعبة سيدي عقبة)، ومشاركة أساتذة من جامعات وطنية حضوريا، أو من خلال مداخلات عبر تقنية التحاضر عن بعد.