كانت السهرة الثانية من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، أول أمس الجمعة، ألمانية-صينية، ووقعها "رباعي كلينكي" وأوركسترا "سوتشو" السيمفونية، فكانت أوبرا الحزائر "بوعلام بسايح" فضاء لالتقاء المعزوفات العالمية بلمسات محلية، بأداء راق، ارتقى بالأحاسيس إلى عوالم فيها من الحماس تارة ومن الغضب تارة، ومن التفاؤل والأمل تارات أخرى. بداية الحفل الثاني من الدورة الثالثة عشر من المهرجان كانت ألمانية، مع الرباعي النسائي الذي احتفل مؤخرا بثلاثة عقود من الوجود، وكانت الآلات الوترية التي يتحكمن فيها ببراعة عالية، الجسر الذي نقل الحضور الكبير الذي أمّ دار الأوبرا إلى "الفانتازيا"، التي اختار الرباعي أنغريت كلينكي، بيتي هارتمان، إيفون أولمان وروث كالتنهاوزر أن يقدمها، فحضر الموسيقار الإنجليزي هنري بورسال (1659-1695) بمقطعين، الأول ب"ري الكبير" بثلاث حركات والثاني ب"صول الصغير"، قبل أن يفسح المجال للموسيقار النمساوي أمادييوس موزارت (1756-1791) في رباعية وترية "أليغريتو، مانويتو اليغريتو، اداجيو ومولتو أليغرو"، وكان للموسيقار الفرنسي كلود ديبوسي (1862-1918) نصيب من مهارة الألمانيات وكانت الفقرة المخصصة له وترية ب"صول الصغير" فيها من الحماس والإصرار، الحيوية والإيقاع، كل هذا ملفوف بالشغف والتعبيرية. أما أركسترا "سوتشو" السيمفونية من الصين، فأمتعت بقيادة المايسترو شان اكسيانغ، الجمهور الحاضر بقوة بباقة متنوعة من روائع الموسيقى الصينية والعالمية، وبأداء عال، افتتح الثنائي السوبرانو وين مويا والتينور تونغ زهانغ القسم المخصص لضيف شرف الدورة 13، المتواصلة إلى غاية 22 ماي الجاري، وقدما بحماس كبير مقطوعة "أخبار بيجين السعيدة" لزهانغ اند ما، المفعمة بالتفاؤل والأمل، تلتها مقطوعة "جيانغ سوو" لكزي اند يي ار. كما عزفت أوركسترا "سوتشو" مقطوعات من الريبرتوار العالمي، على غرار روائع الفرنسي جورج بيزي، فأبدعت الميزو سوبرانو وان مويا في "الحب طائر متمرد" و"أغنية بوهيمية" من "أوبرا كارمن"، ناهيك عن "الأرلزيان تكملة رقم 2" وفيها "باستورال"، "انترميزو"، "مونو" و"فراندول"، وتحت أنظار جمهور محب للموسيقى الكلاسيكية، تواصل الأداء المحترف للجوق، قدم مقطوعة "في مكان بعيد" للموسيقار وونغ، ومع الأداء المبهر للتينور تونغ زهانغ، قدم للموسيقار الإيطالي جاكومو بوتشيني "لا نوم من توراندوت"، وللفرنسي رافل اقترح "بوليرو". واختتمت المقاطع العشرة، التي خصصتها أوركسترا "سوتشو" لمهرجان الجزائر، بثلاثة مقاطع، الأول للألماني جاك أوفن باخ ومقطوعة "كان- كان"، وللموسيقار هيونغ عزف "السعادة الزوجية المثالية، فيما كانت مقطوعة النمساوي يوهان شتراوس "مسيرة راديتزكي" آخر مقطوعة للليلة الثانية من المهرجان، الذي كانت سهرته الثالثة، أمس السبت، فرنسية مع "ثلاثي سان جيرمان" وفنزويلية مع أوركسترا الغرفة "سيمون بوليفار". بالمناسبة، أكد مدير أوركسترا "سوتشو" السيمفونية الصينية شين كسيانغ، في تصريح إعلامي، قبل بداية الحفل، أن المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية، سانحة ثمينة لتعزيز سبل التعاون الثنائي بين الجزائروالصين في المجال الثقافي والفني، وفرصة مهمة لفتح أفق الشراكة المثمرة في مجال التكوين الفني الموسيقي في هذا النمط الموسيقي الكلاسيكي العالمي مستقبلا. وأشار السيد شين كسيانغ، إلى أن سهرة افتتاح الطبعة 13، التي جمعت، في قيادة مشتركة، بين الجوقين السيمفونين للجزائر والصين، في مزج راق يعكس المهارات العالية للعازفين وعراقة تقاليد الممارسة الفنية القوية، كان عربونا فنيا يعكس عراقة العلاقات التاريخية الجزائرية-الصينية. وأضاف أنه جد سعيد بالمشاركة، لأول مرة في هذا المهرجان الناجح، الذي يمتلك صيتا كبيرا بين مختلف الفرق الموسيقية المشاركة، وأبرز الفعاليات الفنية في الجزائر، كما أنه فرصة لتبادل الخبرات واكتشاف أنماط موسيقية تراثية من الجزائر، مبرزا أن الجمهور الجزائري متذوق جيد للفن السيمفوني. وذكر المتحدث، أن أوركسترا "سوتشو" تسعى إلى تقديم عروض بمعايير عالمية، وببرنامج فني ينهل من التراث الموسيقي الصيني التقليدي والموسيقى السيمفونية العالمية، مع نفحات محلية، حيث يقوم الجوق بجولات وعروض فنية فاقت 100 حفلة في السنة داخل الصين وخارجها.