في خرق واضح لأدنى مبادئ حقوق الإنسان أعلنت إدارة الاحتلال الإسرائيلية نيتها إنشاء محاكم عسكرية خاصة بالأطفال الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم وتوجيه التهم إليهم ومعاقبتهم. مثل هذا القرار الخطير يكشف النوايا الخبيثة لإسرائيل التي لم يكفها قتل وتجويع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بل تريد القضاء على هذا الشعب من خلال بعث الرعب في أطفاله لعلمها أن أطفال اليوم هم رجال الغد الذين سيقفون لها بالمرصاد. وهو قرار استنكره بشدة مركز "سواسية" لحقوق الإنسان الفلسطيني الذي قال بأنه يمثل "انتهاكا لكافة المواثيق والإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وخاصة اتفاقية حقوق الطفل الموقعة من قبل معظم دول العالم والتي تنص على أنه لا يجوز تعريض أي طفل في حياته الخاصة وألا يتعرض لأي نوع من أنواع التعذيب والمعاملة القاسية واللانسانية وأنه يجب ألا يحرم من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية". ولكن قرار سلطات الاحتلال بإنشاء محاكم عسكرية لمحاكمة الأطفال الفلسطينيين ليس بالأمر الغريب على إدارة اعتادت ضرب عرض الحائط بكل المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان أمام مرأى ومسمع العالم أجمع من دون تعرضها لأدنى عقاب. ودليل ذلك قبوع أكثر من 400 طفل فلسطيني في معتقلات الاحتلال في ظل ظروف مأساوية ومعاناة مستمرة يتعرضون خلالها لأبشع الممارسات من تنكيل وابتزاز وتعذيب لا لسبب فقط لأنهم أطفال فلسطينيون. وكشف بيان أصدرته أمس وزارة شؤون الأسرى الفلسطينيين والمحررين عن الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال المحرومين من أبسط الحقوق في التعلم والصحة. وأكثر من ذلك فإنهم يتلقون معاملة الأسرى الكبار يزج بهم في غرف ضيقة كالقبور تفتقر لأدنى شروط الحياة ويتعرضون للإهانة داخل السجون والتفتيش بشكل عاري. كما تصادر أغراضهم الشخصية وصور أقاربهم ويحرمون من العلاج والتعليم وتفرض عليهم غرامات مالية باهظة لأتفه الأسباب. وأكد رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة أن إعلان القضاء العسكري في إسرائيل عن نيته إنشاء محكمة عسكرية خاصة للأطفال الفلسطينيين ما هو"إلا تغطيه على ممارسات الاحتلال الهمجية ضد الأطفال الأسرى في السجون والتي تخالف مبادئ القانون الدولي الذي جعل من اختطاف الأطفال وسجنهم الملجأ الأخير لهم". وأشار إلى أن الطفل يمر بخمس مراحل الأولى هي الاعتقال الذي غالبا ما يكون من المنزل أو الشارع أو عند الحواجز العسكرية المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية والقدس وبعد ذلك تعصب أعينهم وتقيد أيديهم انتظارا للمرحلة الثانية ليتم فيما بعد ترحيلهم في سيارة جيب عسكرية لمقر الإدارة المدنية أو مراكز التحقيق ويتعرضون أثناء عملية الترحيل للإهانات اللفظية والاعتداءات الجسدية. ويقبع في معتقلات الاحتلال أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني من بينهم الأطفال والنساء يقضون عقوبات سجن طويلة الأمد حتى من دون محاكمتهم او توجيه تهمة محددة لهم. ومن بين هؤلاء الأسرى أمضى 106 أسرى عقوبة تزيد عن عشرين عاما في السجن بما يعرف بقائمة عمداء الأسرى. وآخر أسير فلسطيني انضم إلى هذه القائمة هو رائد محمد شريف السعدى البالغ من العمر 43 عاما من سكان جنين المنتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي وكان اعتقل منذ 28 أوت 1989 ويقضي حكما بالسجن مرتين إضافة لعشرين عاما بتهمة القيام بعمليات ضد الاحتلال.