يمعن جيش الاحتلال الصهيوني في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وشن غاراته الجوية والمدفعية، ونسف المنازل، والتهجير القسري، واستهداف المدارس ومراكز الإيواء والمستشفيات في شمال قطاع غزّة، وذلك لليوم ال19 على التوالي، وسط حصار مشدد ما خلّف المئات من الشهداء والجرحى. وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أمس، بأن المواطنين يعانون ظروفا غاية في الصعوبة في ظل القصف المستمر والعنيف من قبل طائرات الاحتلال ومدفعيته، حيث تواجه المستشفيات حصارا مشددا ومنع الدخول والخروج منها، مشيرة إلى أن شهود عيانا يروون تفاصيل مرعبة عن جرائم الاحتلال ووحشيته في الشمال، وحتى الأطفال ضاعوا عن أمهاتهم خلال النزوح القسري عدا عن المصير المجهول للمئات منهم، ناهيك عن عدم توفر أكفان لستر أجساد الشهداء. وأفرغ جيش الاحتلال الصهيوني اليوم مدرسة "الفاخورة" في مخيم جباليا من النازحين، وجرد عددا من النازحين من ملابسهم وأمرهم بالتوجه إلى نقطة تفتيش قرب المستشفى الإندونيسي. فيما اضطر النازحون لدفن جثامين شهدائهم في الطرقات العامة دون تكفين،بعد نفاد الأكفان جراء الحصار المطبق والقصف المكثف الذي يشنه جيش الاحتلال على المنطقة منذ 19 يوما. كما تفاقمت حالة المجاعة وأزمة العطش بشكل كبير جدا في شمال القطاع، مع رفض الاحتلال إدخال أي شاحنات تحمل مواد غذائية أو مساعدات. وتسبب قطع الاحتلال الصهيوني للاتصالات والإنترنت عن المنطقة قبل عدة أيام في شح الفيديوهات والصور التي توثق ما يحدث للنازحين، فضلا عن صعوبة التواصل مع الأهالي. وفي هذا السياق، أكدت القائمة بأعمال المكتب الإعلامي لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بغزّة، إيناس حمدان، في تصريح صحفي إن مستوى الأمن الغذائي بقطاع غزّة "في خطر"، خاصة في مناطق الشمال التي تشهد كارثة إنسانية، "ومن الضروري السماح بدخول الإمدادات الإغاثية الحيوية وهي مقومات الحياة من غذاء وماء ووقود ودواء". وقالت حمدان، إن هذا الوضع "هو ما حذّرت منه الأونروا ومؤسسات أممية أخرى منذ أشهر، فالمشاهد في الشمال صادمة ومرعبة والعائلات محاصرة منذ أكثر من أسبوعين، ويتم قصف المنازل والبنى التحتية، وحتى منشآت وكالة الغوث في تلك المناطق في ظل عدم السماح بإدخال ما يكفي من الإمدادات والمساعدات الإغاثية للسكان". وأوضحت أنه وفقا للتقارير، فإن "معظم المواد الغذائية نفدت ولا توجد كميات كافية من المياه الصالحة للشرب، ويسقط عدد كبير من الضحايا إلى جانب الجثامين الملقاة في الشوارع، في ظل عدم إمكانية الوصول إلى الخدمات والرعاية الطبية اللازمة. والمستشفيات الثلاثة الأساسية التي تعمل هناك تعمل بطاقة استيعابية غير كاملة، وتعرض مستشفيين منهما للقصف المباشر منذ أيام". وكان المفوض العام ل"أونروا" فيليب لازاريني، قد صرح أول أمس، "أن الناس في شمال غزّة ينتظرون الموت فقط فرائحة الموت في كل مكان، حيث تترك الجثامين ملقاة على الطرق أو تحت الأنقاض ويتم رفض البعثات لإزالتها أو تقديم المساعدة الإنسانية".