أطل الفنان الكبير آكلي يحياتن نهاية الأسبوع، على جمهور قاعة "المو?ار" حاملا معه مشوار فنه الثقيل بالروائع الغنائية والحضور القوي والمتميز على الخشبة، إذ بدا أن السنين لم تنل منه ولا من صوته المدوي الذي تُردد صداه جبال جرجرة الشامخة. حرص الفنان عند صعوده الخشبة على تحية الجمهور العاصمي الذي افتقده لسنوات طويلة، وبروح دعابة حينا وبالجد حينا آخر كان يعرف هذا الفنان كيف يتعامل مع جمهوره الذي غصت به قاعة "المو?ار"، واستطاع بأدائه وذكائه وبفنه الراقي جدا أن يجذب الجمهور ويجعله يتجاوب معه ليس بالرقص والنط وإنما بالتصفيق والاستمتاع والاهتمام المنقطع النظير، فالفن المحترم ينتج جمهورا محترما متذوقا للكلمة المعبرة واللحن الشجي. استهل الفنان برنامج سهرته ب"صاليو أفالرسول محمد" وهو مديح ديني، وفضله الفنان لأنه يتماشى وخصوصية الليالي الرمضانية المباركة وأداه باحساس عميق، ثم أدى أغنية طلبها الجمهور بإلحاح وهي أغنية "ثامورثيو إذ ورار" وتعني "بلاد الجبال بلادي" وكانت كلماتها توحي بالمقاومة وبتاريخ الثورة التحريرية وبنضال المجاهدين، أغنية أخرى وهي "عمي الحسين" ثم أغنية "ميشلي" وتوالت الأغاني التي كانت أشهرها رائعته "يالمنفي" التي حققت نجاحا داخل وخارج الوطن، إضافة إلى "أياخام تاشو كيوغان" (مابك؟)، و"جاحاع، بزاف، و"إيناس إملعيون طاوس". ورافق الفنان الأوركسترا السيمفونية الوطنية تحت قيادة رشيد صاولي وبمشاركة "كورال" الأوركسترا الوطنية تحت اشراف عبد الرزاق جلال والتي كانت في منتهى الانسجام مع الفنان يحياتن، ومن أبرز العازفين الذين تجاوب معهم الفنان نجد مثلا العازف عبد القادر بوغرارة مدير الاوركسترا الوطني وكذلك عازف الكمان المعروف مختار بوجليدة، وقد حرصت الاوركسترا قبل دخول الفنان يحياتن على عزف مقطوعة موسيقية قبائلية من تلحين هذا الفنان والذي لحن أغلب أعماله. آكلي يحياتن من مواليد سنة 1933 بمنطقة آث منداس بولاية تيزي وزو، فنان متكامل فهو كاتب وملحن ومغني، كما أنه صاحب قدرات صوتية وموهبة في الأداء غير قابلة للمنافسة، لم يقتصر مشواره على الأغنية القبائلية بل أدى أيضا الأغنية العربية. سجل أغانيه قبل فترة الاستقلال، كما تعامل كثيرا في هذه الفترة مع الراحل عمراوي ميسوم إضافة إلى انشغاله هو أيضا بالتلحين وقد برز في أغاني الثورة. واصل فنه وإبداعه بعد سنة 1962 لتأتي رائعته "يا المنفي" ويعبر بها الحدود، كما حرص الفنان على التواصل مع الجالية الجزائرية في فرنسا لذلك خصص لها جولاته الفنية التي شملت كل التراب الفرنسي، إضافة إلى الدعوات المقدمة له تكرارا من مختلف الفضاءات الفنية بباريس، كما غنى يحياتن في العديد من الدول منها كندا والولايات المتحدة وبالتحديد في نيويورك وغيرها من دول العالم. اشتغل يحياتن أيضا بالجزائر وبالتحديد في الاذاعة الوطنية ورافق جيل الرواد من الموسيقيين الجزائريين منهم عبد الوهاب سليم، مصطفى اسكندراني، وبوجمية مرزاق. لايزال يحياتن إلى اليوم يؤلف ويلحن وينشط الحفلات على الرغم من تقدم سنه، دافعه الوحيد هو حب الفن الجميل والأصيل.