لجأت الكثير من العائلات خلال شهر رمضان إلى الاقتراض بمجرد حلوله، وهذا لا لشيء سوى لكي تتمكن من قضاء أيامه في أحسن الظروف، فهذا الشهر يتطلب مصاريف كثيرة، هذه العائلات التي تنتهج هذا الأسلوب، في الحقيقة ليست بالعائلات المحتاجة أو المعوزة، لكن لهفة أفرادها خلال هذا الشهر وشراهتهم الكبيرة للأكل، دفع بهم إلى الاستدانة لإشباع البطون، ليجدوا أنفسهم بنهاية الشهر وبكثرة المصاريف الأخرى في وضعية حرجة، لم يفكروا في تداعياتها من قبل. يستغرب الفرد منا عندما يرى ذلك الإقبال الكبير للناس على الأسواق والمحلات خلال شهر رمضان، واقتنائهم لكل ما يباع، حتى مع الارتفاع الكبير للأسعار. هذا الاستغراب قادنا إلى محاولة معرفة، هل هؤلاء المقبلون على شراء كل شيء لديهم الإمكانيات لذلك؟ وإن كان الأمر كذلك ماهي الميزانية المخصصة ومن أين يحصل هؤلاء على كل هذا المال، الذي يصرف من أجل الأكل لا غير؟ لنكتشف أن العديد من هؤلاء يستدينون ويقترضون المال، وهذا حسب ما أكده كثير ممن تحدثنا إليهم في الموضوع. "لايمكن أن أحرم أبنائي" تتجاوز الميزانية التي تصرف خلال شهر رمضان، لعائلة متوسطة ال30 ألف دج، وهذا باحتساب كل المصاريف سواء المتعلقة بالأكل أوتلك التي تخص عيد الفطر، ولأن بعض العائلات لا تملك الإمكانيات، تلجأ إلى الاقتراض مثلما تؤكد عليه إحدى السيدات "شهر رمضان يتطلب الكثير من الأشياء وأنا اعتدت على نمط معين في هذا الشهر، لا يمكنني تغييره لهذا فإن تطلب علي الأمر أن أقترض أقوم بذلك". سيدة أخرى ترى أن الفرد يصوم ليوم كامل، وفي الإفطار لابد له من غذاء يعوض له كل الطاقة التي ضيعها لتضيف "لا يمكنني أن أحرم أبنائي إن اشتهوا شيئا ما، وإن لم يكن بمقدوري أن أجلبه، فإنني أستلف المال ثم أرجعه بنهاية رمضان"، ولما طرحنا السؤال على هذه المرأة، كيف يعقل أن تستلف المال من أجل شراء بعض الأشياء التي يمكن الاستغناء عنها، قالت إن المهم بالنسبة لها أن ترى أبناءها سعداء عندما تحضر لكل منهم ما يشتهي أكله، مضيفة "أنا سأرجع المال الذي اقترضته وقد اعتدت على هذا كل عام". غلاء أسعار بعض المواد جعل البعض يلجأون إلى هذا الأسلوب، حيث يرون أن رمضان يكثر فيه اشتهاء المأكولات المختلفة، كما يقول أحدهم "أنا أحب كثيرا أكل السمك خاصة الجمبري ولا يمكنني الاستغناء عنه في رمضان، ومع كثرة المصاريف في هذا الشهر وعدم استطاعتي أن أغطيها كلها بأجري الشهري، فإنني أقوم باستلاف بعض من المال من أجل ذلك". وإن لجأت هذه العائلات إلى الاقتراض من أجل أكل كل ما ترغبه في شهر رمضان وتلبس ما تحلم به في عيد الفطر، فإن هناك عائلات أخرى تنتهج أسلوبا آخر من أجل سد طلب بطونها من كل ما لذ وطاب، حيث تقوم برهن بعض الممتلكات الثمينة، فتلجأ ربات البيوت إلى إيداع مصوغاتها ومجوهراتها لدى البنك مقابل مبلغ مالي تستطيع أن تسد به مختلف الحاجيات التي ليست بالضرورية، بل تعد من الكماليات، ووراء ذلك الرغبة في التباهي والافتخار أمام الجيران، رغم أن العديد من العائلات تثقل كاهلها الديون المتراكمة، من أجل إشباع البطون، فالكثير من هذه العائلات لم تستطع دفع ديونها ودخلت في دوامة من المشاكل التي ازدادت تراكما بعد ذلك لتصل إلى الندم، الذي يأتي دائما في الأخير ومن دون فائدة.