❊ لن نساوم في سيادتنا وقراراتنا ومساندتنا للمستضعفين مقابل القمح ❊ كل من كان يراهن على انفجارات في الجزائر فهو مخطئ ❊ حوار وطني عميق وجامع بمستوى الرهانات الداخلية ❊ سنواصل مكافحة الفساد وكل المؤشرات الاقتصادية للجزائر ب"الأخضر" باعتراف دولي ❊ لأول مرة منذ الاستقلال يجتمع شباب المؤسّسات الناشئة الأفارقة بالجزائر ❊ ميناء وهران يستقبل أولى شحنات حديد غارا جبيلات في 2026 ❊ توزيع السكن أساس كرامة المواطن وليس تبديدا للمال كما يدعي المشكّكون ❊ السكن لم يعد عبئا على الدولة لأن المشاريع تبنى بمواد جزائرية خالصة ❊ السكة الحديدية ستصل إلى تمنراست وتساعدنا على استغلال ثروات منجمية هامة ❊ قانون الاستثمار لن يتغير قبل 10 سنوات.. ورفع القدرة الشرائية خلال هذه العهدة تعهد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أمس، بمواصلة رفع الأجور خلال العهدة الثانية، مؤكدا أن مداخيل الدولة سترتفع وأن المواطن أولى بالاستفادة من الثروة الوطنية، في حين أوضح أن الجزائر ستدخل بعد أشهر فقط فضاء الدول الناشئة بفضل الأرقام الاقتصادية الهامة التي ترد في التقارير الدولية، فضلا عن الوتيرة الجيدة للاستثمارات على ضوء ميزانية الدولة المقدّرة ب130 مليار دولار. ألقى رئيس الجمهورية خطابا موجّها للأمة أمام البرلمان بغرفتيه بقصر الأمم استغرق ساعة ونصف ساعة، استعرض فيه حصيلة الإنجازات المحقّقة في مختلف القطاعات، حيث استحوذ فيه الاقتصاد والفلاحة والجانب التنموي الحيز الأكبر، فضلا عن استعراض مواقف إزاء القضايا الدولية. قال الرئيس تبون إنه يتشرف بمخاطبة الشعب الجزائري والرأي العام الوطني من خلال ممثليه بغرفتي البرلمان، مضيفا أن هذا الالتزام يعبر عن الإرادة السياسية التي يبنى وفقها منهج جديد لإدارة الشأن العام وتكريس مبادئ الحكم الراشد، وإضفاء تقاليد تحيي وتعزّز خدمة الرأي العام والموطن. وبعد أن أوضح أن هذا التقليد المؤسّساتي يعكس العرف المعبر عن دور البرلمانيين الذين يعيشون عن قرب الواقع في الولايات ويحملون آمال المواطنين وانشغالاتهم، قال رئيس الجمهورية إن هذا اللقاء يأتي في الأشهر الأولى من العهدة الرئاسية والتي ستواصل من خلالها تعزيز المكاسب المحقّقة لحفظ كرامة المواطن وتحسين الإطار المعيشي العام وتنفيذ البرامج والاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة. حوار وطني عميق وجامع وأعطى الرئيس تبون مواعيد قادمة لتعزيز المسار السياسي مثلما سبق أن التزم بذلك في خطابه خلال أداء اليمين الدستورية، على غرار إطلاق لحوار سياسي يكون بمستوى الرهانات الداخلية ومنطلقا لإدراك الجميع في هذه المرحلة الدقيقة للأمة، والتي تستوجب اليقظة إزاء التحوّلات الدولية الراهنة. وحرص رئيس الجمهورية على أن يكون الحوار الوطني عميقا وجامعا وبعيدا عن الاستنساخ الخطابي، مرفوقا بتعزيز الحقوق الأساسية من خلال إصدار القوانين المكرّسة في الدستور، على غرار قانون الأحزاب السياسية والجمعيات. وقال القاضي الأول في البلاد إنه وعد الطبقة السياسية بفتح حوار من أجل تعزيز "استقلالنا وتقوية الجبهة الداخلية "، متعهدا بأن يكون ذلك بصفة منظمة من خلال البت بمراجعة قوانين الجماعات المحلية التي تنطلق منها السيادة الشعبية في إشارة إلى قانوني البلدية والولاية والتي تعد بمثابة انطلاقة جديدة لبناء دولة الحق والقانون. وأعرب عن عدم رضاه للقانونين الحاليين كونهما لا يسايران مستجدات الأوضاع خاصة مع دخول الجزائر التعدّدية، مشدّدا على ضرورة أن يكون الدستور متبوعا بتكييف القوانين، حتى يتسنى الدخول في الديمقراطية الحقة، تمارس على مستوى هيئات الدولة. وإذ أشار إلى تحرير القانونين بعد الانتهاء من إبداء الرأي على كافة المستويات، مضيفا أنه عند ذاك ستكون بداية النقاش والحوار بهدوء ومن دون مزايدات أو مساومات، مشدّدا على أن الإصلاحات العميقة التي تم الخوض فيها لم تثن عن مقاومة التغيير رغم قوتها، كون هناك أشخاص يطالبون بالتغيير لكنهم يرفضون في الحقيقة تغيير أنفسهم. وفي سياق إعطاء الأمثلة عن النتائج الإيجابية التي أفضت إليها مثل هذه الخطوات، قال الرئيس تبون إن التغييرات في مجال العدالة باعتبارها ركيزة من ركائز الدولة مكّنت من استعادة ثقة المواطن وفصل المال عن السياسة ومواصلة مكافحة الفساد، مؤكدا أن الدولة الجزائرية لا تزال تكافح هذه الظاهرة حتى آخر نفس. نموذج تنموي جديد وكل المؤشرات ب"الأخضر" وبعد أن أوضح أن هذه الخطوات تعد بمثابة شروط أساسية لتوطين دولة القانون التي كرّست تماشيا مع متطلبات الشعب، أكد رئيس الجمهورية أنه تم دخول رهان كسب التنمية الوطنية الاقتصادية عبر نموذج تنموي جديد عبر تحرير المبادرة وتعزيز الاقتصاد، مضيفا أن ذلك أتى أكله والدليل على ذلك التقارير الدولية الصادرة عن الهيئات الدولية والتي تشير فيها إلى أن كل المؤشرات خضراء. واعتبر ذلك من ثمار الأداء الاقتصادي الذي ركيزته المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسّسات الناشئة التي يقودها الشباب، مذكرا في هذا الصدد بأنه في سنة 2019 لم يكن عدد المؤسّسات يتجاوز 200 مؤسّسة، في حين أضحى يقدر عددها حاليا 9500 في انتظار أن يصل إلى 20 ألف خلال العهدة الثانية. والتزم الرئيس تبون بمرافقة الشباب وتشجيعه على حبّ الوطن من خلال هذه المشاريع التي أصبحت الجزائر بفضلها من أوائل الدول الإفريقية، مشيرا إلى أنه لأول مرة منذ استقلال الجزائر اجتمع الشباب الإفريقي على أراضيها ب 500 مؤسّسة إفريقية . أطراف كانت تراهن على انفجار الوضع بسبب ملف السكن من جهة أخرى تباهى الرئيس تبون بارتفاع الدخل القومي الذي أكد بأنه سيواصل بهذه الوتيرة خلال العهدة الثانية وإعادة الاعتبار للمنشآت القاعدية وعلى رأسها السكك الحديدية، فضلا عن تصدير الجزائر لمواد خارج المحروقات، حيث اغتنم المناسبة لتوجيه شكره لكافة الشركاء الوطنيين الذين ساهموا في تكريس هذا الوضع الجديد. وأعطى مثالا في هذا الصدد عن ولاية خنشلة التي كانت تعاني العزلة ولم تتوقع أن يتحقق حلم السكة الحديدية إلى واقع ملموس، مشيرا أيضا إلى فتح طرق مزدوجة لتسهيل الحركية الاقتصادية، والأمر ذاته بالنسبة لموانئ عنابة وبجاية ومستغانم والغزوات لمواكبة التنمية وتسريع وتيرة التصدير والاستيراد. وأكد أنه بعد 62 سنة بعد الاستقلال دخلت الجزائر مرحلة الاستغلال الجدي للثروات حتى لا تبقى أسيرة أسعار النفط خاصة وأن لديها منتجم وثروة بشرية خلاقة وأنّ ما كان بالأمس حلم أصبح اليوم حقيقة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن ميناء وهران سيستقبل بداية 2026 أول شحنات قادمة من غارا جبيلات للتصدير. كما أوضح أن الجزائر أصبحت تصدّر الاسمنت بعد أن باتت تنتج 40 مليون طن من هذه المادة، علما أنه خلال سنتي 2016 و2017 كانت تستورد 3 ملايين طن. وعدّد رئيس الجمهورية المشاريع التي كان لها الأثر الإيجابي على المواطن على غرار قطاع السكن، حيث ودّع الشباب البيوت القصديرية التي وصفها الرئيس تبون بالعار في الجزائر المستقلة، مضيفا أن الجزائر تنفرد بهذه الخصوصية وأنه من النادر أن تعطي دول أخرى هذه الفرصة لشعوبها، في الوقت الذي كانت فيه أطراف تراهن على انفجار الوضع في الجزائر بسبب هذا الملف الذي كان شائكا في الماضي. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث أشار إلى أن المواد المستعملة في البناء جزائرية بامتياز، وعليه فإن العملة الصعبة لم تعد عبئا على الدولة، في حين أكد على مواصلة بناء كل ما يصبّ في ترقية المواطن. استثمروا في وطنكم وحاربوا من يحاربه ولدى تطرّقه إلى قطاع المناجم، أوضح الرئيس تبون أن منجم الفوسفات ببلاد الهدبة أصبح ينتج 10.5 مليون طن بعدما كان ينتج في مرحلة أولى مليوني ونصف مليون طن، مضيفا أن ربط الجزء الأول من خط السكة الحديدية ساهم في تجسيد هذه الحركية في انتظار انطلاق الجزء الثاني في 2026، كما أشار إلى استغلال مناجم أخرى عبر مختلف الوطن والتي من شأنها أن تدر بالثروة ومناصب الشغل. وأرجع هذه القفزة النوعية إلى توفّر الروح الوطنية العالية للمتعاملين الاقتصاديين الوطنيين، علاوة على القانون الجديد للاستثمار، حيث أوضح أنه في ظرف 15 شهرا تم استحداث 10 آلاف و500 مشروع استثماري منها 160 مشروع أجنبي، في انتظار الوصول إلى 20 ألف مشروع قبل نهاية العهدة، لافتا في هذا الصدد إلى تهافت الشركات الأجنبية للاستثمار في الجزائر. وبلغة الأرقام، قال رئيس الجمهورية إن قيمة المشاريع المطروحة في مجال الاستثمار تفوق 450 ألف مليار دج، وأنه يوميا يتم تسجيل مشاريع جديدة، كما أشار إلى أن قانون الاستثمار يأتي في صميم هذه الديناميكية كونه كرّس الشفافية والبيئة الجاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي على السواء، فضلا عن كونه يضمن الاستقرار بعد اعتماد المرسوم الرئاسي القاضي بعدم تغييره لمدة 10 سنوات، مستطردا بالقول "لا أحد يستطيع أن يعقّدنا في الوطنية". وعليه، أوضح الرئيس تبون أن ما تم تحقيقه يعكس حقيقة الجزائر التي حلم بها الشهداء، في حين أصبح جيل الاستقلال يستمتع بهذه الإنجازات بفضل هذه التضحيات والرأي السديد، داعيا الشباب للاستثمار في الجزائر ومحاربة كل من يحاول تخريبها، في الوقت الذي ذكر فيه بإنشاء 270 ألف منصب شغل. كما شدّد على ضرورة أن يكون الاستثمار العمومي والخاص في خدمة النمو تكريسا لهذه الديناميكية، مذكرا أنه في 2023 أقرت هيئات عالمية بتحقيق الجزائر نسبة نمو ب 4.1%، وهي النسبة التي لم تحققها دول أوروبية متطوّرة، في حين أكد الحفاظ على هذا المستوى من خلال المراهنة على تحقيق نسبة غير بعيدة عن تلك المسجلة العام الماضي، ما يدل على وجود حركية واستثمار في الجزائر . وفيما يخص تطوير شبكة الكهرباء، أوضح رئيس الجمهورية أن الجزائر في مفاوضات مع دول أوروبية، وأن بلادنا ستستغل هذه الطاقة لبرامجها الاقتصادية والاجتماعية قبل التوجّه إلى التصدير، مؤكدا على توفّر الجزائر على فائض يقدر ب12 ألف ميغاواط، كما أوضح أنها من الدول الثلاث المنتجة ل«التوربينات" إلى جانب اليابان وأستراليا. وفي إطار ضمان الأمن الغذائي، أكد الرئيس تبون الدخول في تحديات تخص قطاع الفلاحة الذي أصبح ينتج سنويا 37 مليار دولار، مضيفا أنه التزم أن تكون سنة 2025 سنة الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب، خاصة وأن الجزائر تعد من الدول المستهلكة لهذه المادة ب 9 ملايين طن. لن نساوم في سيادتنا وقراراتنا ومساندتنا للمستضعفين مقابل القمح كما دعا إلى توسيع المساحات المسقية لتصل إلى 3 ملايين هكتار لتخفيف الاستيراد قائلا "لن نساوم في سيادتنا وقراراتنا ومساندتنا للمستضعفين مقابل القمح أو أشياء أخرى"، في حين جدّد التأكيد على وضع خطة لوزارة الري لإنجاز محطات لتصفية المياه المستعملة، داعيا الولاة إلى العمل على وضع خطة لاسترجاع 30% من هذه المياه كبداية. وبخصوص التقسيم الإداري الجديد، قال رئيس الجمهورية أنه سيتم تسليم الملف لمجلس الأمة في نهاية 2025 للفصل فيه، مضيفا أن البداية كانت بإنشاء ولايات منتدبة لترتقي فيما بعد إلى ولايات، وأن هناك من الولايات من تساوي مساحة بلد أوروبي وتفتقد لموارد مما يستدعي إعادة النظر. من جهة أخرى ذكر الرئيس تبون بالإجراءات التي اتخذها للرفع من القدرة الشرائية والتكفل بالحاجيات الأساسية، على غرار إلغاء الضريبة على الأجر الذي لا يتجاوز 30 ألف دينار والقضاء على الفوارق وتوظيف الأساتذة، إلى جانب رفع علاوات المتقاعدين ومحاربة البطالة وتخصيص علاوة لهذه الفئة في انتظار اعتماد الرقمنة لمعالجة الملفات وإبعاد أي محاولة للغشّ. وأشار إلى أن كل من كان يراهن على انفجارات في الجزائر فهو مخطئ "لأننا نحل مشاكلنا ونسير بخطى ثابتة"، مضيفا أنه لإقناع المواطن يجب مدّه بأمور واقعية ومنطقية. ووجّه في هذا الصدد شكره للمسؤولين الذين سيّروا شؤون البلاد بعد الاستقلال على ضوء دولة اجتماعية ديمقراطية، مضيفا أن من يقول بأن الاستعمار الفرنسي ترك الجزائر جنة بعد خروجه فهو مخطئ، مستدلا في هذا الصدد بوجود 90% من الأميين بعد الاستقلال، ما جعل الجزائر ترسي مجانية التعليم وتبني المدارس والجامعات، ليخاطب هذه الفئة بالقول "الذي يخرج عن جلده غير أهل للثقة".