شكلت أبحاث المؤرخ الجزائري والمختص في الأنثروبولوجيا عمر كارلييه، محور ملتقى نُظّم أوّل أمس الإثنين بوهران. وحضره باحثون من داخل وخارج الوطن. وقد كان لهذا المؤرخ فرنسي المولد وجزائري القلب، بصمة واضحة في كتابة تاريخ الجزائر المعاصر خاصة تاريخ الحركة الوطنية، حسبما جاء في ملتقى تكريمي له نظمه مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران بالتعاون مع مركز الدراسات المغاربية في الجزائر، موسوم ب "الجزائر من 1830 الى 1962 من منظور التاريخ الاجتماعي والمحلي والنخب". وفي هذا الصدد، ذكّر مدير مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية عمار مانع، بأهمية أبحاث هذا المؤرخ في مشهد دراسة التاريخ المعاصر في الجزائر، خاصة الحركة الوطنية. ومنذ قدومه إلى الجزائر سنة 1968 لم يتوقف عن البحث عن شهادات شفهية لمن عايشوا وعاصروا أحداثا تتعلق بتاريخ الجزائر. كما كان مولعا بالبحث في الأرشيف سواء في الجزائر أو فرنسا؛ من أجل تقديم كتب ومقالات حول الحركة الوطنية الجزائرية التي تخصص فيها وفي شخصياتها. ولازال الطلبة والباحثون والمهتمون بالتاريخ يستشهدون بأعماله إلى غاية الآن، يضيف المتحدث. ومن جانبه، ذكر المدير المساعد لمركز الدراسات المغاربية في الجزائر كريم أواراس، أن عمر كارلييه أنجز خلال فترة تواجده بالجزائر، أبحاثا عديدة حول تاريخ الجزائر والحركة الوطنية. ونشر مقاله الأول حول حزب نجم شمال إفريقيا في "المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية والاقتصادية". ونشر أيضا دراسات في منهجية دراسة تاريخ الحركة العمالية في الجزائر بين الحربين العالميتين. كما اهتم بتاريخ الجزائر الاجتماعي، والفئات الهشة في المجتمع الجزائري خلال فترة الاستعمار الفرنسي. ومن أبحاثه في هذا المجال "عمال ترامواي مدينة الجزائر في الثلاثينيات من القرن العشرين". وألّف المؤرخ الراحل عدة كتب حول التنشئة الاجتماعية في الجزائر "أماكن السياسة في الجزائر (1895- 1954)"، و"أصول جبهة التحرير الوطني، المنظمة السرية لحزب الشعب الجزائري (1947-1950)"، و"العنف الاستعماري"، إضافة إلى آلاف المقالات والبحوث حول كل ما يتعلق بتاريخ الجزائر. وتم خلال هذا اللقاء التطرق لعدة مواضيع متعلقة بالمؤرخ؛ على غرار "الحركة الوطنية وقضية اللغة: رؤية المؤرخ"، و"قراءة أنثروبولوجية لأعمال كارلييه"، و"عمر كارلييه باحث في خدمة التعاون" وغيرها. وقد وُلد عمر كارلييه سنة 1943 بباريس (فرنسا). واختار الجزائر كأرض احتضان له عام 1969. وحاز على الجنسية الجزائرية سنة 1982. واختار اسم عمر بعد اعتناقه الإسلام. وتوفي في أكتوبر 2021.