تكرر أمس سيناريو الأفراح التي أعقبت الانتصارين على مصر وزامبيا، حيث خرج سكان العاصمة في أجواء احتفالية بهيجة معبرين عن قناعتهم بقرب استعادة سنوات المجد الضائعة من خلال العبور إلى أهم حدث كروي عالمي الذي غبنا عنه منذ 23 سنة. فبمجرد ان أطلق الحكم الغيني "الكارثي" صافرة النهاية تدفق الآلاف من المواطنين من مختلف الاعمار الى الشوارع للتعبير عن فرحتهم العارمة بالانتصار الكبير والرائع "لمحاربي الصحراء" الذين تمكنوا من إبطال مفعول سم "العقارب" الرواندية بكيفية أكدت مرة أخرى ان حلم المونديال بات واقعا وسيتحقق عبر بوابة القاهرة حيث سنواجه "الفراعنة " يوم 14 نوفمبر القادم. لقد انفعلنا كلنا مع أحداث المباراة بشكل شد أنفاسنا وحرق أعصابنا لأن الأمر يتعلق بمنعرج مصيري في سباق المونديال لا سيما بعدما أصاب الزامبيون مرمى قواوي بهدف مباغت عكس مجريات اللعب، لكن سرعان ما تدارك "محاربو الصحراء" الموقف بتسجيلهم لإصابة التعادل لا يسجلها إلا لاعبا في مهارة وخبرة وذكاء وبرود أعصاب عبد القادر غزال فرفع المعنويات وأعطى الثقة والطمأنينة للقلوب وارتفعت الأعلام الجزائرية في لوحة أبدع الأنصار في رسمها. ورغم ان الحكم كان خارج الإطار بتدخلاته العشوائية ورفضه لهدف شرعي مائة بالمائة، إلا ان زياني وزملاءه لم يستسلموا للنرفزة وتمكنوا من هز الشباك للمرة الثانية بواسطة نذير بلحاج بطريقة رائعة. وفي الوقت الذي كنا ننتظر حسم الموقف في الشوط الثاني منذ البداية، سارت الامور في اتجاه رفع درجة "السيسبانس" لترتفع معه مادة الادريالين في دمنا مع مرور الزمن الى غاية ان البعض فقد الامل في تعميق الفارق، لكن زياني كريم كان له رأي آخر عندما نفذ بنجاح ضربة جزاء كنا نخشى ان لا يحتسبها الحكم، لينفجر ملعب تشاكر وتهتز العاصمة بعد 95 دقيقة من الترقب والقلق والعرق البارد، على وقع أهازيج وأغاني الأنصار الممجدة ل"محاربي الصحراء" في أجواء امتزجت فيها منبهات عدد هائل من السيارات التي جابت مختلف شوارع المدينة وزغاريد النسوة المنبعثة من شرفات العمارات. وتأتي هذه اللوحة الرائعة لتعكس آمال كل الجزائريين من محبي الرياضة الأكثر شعبية في تسجيل نقطة انطلاقة جديدة لكرة القدم الجزائرية على غرار تلك الصفحات المجيدة التي صنعها جيل الثمانينات على غرار بلومي، ماجر، عصاد، مرزقان، سرباح زيدان جمال، كويسي وغيرهم من اللاعبين المميزين الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب ليس فقط على المستوى الوطني بل على الصعيدين القاري والعالمي.