على طريقة النجوم صعدت السيدة سكينة كمشة لاستلام جائزتها التقديرية اعترافا بنضالها ومثابرتها في سبيل تربية أبنائها من طرف السيد جمال ولد عباس، وزير التضامن الوطني والجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، في تقليد أطلقته الجزائر على هامش لجنة الأسرة العربية الذي احتضنته إقامة جنان الميثاق بحضور 18 دولة عربية. هي سيدة مميزة جدا كونها استطاعت ان تلعب دور الأم والأب بامتياز في تربية أبنائها الأربعة فالطريق لم يكن سهلا بل محفوفا بالصعاب خصوصا بعد وفاة الزوج. إنها رمز للمرأة الجزائرية المكافحة التي تتخطى الصعاب لضمان حياة أفضل لأبنائها، فقد امتهنت حرفة بسيطة جدا ألا وهي الخياطة استطاعت من خلالها ان تحفظ كرامتها وكرامة أبنائها الأربعة الذين أصبحوا دخرا للوطن، حيث تعمل اثنتان في السلك الطبي (جراحة أسنان وطبيبة عامة في مصلحة الاستعجالات بمستشفى القبة)، أما الآخران فأصبحا مهندسي دولة في الإعلام الآلي. تجربة رائدة في الكفاح والنضال ننقلها لكم من خلال الحديث الى السيدة كمشة التي يبدو جليا من حديثها حبها الكبير للعلم وتعلقها الشديد بالوطن، وهو ذات الحب الذي ورثته أبناءها، حيث أكدت لنا أن حب الوطن والعلم والمعاملة الحسنة هي الأمور الهامة التي غرستها في نفوس أبنائها وسقتها بنضالها وعطفها تقول "حب الوطن والعلم والعمل هي الأمور التي غرستها في أبنائي مند نعومة أظافرهم، لانني كنت متيقنة ان المستقبل للعلم والحياة الكريمة لا تتحقق إلا في رحاب الوطن العزيز بفكر مثقل بالعلم، خصوصا ان وطننا سخي جدا في هذا المجال". وعن تجربتها وكفاحها في تربية أبنائها، قالت محدثتنا "بسرعة وبدون مقدمات اختطف الموت زوجي رحمه الله في حادث سيارة، وبين ليلة وضحاها وجدت نفسي وحيدة مسؤولة عن تربية أبنائي امتهنت الخياطة في البيت ... حيث أنني وجدت في آلة الخياطة القابعة بين جدران البيت أنيسا فرافقتني لسنوات طويلة وقد اخترتها لسببين، الأول حتى يعيش أبنائي في نفس المستوى ولا يحتاجون لأي واحد، والثانية محاولتي مواصلة الدرب الذي بدأته انا وزوجي رحمه الله فهو من عشاق العلم وكان يتمنى ان يدرس أبناؤنا ويصبحوا إطارات، خصوصا انه كان من ضمن البعثة الجزائرية الأولى التي أرسلها الرئيس الراحل هواري بومدين للدراسة في أمريكا لجلب علم الكمبيوتر، لم تغره أمريكا بل فضل الرجوع للوطن وقال كلمة ما زلت أحفظها بلادي تحتاجني". وحول دورها كأب وأم في ذات الوقت، قالت السيدة كمشة "اتخذت قرار لعب الدورين في وقت صعب جدا يمكنني وصفه باللحظة الأضعف في حياتي، حيث كانت الظروف قاسية جدا وصعبة، ولتقبل الدورين استعنت بالله وعرفت أن المصاب كبير والطريق طويل ومليء بالمتاعب ولم اهتم بالصعوبات لان هدفي كان ساميا وهو نجاح أبنائي". وعن معاملتها للأبناء وطريقة تربيتهم، قالت السيدة سكينة "لقد تقلبت في المعاملة بين اللين والشدة حسب الظرف والحاجة لأنني كنت أما وأبا في ذات الوقت وهي مسؤولية ثقيلة جدا، إلا أن الأمر الذي يختزل معاناتي وتعبي هو عندما ألمس نجاحهم حاليا فلدي ابن مهندس دولة في الإعلام الآلي قد واصل مشوار والده، وشقيقته أيضا مثله، اما البنتان الأخريان فتعملان في السلك الطبي والحمد لله، قد نفعوا أنفسهم ووطنهم علاوة على معاملتهم لي والتي يمكن القول انها أجمل طريقة للاعتراف بالجميل". وعن أصعب مرحلة في حياتها، قالت "لقد كانت العشرية السوداء، فلم يكن لدي عنصر رجالي استند إليه، كنت وحيدة رفقة أبنائي لكن الحمد لله على كل حال".