بعد السكون الذي خيم على ليل الجزائريين في 14 نوفمبر الجاري بعد النتيجة التي نعرفها جميعا أمام منتخب مصر، فإن وقع الأهازيج وقرع الطبول في صباح اليوم الموالي والمستمر لخير دليل على ان النيل من عزيمة هذا الشعب بعيدة بعد القاهرة عن الجزائر، بل ان الاهتمام بالمقابلة الفاصلة تزايد أكثر بعد الاعتداءات الجبانة ليس فقط على اللاعبين وإنما على الأنصار كذلك، وطال الاهتمام أبعد من ذلك بكثير بعد ان تعداه لمعرفة كل ما له صلة بالسودان الشقيق. لا حديث حاليا للعام والخاص إلا عن مقابلة السودان بين الجزائر ومصر للفصل أخيرا في المتأهل من بلاد العرب لمونديال جنوب إفريقيا من جهة، وأيضا للفصل في حالة الاحتقان السائدة بين الشعبين..وان كانت فرحة المصريين ليلة 14 نوفمبر الجاري بتسجيلهم لهدفين جعل مصر تتساوى مع الجزائر في كل شيء، فإن الشارع الجزائري الذي سكت ذات الليلة مؤجلا فرحته بالتأهل ل18 من الشهر الجاري يؤكد في هذه الأيام الفاصلة ان أفراحه دائمة وانه من كل أركان الجزائر الحبيبة يقف وقفة واحدة مع سعدان وأشباله حتى يذيقونا طعم النصر المنشود والفوز المستحق ليس فقط على منتخب مصر وإنما على كل من يقف وراءه ممن لم يتوانوا في إرهاق معنويات لاعبينا وكل الجزائريين من ورائهم..فالشوارع الجزائرية تعيش منذ السبت المنصرم على وقع "وان تو ثري فيفا لالجيري" وصفارات السيارات تخرق كل صمت بكل المدن دون استثناء وهي الأهازيج التي تعودنا عليها بعد تحقيق منتخبنا لكل انتصار..ولكن خصوصية المقابلة التي تجمع في كل مرة بين الجزائر ومصر وتطبع كذلك المباراة الفاصلة أشعلت فتيل الحماس في قلوب المناصرين الذين يبدو أنهم أجلوا كل انشغالاتهم لما بعد 18 نوفمبر فالشوارع الرئيسية للعاصمة (الجزائر) قد شلّت حقيقة ليس فقط بفعل الضغط على وكالات الجزائرية للظفر بتأشيرة للطيران نحو السودان فحسب وإنما نعيش على وقع القرع والطبل والزغاريد المناصرة ل"الخضرا" مؤكدين جميعا أننا ما زلنا معاك يا الخضرا وين تكوني ومعاك أيضا بالسودان حتى ديري حالة. كما لا حديث للجزائريين إلا عن السودان الذي أصبح يشكل اهتماما لدى العامة وراحت تصل مسامعنا أينما حللنا تساؤلات عن البلد وعن حضارته وكل ما له علاقة بهذا البلد الشقيق، فحتى مقاهي الانترنت المترامية بوسط العاصمة (الجزائر) أكد بعض أصحابها ل"المساء" تدفق الأنصار من مختلف الفئات والأعمار لزيارة مواقع تعريفية بالسودان وبملعبه الذي سيحتضن الحدث الحقيقي مساء 18 نوفمبر الذي نتمناه فال خير على "كتيبة" سعدان الذي أسعدنا حقيقة طوال أسابيع حركت دماء الوطنية في كل جزائري وصنع فوز أشبال الجزائر مفخرة حقيقية بهم وبالراية الوطنية التي أضحى لها مكانة غالية لا يمكن وصفها. وكشف منير مسير "سيبر كافي" بشارع العربي بن مهيدي لنا كيف يتدفق المناصرون على محله في ساعات اليوم ليزداد الإقبال حدة بعد العصر حيث يغص المكان بالفضوليين ممن يسعون لمعرفة كل كبيرة وصغيرة سواء عن الاعتداءات الجبانة التي تعرض لها رفقاء صايفي أولمعرفة كل ما يرتبط بالسودان، فلا نسمع من أرجاء "السيبر" إلا كلمة "سودان" أو"الخرطوم" أوملعب المريخ أوحتى شهادات الذين عايشوا حادثة الاعتداء..وهو نفس ما ذهب إليه فاروق عندما أكد لنا ان هوس المناصرين بالفريق الوطني تعدى كل التصورات فلم يعد يقتصر على حمل الرايات والتجول في الشوارع هاتفين بحياة اللاعبين وإنما كذلك الذهاب أبعد بكثير حينما يتعلق الأمر ب"شرف" الجزائر الذي اعتبروه قد أهين ببلد من المفروض انه شقيق، وأشار المتحدث الى ان تدفق المناصرين على وكالات السياحة للحجز واللحاق برفقاء زياني بالسودان لمؤازرتهم يعتبر أقل شيء يمكن فعله، أما عن توافد الشباب على "السيبر كافي" فاعتبره المتحدث أقل شيء يمكن فعله للوقوف على حقيقة ما جرى. ويعتبر المتحدث وهو مهندس في الإعلام الآلي ان التكنولوجيا الحديثة تساهم بشكل كبير في نقل المعلومات خاصة تقنية "اليوتوب" التي تسرب خلالها حقائق ومشاهد لا يمكن السيطرة عليها فبكبسة زر تنتشر المعلومة كلمح البصر، وهو ما يجري حاليا، حيث ان هناك من الشباب الذي لا يتقن جيدا استعمال التقنيات الجديدة من يستعين به لبعث رسائل وصور لمعارفهم ومن بين ما يتداول حاليا عن مقابلة 18 نوفمبر الفاصلة هناك مقاطع تتحدث عن السودان في ترويج إشهاري حقيقي جعل من هذا البلد الذي كنا نجهله من قبل قبلة لنا ولكل الجزائريين. وليس فقط بمقاهي الانترنت فالحديث عن السودان والخرطوم وملعب أم درمان طال المواصلات والمقاهي الشعبية..وكل الشارع الجزائري الذي نتمنى ان يعيش مع فرحة التأهل بعد المباراة الفاصلة وقلوبنا كلها معلقة معهم..هنالك فقط يمكننا ان نقول للأشقاء من مصر "بص وشوف شباب الجزاير يعملو ايه".