مبعوث الشروق في استاد القاهرة الدولي قبيل بداية اللقاء الاول هكذا حمت الرعاية الإلهية مبعوث الشروق من موت محقق في القاهرة كانت بعثة الشروق اليومي إلى مصر آخر بعثة صحفية جزائرية تغادر القاهرة على الرغم من الخطورة البالغة التي كان يشكلها بقاء الشروق هناك في ظل حملة مسعورة تنافت مع كل التقاليد الإعلامية واستهدفت الشروق بشكل خاص لأنها وقفت بقوة في وجه فضائيات الفتنة المصرية التي امتهنت التمثيل الإعلامي وابتعدت كل البعد عن الحقائق التي حاولت تشويهها بكل ما أوتيت من قوة، غير أن حظها السيء كان في وجود جريدة الشروق وموقعها على شبكة الأنترنيت اللذان كشفا عورات هذه الفضائيات أمام الرأي العام العربي العالمي. * قبل المقابلة الفاصلة في السودان لم يكن الوضع أكثر خطورة لأن حلم المونديال لم ينته بعد بالنسبة للمصريين، وعلى الرغم من ذلك فإننا كنا نتجوّل بحذر شديد في الشوارع الرئيسية للعاصمة المصرية، ولم نكن نكشف عن هويتنا حتى ولو عرفوا أننا جزائريين خاصة بعد أن قمنا بفضح أكاذيب التمثيلية الأولى للإعلام المصري الذي حوّل الجلاد إلى ضحية والضحية إلى جلاد في حادثة الإعتداء على بعثة المنتخب الجزائري لحظات بعد وصولها إلى مطار القاهرة للعب المقابلة الأولى أمام المنتخب المصري، وقد كنت أنا وصديقي محمد يعقوبي رئيس تحرير جريدة الشروق من الصحفيين القلائل الموجودين في موقعة الحدث لحظة وصول حافلة الخضر إلى مقر إقامتهم بالقاهرة وشاهدنا تفاصيل الإعتداء الجبان على البعثة، والتي نقلنا تفاصيلها للقارئ الجزائري والرأي العام العالمي وقتها دون تضخيم ولا تهوين. * * 14 نوفمبر.. اليوم الأسود * بعثة الشروق كانت حاضرة في كل صغيرة وكبيرة ونقلت مشاهد الإعتداءات العنيفة والمتكررة التي تعرض لها أنصار "الخضرا" بعد مقابلة الرابع عشر نوفمبر المشؤوم الذي حوّله المصريون إلى يوم أسود على الجزائريين رغم أنهم فازوا في المقابلة بهدفين أجلت إقصاءهم أربعة أيام أخرى، ولعل وقوف الشروق على خط النار طوال هذه الأحداث المهينة لسمعة مصر هو الذي جعل الشروق تتحوّل بقدرة قادر إلى العدو الأول لوسائل الإعلام المصرية وحتى كبار المسؤولين في الدولة المصرية الذي نغصت عليهم الشروق مخططات الفتنة التي كانوا ينفذونها.. كنا نتجوّل في الشوارع المصرية في تلك الأيام وعندما يعرفون بأنك من الجزائر فإن أول ما يسألونك عنه هو الشروق ولماذا هي تفعل بنا هكذا ولماذا كتبت ما كتبت، كل هذا كان قبل موقعة السودان الفاصلة التي تحوّلت الشروق بعدها إلى "مجرمة" يستوجب محاكمتها بتهمة الوقوف الند للند في وجه الآلة الإعلامية الدعائية المصرية التي لا تضاهيها في المنطقة سوى الآلة الدعائية للكيان الصهيوني، لكن الشروق كانت يدها أعلى وإرادتها أقوى وكسبت المعركة الإعلامية بجدارة بعدما كسب الخضر المعركة الكروية بجدارة وبعدما كسبت السلطات الجزائرية المعركة الدبلوماسية بجدارة أمام نظام مصري دخل في مرحلة من التخبط وفي حالة من الهيجان بسبب تعرض ورقة التوريث إلى الخطر الذي هددها في الصميم. * * هكذا احتفلت الشروق بالتأهل على ضفاف النيل! * وصلتنا المئات من الرسائل التي تحيي بعثة الشروق على بقائها صامدة في القاهرة رغم الظروف العدائية التي كانت سائدة بعد مباراة السودان، ومنها رسالة من أحد الصحفيين من الكويت الذي قال إنه لا يكاد يصدق أن بعثة الشروق بقت صامدة في أرض المعركة طوال تلك المدة وإلى غاية يوم السبت الذي أعقب مقابلة الأربعاء واعتبر هذا شجاعة غير معهودة من الشروق.. * ورغم نصائح الكثير من الأصدقاء الذين طلبوا منا مغادرة القاهرة مباشرة بعد لقاء 14 نوفمبر، مؤكدين لنا أن المنتخب المصري فاز في اللقاء وقامت جماهيره بالإعتداء على الجماهير الجزائرية وعلى السفارة الجزائرية وعلى الإعلاميين الجزائريين فكيف سيكون الحال لو خسروا التأهل في السودان أكيد سوف يجهزون عليكم ذبحا.. ولأن ثقتنا لم تكن سوى في الله لحمايتنا من أي سيناريو متوقع بعد خسارة منتظرة للفراعنة في أم درمان، فإن مبعوث الشروق أصر على مشاهدة اللقاء الفاصل هناك في القاهرة وفي غرفة من غرف فندق النيل المطل مباشرة على نهر النيل، وقد شاركتنا العديد من الجاليات العربية فرجة مشاهدة هذا اللقاء الذي فاز فيه الخضر بجدارة ولعبت فيه الشروق بالنار عندما احتفلت بالفوز في هذا الفندق الذي اهتز كله على وقع الهتافات الكبيرة التي كانت تدوي من الغرفة رقم 930 التي كان يقيم بها زميلنا الصحفي توفيق بوقاعدة والتي سوف تبقى شاهدة عبر التاريخ على إصرار الشروق على متابعة لقاء العمر من على خط النار في مغامرة غير مأمونة العواقب.. * وقد احتفل معنا بالفوز الكثير من الأصدقاء من السعودية ومن لبنان ومن البحرين ومن ألمانيا ومن لبنان ومن اليمن كلهم كانوا جزائريين أكثر من الجزائريين وصنعوا أجواء فرحة عربية بطعم جزائري، كما أن الكثير من عمال الفندق من المصريين أصروا على التقدم نحونا بعد سماعهم للهتافات والأهازيج المنبعثة من الغرفة وقدموا لنا التهاني، ومن بينهم أحد العمال الذي قال لنا أن الجزائريين هم أحب شعب لديه مؤكدا أنه شارك في حرب 1973 ضد إسرائيل بجانب الكثير من الجنود الجزائريين الذي لا تزال تجمعه بهم صداقات إلى اليوم.. كل هذا حدث قبل أن تبدأ الآلة الإعلامية المصرية تشتغل في دورها القذر الذي حوّل خسارة كروية إلى قضية شرف بزعم تعرض الفنانين المصريين إلى الإعتداء في السودان. * * مرحلة الحصار.. * ومع الساعات الأولى ليوم الخميس بدأ الشعب المصري يُشحن بإبر مسمومة شديدة المفعول وعالية التركيز غيّرت نظرته إلى الجزائريين وحوّلت رؤيته إلى موقعة السودان من مجرد خسارة في مقابلة كرة قدم إلى قضية شرف وقضية دولة بعد إقتناعه بالإهانة التي ادعت قنوات الفتنة أن المصريين تعرضوا لها في السودان من طرف الجماهير الجزائرية، وغيرها من المزاعم التي أثارت غضب الشارع المصري الذي بدأ يستجيب لتلك القنوات وبدأت التهديدات تتوالى ضد كل ما هو جزائري في مصر، في الوقت الذي لم يكن أحد ينتبه لوجود بعثة الشروق في القاهرة، قبل أن ينكشف أمرنا يوم الجمعة عندما أصررنا على المشاركة في ندوة نقاش عقدت في "كوفي ريش" بالقرب من ميدان طلعت حرب وسط القاهرة، حيث تم تقديمنا على أننا من جريدة الشروق الجزائرية، لتقوم بعدها صحفية مصرية بنقل هذا "الخبر المفاجئ" إلى الفضائيات المصرية التي بثت نداء عاجلا على المباشر تطالب فيه النائب العام المصري بالقبض على رئيس تحرير موقع الشروق أونلاين وتحرض الجماهير المصرية الغاضبة على التوجه إلى فندق النيل للنيل منه وقتله بدعوى أن الشروق هي سبب كل هذه الفتنة التي حصلت وأن مبعوثها في القاهرة هو الذي يقوم بإرسال كل الأخبار أو بالأحرى الحقائق التي تكشف المزاعم المصرية من قلب الحدث، واعتبر المصريون بقاء بعثة الشروق في القاهرة خلال هذه الفترة هو إهانة أخرى للمصريين الذين لم يقدروا على محاصرة مبعوث الشروق في عقر دارهم بعد ما عجزوا عن مقارعة الشروق في المعركة الإعلامية التي قادتها الشروق بجدارة وقادتها الفضائيات والصحف المصرية بقذارة. * * في مطار القاهرة .. لولا رعاية الله! * لقد تجلت رعاية الله لنا في مطار القاهرة عندما استجاب لدعواتنا ونحن نمر على نقاط التفتيش الواحدة تلو الأخرى دون أن ينتبه لنا أحد أننا من الشروق التي أصبحت محل بحث وتحري من الجميع، وقد وضعت كل الوثائق وبطاقات الزيارة التي تكشف عن هويتنا داخل الحقيبة على أمل أن الحقائب لا يتم تفتيشها في المطار حيث تعوّدنا على أن تلك الحقائب تمر فقط على أجهزة السكانير، لكن ما حدث هذه المرة كان مختلفا، فبالإضافة إلى طريقة التفتيش الحيوانية والمعاملة العنصرية التي تعرضنا لها من طرف موظفي وشرطة المطار التي كالتنا جميع أنواع السب والشتم والضرب والدوس على العلم الجزائري أمام أعيننا كل ذلك بهدف استفزازنا واستدراجنا إلى الرد لنعطي لهم ذريعة قتلنا، كل هذا لم يكفهم حيث قاموا بفتح حقائبنا وتفتيشها بدقة كما تمت سرقة بعض متعلقاتنا الشخصية ورميها في سلة المهملات كل ذلك أمام أنظارنا، ونحن صابرون على إهاناتهم التي لم تزدنا إلا عزة وافتخارا ولم تزدهم إلا ذلة واحتقارا. * * "وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون" * عندما جاء دوري في التفتيش كنت أدعو الله "وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون" وكنت أكرر هذه الآية الكريمة عشرات المرات لأنني كنت على يقين أن وثائق الشروق سوف تظهر بمجرد فتح الحقيبة لأنها كانت في مكان ظاهر وخاصة بطاقات الزيارة التي تكشف هويتي، كانت ثقتي في الله أكبر حيث لم ينتبه العون الذي كان يقلب الحقيبة والأغراض بداخلها إلى وجود تلك البطاقات التي كانت ترى من مكان بعيد وقام بنزع بعض الأشياء ورميها في سلة المهملات وأنا كنت أحمد الله على أن أغشى أبصارهم وأنجانا من مصير مجهول كان ربما في انتظارنا.. الحمد لله. * عندما وصلنا إلى مطار الجزائر ظهر يوم السبت، كان إحساس الجميع وكأنهم ولدوا من جديد وكأنهم يعيشون الأمن لأول مرة وكأنهم عائدون من حرب لا تبقي ولا تذر، وصلنا القاهرة وقلوبنا معلقة بإخواننا الجزائريين الذين لا يزالون عالقون في "مدينة الخوف" ينتظرون من ينتشلهم من جحيم متعصبين مصريين استولوا على الإعلام وعلى السياسة وعلى مقاليد الحكم في جمهورية مصر العربية التي كانت في يوم من الأيام تسمى" الشقيقة الكبرى". * * لهذا السبب بالذات يحقدون على الشروق! * ولأن الشروق وقفت في وجه مزاعمهم وكشفت كذبهم وضحكهم على الشعب المصري وكشفت خساسة فضائياتهم ونذالة بعض مذيعيهم ودناءة بعض مثقفيهم، وكشفت أن أغلبية الشعب المصري غير راض على الدور القذر الذي لعبه كل هؤلاء، فقد كان هذا السبب الظاهري الذي جعل الشروق تتحوّل إلى العدو الأول في مصر.. لكن السبب الحقيقي الذي لا يعلمه الكثيرون هو أن حملة العداء على الشروق كانت قد بدأت منذ مدة ليست بالبعيدة وبالضبط منذ أن أطاحت الشروق بعرش الصحافة المصرية وتربعت بجدارة واستحقاق على عرش الصحافة العربية عندما بلغت من السحب 800 ألف نسخة يوميا ثم مليون نسخة يوميا ثم مليونين اليوم وربما ثلاثة غدا، وهي الأرقام التي أطاحت بإمبراطورية الإعلام المصري العريقة التي ظلت تتربع على عرش الصحافة العالمية منذ أكثر من قرن من الزمن.. * هذا التحوّل التاريخي في الصحافة العربية التي نصبت الشروق ملكة عليه، أثار حفيظة الأنا المتضخم في الإعلام المصري الذي يرفض الإعتراف بهذه الحقائق، وكصورة مصغرة عن هذه الحقيقة كنا قد اتصلنا بمسؤول في جريدة الأهرام المصرية لنستطلع رأيه عن هذا الصعود التاريخي لجريدة الشروق وكم كانت مفاجأتنا كبيرة عندما كان جوابه :"أنا لا أعرف جريدة الشروق الجزائرية أنا لم أسمع بها في حياتي"(!!!).. بدون تعليق. *