كان يا ما كان.. كان إعلام كذاب و"بعيط" ولا يأخذ حقه ويهضم وحقوق إخوته إلا بكثرة "العياط" والعويل، يضرب إخوته "الصغار" لأنه "كبير" و"يعيط" مثله مثل أشعب عندما أراد أن يتخلص من فتية أرادوا أن يستفزوه فقال لهم "في دار فلان وليمة"، فلما سمع الفتية بذلك انطلقوا جميعا إلى الدار التي أشار لصاحبها أشعب، وعندما رأى أشعب انطلاق الفتية إلى تلك الدار انطلق هو الآخر معتقدا أن ما قاله حقيقة وانما سقط ضحية في فخ اكذوبته، وهكذا وقع الإعلام المصري الذي كان يشعل نار الفتنة ويبكي بكاء التماسيح. نحن في الجزائر، في المغرب العربي، لنا شعوب تعتمد الجد اكثر ما تعتمد السخرية وتعيش تضحك على نفسها بالنكتة التي تعري مكرها ودهاءها مثل التمساح الذي يبكي على فريسته. بعض الإعلام المصري "الأشعب" الذي اجتمع فيه الطمع والافتراء واللسان الطويل الذي يلهث على الفضائيات، عساه أن يصدق السراب الذي حاول أن يمسك، وهيهات هيهات، يستحيل القنص إذا كان الوهم الطريدة. الإعلام الناري الذي يأتي بأخبار الأكاذيب ويحاول أن يسكبها في قالب حقيقي، مثل أولئك الذين يريدون تزوير العملات الصعبة ويلقون بها في السوق لغش وسرقة أموال الجماهير، "الإعلام" حاول أن يجعل من دماء الفريق الجزائري وانصاره التي سالت في القاهرة، مجرد دور تميثيلي وأصباغ لا أساس لها من الصحة، هذا الإعلام نسي أنه حفر حفرة ووقع فيها ومن يزرع الشوك يجني الجراح. خرج الفريق الجزائري مجروحا لا من انهزامه في المباراة الرياضية التي احتضنها "معلب ناصر"، وإنما لذلك الشحن والغرور الذي نفخ به بعض الإعلام المصري جماهيره الشعبية وترك أنصار الفريق الجزائري وبعثته الدبلوماسية مثل اليتامى في مأدبة اللئام، لكن نسي هذا الإعلام ونسيت هذه العجرفة التي تصف نفسها بالطيبة والعروبة والإسلام، أن المباراة لم تنته وأن الشوط الثاني سيلعب في السودان الذي اختاره الإخوة المصريون ونفخ الإعلام المصري نفخة الغدر والفتنة لإشعالها مجددا، بأن مصر يربطها بالسودان النيل، وأن نصف مليون مصري في السودان، ونسي هذا الإعلام الذي لا يقرأ التاريخ ولا يحسنه مثل ذلك "اللاعب بالإعلام" في قناة عربية، الذي قال أنه يعرف تاريخ الجزائر ومنذ دخول فرنسا الى الجزائر 1832 وأن حضارته لا ينبغي أن تمس وأن مصر كبيرة، ونحن بدورنا نقول إن الجزائر كتاريخ لا تبتدئ من (1830) وليس "1832" وإنما من ملايين السنين، وأن حضارة الطاسيلي أقدم من ستة آلاف سنة، أما كون مصر تعرضت للعدوان الثلاثي من أجل الجزائر فهذا غير صحيح لأنها تعرضت للعدوان من أجل تأميم قناة سويس 1956 الذي مس باقتصاد الامبراطوريات الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا ومصالحها الإسترايتيجة، وإن كانت الثورة الجزائرية من بين التبريرات التي حاولت السلطات الفرنسية أن تبرر من خلالها عدوانها على مصر. الشعب المصري شقيق ويربطنا به الدين والدم والتاريخ المشترك منذ مئات السنين، بل آلاف السنين، لأن مصر والجزائر من شعوب شمال افريقيا التي يحاول "الإعلام" المصري غرورا وتكبرا منه وترفعا، أن لا يضع نفسه فيها ويجعل حضارته تمتد فقط على امتداد النيل، رغم أن هذه الحضارة ان نبعت من الجنوب، فإنها تصب في البحر الابيض المتوسط الذي تربط الضفة الجنوبية شعوبه برباط الأخوة والماء والتراب. شعوب الشمال الإفريقي التي كثيرا ما وصفها "الإعلام المصري" بالبربرية والهمجية والعنف، ليس على قنواته اللقيطة وإنما على قنواته الرسمية، مثل ذلك الصحفي من جريدة الاهرام الذي استضافته قناة مصرية رسمية، ليصب المزيد من النار وروح الحقد والكراهية بين الشعبين من أجل حاجة في نفس يعقوب أجهضها المدرب الفحل، الذي قال إن فريقي فريق جهادي في كرة القدم. الفريق الجزائري لم يهزم الفريق المصري لأنه يعلم أن الفريق المصري انتصر في انتصار الجزائر ولم ينهزم، وإنما الفريق الجزائري هزم الفتنة وروح الغرور التي ظل ينفخ فيها »الإعلام اللاعب« بمشاعر المصريين والجزائريين معا، هزم التماسيح التي أقامت مناحة على مصر وشنت حربا لم تراع فيها مشاعر الأخوة، بل ذهب بها الغرور أن تصف الدماء الجزائرية وعلى لسان شخصية رسمية وهو رئيس الاتحادية المصرية لكرة القدم في الخرطوم الشقيق، حادثة الحافلة والدماء الجزائرية، بأنها دماء خراف وقطط. الهزيمة ليست هزيمة فريق كرة قدم وإنما هزيمة ب »بكوات وبهوات« هزيمة استهتار واحجام يحاول البعض أن يصورها تصويرا عملاقا. وما هي الا بالونات إعلامية فجرها عنتر يحيى بمجرد ركلة فظهرت على وجهها الفاضح الذي ليس هو التبان الرياضي وانما هو المؤامرة السياسية التي تحاك في ليل. "الإعلام المصري الضليل العليل" الذي كان يتغنى دقائق قبل المباراة وعلى أرض السودان الشقيق، بأن هذا البلد الجميل والشعب الطيب قام بكل ما تمليه عليه عروبته واسلامه وجواره لمصر، بحسن الضيافة واستقبال المصريين وجمهورهم، وان الجمهور السوداني مع مصر وأن نصف مليون مصري بالسودان، أصبح هذا البلد وهذا الشعب بين دقيقة وثانية شعبا متواطئا وأمنا انفلتت منه الأمور وأن الجزائريين احتلوا الخرطوم، هكذا كان يصيح ديك قناة »نيل سبور« في وجه الإخوة السودانيين »أين وزير الداخلية؟«، »أين قوات الأمن السودانية، هل القيتم القبض على الجزائريين الإرهابيين الذين رشقوا حافلة الفنانين المصريين بالحجارة؟«، كما أصبح هذا »اللاعب الإعلامي« وزيرا للحرب وللقوات المصرية وأصبح يتحدث على المباشر باسم جهات رسمية، أن القوات المصرية تتحرك من أجل دحر الاحتلال الجزائري للسودان الشقيق وإجلاء الأنصار المصريين، يا له من إعلام، ويالها من روح رياضية طالما تشدق لها هذا الإعلام الذي يحاول أن يشغل الشعب المصري عن مشاكله ويحقنه بحقنة مخدرة لكرة القدم لا يستيقظ منها إلا بعد عقد كامل، لكن الهزيمة الرياضية عقدت »الإعلام المصري« ومن وراء هذا الإعلام المصري من بيادق الفتنة وزرع الكراهية، على ان يتقبل الهزيمة بروح رياضية وأن يبارك للشعب الجزائري ومن ورائه الشعوب العربية ويحتفل معه في هذا التتويج، لأنه الفريق الذي لا يمثل فقط ضفة جنوب المتوسط، بل يمثل العرب من المحيط الى الخليج. هذا الإعلام وفي قناة محايدة استضافت أسطورة الكرة الجزائرية اللاعب مصطفى ماجر وأحد الاشقاء المصريين للتعليق على المباراة ووأد نار الفتنة، وبعد ان اخذت هذه القناة قصب السبق في إجراء حوار مع الشيخ رابح سعدان وسألته عن هذه المقابلة التي دارت بين فريقين شقيقين، سألت ضيفها المصري، إلا أنه قال كنت أوشك على الانسحاب لأن الأنصار المصريين يقتلون ويذبحون من طرف الأنصار الجزائريين، والمصادر التي اعتمد عليها هذا الإطفائي لنار الفتنة وعلى قناة محايدة، آتية من مصر دون أن يتحقق من مصدر خبره، وكأن القضية أصبحت حربا، ورغم محاولة منشط تلك الجلسة الجميلة والأخوية تهدئة هذا اللاعب وبث ما جاءت به الأخبار والوكالات الانباء الرسمية، أنه ليس هناك دماء ولا هم يحزنون، لم يكتف »الإعلام المصري« بإعادة إشعال النار، خصوصا قناة »نيل سبور«، بل قال أسحب مباركتي للفريق الجزائري، ونحن نقول بصريح العبارة ان مباركتك لاتشرفنا لأن الفريق الجزائري وراءه 35 مليون ومن ورائه الأمة العربية والإسلامية، تباركه ولترقص "الخضراء" لأنها قادرة أن ترقص ألف سنة فرحا.