من المؤكد أن فنون وأصناف الطعام من الأمور التي تشغل بال الصائمين في هذا الشهر الكريم، الذي يوشك على الرحيل في هذه السنة. ويظهر هذا الحديث في الجلسات الخاصة، كما أن كتب الطبخ من أكثر المؤلفات توزيعا، ولا يخلو الطعام من إبداع الشعراء والأدباء. لا يسمح هذا الحيز باستعراض المواقف الفكاهية التي تتناول فنون وألوان الطعام، ولكن من المفيد تقديم المواقف التالية: 1 »ما أطيب الطعام لولا الزحام« وردت هذه العبارة على لسان أحد البخلاء الذي كان جالسا على قدر هو وامرأته فقال: ما أطيب هذا الطعام لولا الزحام، فقالت زوجته باستغراب: أي زحام؟ فليس حول القدر غيرك وغيري، فقال: أحب أن أكون لوحدي مع القدر. 2 دعا أحدهم أشعب إلى وليمة يسيل لها اللعاب، فقال أشعب لصاحب الدعوة: أخاف أن يأتي ثقيل يفسد علينا الطعام، فقال الرجل: ليس معنا أحد، وهنا ظهر الفرح والسرور على وجه أشعب. ومع بداية الأكل طرق الباب فتغيرت ملامح أشعب من الفرح إلى الحزن، فقال الرجل: إنّه صديقي وفيه عشر خصال، إن كرهت واحدة منها منعته من الدخول. الأولى أن صديقي هذا لا يأكل ولا يشرب، وهنا عاد الفرح والسرور إلى أشعب وقال: لا داعي لذكر الخصال التسعة الباقية، أدخل هذا الرجل بسرعة. 3 توقف الحجاج في رحلة بين مكة والمدينة وطلب الطعام، وقال لأحد رجاله: إذهب وابحث عن شخص يأكل معي، فذهب الرجل إلى الجبل فإذا هو براع نائم فأيقظه، وقال له: إنّ الأمير يدعوك للغذاء معه، فلما مثل الأعرابي بين يدي الحجاج قال: أغسل يديك وتغد معي، فقال الأعرابي: دعاني من هو خير منك فأجبته، فقال الحجاج: ومن هو الذي دعاك؟ فقال الأعرابي: دعاني الرؤوف الأعلى إلى الصيام فصمت، فقال الحجاج: إفطر وصم غدا، فقال الأعرابي: إن ضمنت لي البقاء إلى الغد أفعل، فقال الحجاج: ليس ذلك عليّ، فقال الأعرابي: كيف تسألني عاجلا بآجل لا تقدر عليه. 4 التقى شاعران أمام طبق طعام فوقه قطعة لحم، فأخذ أحدهما ينبش تحتها حتى وقعت أمامه فأكلها، وقال: عرف الخير أهله، فتقدم وردّ عليه رفيقه على نفس الوزن: كثر النبش تحته فتهدم. 5 قال بعض الحكماء حول كثرة الطعام: من كثر أكله كثر شربه، ومن كثر شربه كثر نومه، ومن كثر نومه كثرت تخمته، ومن كثرت تخمته قسا قلبه، ومن قسا قلبه غرق في الأثام. وقال أحد المبدعين في هذا الموضوع شعرا: يميت الطعام القلب إذا ازداد كثرة كزرع بالماء زاد سقيه. وقال لقمان الحكيم لابنه: يا بني إذا ملئت المعدة نامت الفكرة وخسرت الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العباد ------------------------------------------------------------------------