دخولهما عالم الإبداع كان بمحض الصدفة، لم يكونا على علم أن بداخلهما موهبة فريدة من نوعها سرعان ما انفجرت باختراع مادة لم يسبق لها مثيل في عالم الحرف، تبدوا للوهلة الأولى أنها فخار، ولكنها تختلف عنه كثيرا وتسمى بمادة "الريزين" الناتجة عن مزج أربع مواد كيميائية، ومن خلال هذا الاختراع عرف عالم الصناعة التقليدية ميلاد حرفة جديدة ولدت على يد كل من السيدة زهرة بغدادي وزوجها رفيق بغدادي اللذين قالا إن غرفة الصناعة التقليدية وجدت صعوبة في تصنيفها، فاتفق على تسميتها بحرفة صناعة التحف الفنية للتزين الداخلي والخارجي وهي الأولى من نوعها في الجزائر.وحول هذه الحرفة أجرت لكم "المساء" هذا الحوار مع الزوجين اللذين حظيا بتكريم من غرفة الصناعات التقليدية مؤخرا بمناسبة اليوم الوطني للصناعة التقليدية - كيف كان للصدفة دورها في تفجير موهبتكما؟ أنا وزوجي من محبي التحف التي تباع، حيث كنا نحضر المعارض المختلفة التي تقوم في برج الكيفان وغيرها من المعارض، وحدث ذات يوم أن زرنا معرضا، وأعجبنا بسفينة للقراصنة كانت تباع فاشتريناه، إلا أن جارنا أعجب بها فأهداه زوجي إياها، وهو ما أغضبني لأن التحفة كانت غاية في الدقة والإتقان، ولإرضائي قام زوجي بشراء بعض المواد وقام بصناعة سفينة قراصنة أجمل من تلك التي اشتريناها، ومنذ تلك اللحظة بدأت وزوجي في شراء بعض الأغراض ومزجها ببعض المواد، ثم نقوم بصنع تحف صغيرة الحجم إلى أن حدث ومزجنا أربع مواد كيميائية سريعة الجفاف التي أعطتنا مادة لاريزين التي تعد سر حرفتنا، والتي كانت وراء ميلاد حرفة جديدة. - هل حاولتما تعريف الجمهور بحرفتكما الجديدة؟ الطريقة الوحيدة التي اعتمدناها لتعريف الجمهور بحرفتنا الجديدة هي المعارض، حيث كان أول معرض شاركنا فيه بفندق السفير، وكان الإقبال على تحفنا كبيرا ورغبة الجمهور في التعرف على هذه الحرفة كانت أكبر، وكنا نلمس في المتفرجين على تحفنا علامات الاستفهام كونهم كانوا يعتقدون أن التحف أجنبية وليست من إبداع جزائريين، وعلى العموم بلغ عدد المعارض التي قمنا بها أربعة كان آخرها بدار الحرف التقليدية بوادي قريش. - كيف تقومان بإعداد تحفكما؟ المشاركة هي شعارنا، حيث نبدأ أولا بتبادل الأفكار حول التحفة التي نقوم بإعدادها، وبعد أن نتفق على شيء ما نجسد هذه الأفكار على الورق حيث نرسم الشكل المراد إنجازه، بعدها تأتي عملية الإعداد، حيث نقوم بإعداد الريزين وهي أساس حرفتنا، إلى جانب الاعتماد على الخشب والبلاستيك، وبعد إعداد التحفة نختار الألوان التي تناسبها وتعطيها جمالية أكبر. - من أين تستلهمان أفكاركما؟ نستلهم أفكارنا من الطبيعة، فمثلا نقوم بإعداد خشب الخيزران لتزيين البيوت، فإذا نظرت إليها تبدوا وكأنها حقيقية، كما نعتمد عند إعداد تحفنا على الحضارة الرومانية، حيث أبدعنا في صنع الأعمدة المجوفة التي نزينها بالأضواء والأزهار وعموما نحاول البحث في التراث القديم الذي من خلاله نترجم أفكارنا، ولعل أهم ما يميز تحفنا هي الخفة، كما أنه في حال سقطت لا تنكسر بل تتشقق ويمكن إصلاح التشقق بسهولة، وبالتالي نضمن سلامتها. - ماهي المشاكل التي تعانون منها كحرفيين مبدعين؟ نمارس هذه الحرفة منذ ثماني سنوات لا نعاني مطلقا من مشاكل تخص المادة الأولية، فهي متوفرة بالسوق، ونحن الآن نحاول طلب براءة الاختراع على مادتنا المخترعة التي ليس لديها أي آثار جانبية على اليدين، إلا أن المشكل الوحيد الذي نعاني منه هو غياب الدعم المادي، فهذه الحرفة جديدة وحتى تنتعش لابد من وجود يد تمد العون لها، إلى جانب المساحة، فهذه الحرفة تتطلب ورشة واسعة، خاصة وأن تحفنا التي نعدها كبيرة الحجم، كالأعمدة والأواني الموجهة بالدرجة الأولى للجانب التزيني سواء للفنادق أو البيوت أو المسارح. - ما الذي يتمناه الزوجان المبدعان؟ جمعنا الله في عش الزوجية وأكمل علينا نعمته بأن جمعنا في موهبة واحدة، فجعلتنا نخترع حرفة جديدة احتارت حتى الغرفة الصناعية التقليدية في كيفية تصنيفها، نحس بسعادة كبيرة ونحن نتشارك في إعداد التحف، رغبتنا كبيرة في دعم السلطات المعنية لنا بالقليل من المال حتى نتمكن من إعطاء هذه الحرفة حقها.