بعد الهجمة الشرسة التي شنها رئيس مجلس الشعب المصري من شاشة إحدى الفضائيات ضد الجزائر، غداة مباراة الخرطوم التي فازت بها الجزائر على حساب منتخب الفراعنة، ها هو وزير الاعلام المصري انس الفقي، يركب الموجة ويقول ان ما تعرضت له البعثة المصرية في الخرطوم إرهاب منظم لا يجب السكوت عنه. وزير الاعلام المصري قالها صراحة ان ما حدث موجه ضد مصر، وهي خرجة لم تكن في الواقع مفاجئة لنا كجزائريين، خاصة وان مثل هذه اللهجة كانت مسبوقة وكان علاء مبارك الذي زج به في هذا اللغط كمواطن قد تحدث بكلام قبيح ضد الجزائر والجزائريين ووظف كلمات لا تصدر إلا ممن يعطى له الضوء الأخضر، ومع ذلك ترفعنا في الجزائر ولم نرد على كل هب ودب، بعد ان سمعنا أصواتا من داخل مصر تقول ان حمى الوطنية بلغت الذروة والناس يتسابقون فيما بينهم لسب الجزائر. لكن ان يدخل الحلبة وزير الإعلام ورئيس مجلس الشعب ونواب في البرلمان، فهذا يعني ان الذين يحملون حقدا دفينا للجزائر، قد وجدوا فرصتهم، وهم الذين كان من الأجدر بهم ان يكونوا أكثر تعقلا واتزانا. إن الخضوع لعاطفة الشارع والانزلاق وراء ادعاءات وأكاذيب فضائيات تجارية مصدومة ومعلبة بالزناديق وبناء الأحكام على ما روجت له، يعد في نظرنا سابقة خطيرة وهزيمة أخرى لكل الذين أقصتهم نتيجة مباراة كرة القدم بين فريقين الفائز فيها عربي بالدرجة الأولى، وحولتهم الى منهزم سيء لا يقبل بتفوق الغير، فيجند الابواق ويحرك الدواليب الرسمية وغير الرسمية لوصف الهزيمة بالارهاب المنظم ضد مصر. والسؤال المطروح أين كان وزير الاتصال عندما كانت رموز الجزائر تسب وتشتم في الفضائيات المصرية؟ وأين كان عندما كان المنتخب الوطني الجزائري يضرب على قارعة الطريق وهو الذي يدرك بأن البعثة الجزائرية كانت تضم وزيرا وسفيرا وكانت ترفع علما وطنيا؟ وأين كان عندما كانت جماهير الجزائر تضرب بوحشية بعد مباراة القاهرة ؟ أليس ما تعرضوا له هو اعتداء له ما يقابله من عقوبات في تاريخ وقوانين العلاقات الدولية ؟ انها أسئلة تستحق الطرح وعلى انس الفقي ان يأخذ بها ويرد عليها بحنكة رجل دولة يملك ثقافة رجل دولة، لا ان يبني خرجاته على كلام جرائد وسقطات فضائيات هي اليوم تتصارع فيما بينها لكنها بطريقة أوبأخرى زجت بالمصريين في أزمة مفتعلة، بعد ان صورتهم بأنهم ظلموا وطعنوا في شرفهم ولابد من رد الاعتبار لهم. ان الحديث عن الارهاب المنظم في مثل هذه الأزمة المفتعلة بين مصر والجزائر هو هراء مردود على أصحابه يراد به امتصاص غضب شارع كان يعيش على سيروم الكرة، وكان كل الذين وظفوا المنتخب المصري في لعبتهم السياسية يبحثون عن "طعمة" أخرى يمتصون بها هذا الغضب فلم يجدوا سوى مباراة الخرطوم ورصاصة عنتر يحيى التي كانت أشبه برصاصة رحمة أصابت أبناء الكبار والوزراء النواب والفنانين والمتطفلين ورجل الشارع البسيط، لكن لكل هؤلاء نقول ان ما يدور من لغط لن يصرفنا عن حياتنا العادية، باستثناء الخدش والسب والانتماء، لأننا شعب التحديات وسنبقى.