"تعرفنا أكثر على المرض، ونحن نحاول أن نساعد الآخرين لتفادي الإصابة به، فالسيدا داء صعب جدا، وينتشر بسرعة في أوساط الشباب وفي الجامعة، هناك البعض يجهلون مخاطره"، هذا ما جاء على لسان بعض الطلبة، الذين يقومون بالعمل التحسيسي في الجامعات التي يدرسون بها للحد من انتشار السيدا، من أجل مكافحته والقضاء عليه بعدما تحصلوا على تكوين خاص خلال الأشهر الماضية، أشرفت عليه جمعية "ايدز الجزائر" لمكافحة السيدا، ليتوجهوا بعد ذلك إلى الميدان، ويكونوا الطرف الفعال الذي يقدم النصح لبقية الطلبة من زملائهم في الجامعة أو آخرين، وتمرير الرسالة حول ضرورة الوقاية من هذا المرض، الذي ينتقل في أغلب الأحيان بسبب أخطاء تكون صغيرة في بعض الأحيان لكن عواقبها وخيمة. "نبيل بحري"، "عبد السلام أفتيس"، "إسلام قاصر"، "رفيق فرحاح"، "بشير خريفي"، "سالم مناصرية"، "محند أمزيان بوريش"، "سمير بوراس" و"آنيا آيت شعلال"، طلبة جعلوا من العمل التطوعي والتوعوي قضيتهم الأولى، حيث استجابوا لنداء الجمعية من أجل الحصول على التكوين فتلقوا كل المعلومات المتعلقة بالسيدا، وكيفية الوقاية منها وأساليب العلاج أيضا. عن العمل الذي يقومون به في الميدان ومدى تقبل الطلبة التحدث بدون طابوهات عن الموضوع، وعن الصعوبات التي يتلقاها هؤلاء الطلبة في الميدان وكيفية مجابهتهم لها، وعن أساليب الإقناع التي ينتهجونها في عملهم التحسيسي اليومي، تحدثنا إليهم، حيث التقيناهم بالجامعة وهم يؤدون دورهم في محيطهم الدراسي.
بين التقبل والرفض يقول محند أمزيان، طالب بجامعة باب الزوار: "أظن أن الاتصال في الجامعة مع الطلبة يعد أحسن وسيلة للحد من انتشار السيدا في الجزائر، لأن الطلبة بإمكانهم أن يكونوا قناة جيدة لإيصال الرسالة"، وقد شرع هؤلاء في العمل التحسيسي منذ أن أنهوا تكوينهم، ويصفون عملهم بالإيجابي أحيانا وبالسلبي أحيانا أخرى، سلبية تظهر في بعض المشاكل التي يعاني منها هؤلاء مع زملائهم عندما يحاولون إيصال الرسالة، يقول عبد السلام أفتيس وإسلام قاصد من جامعة باب الزوار "لقد وجدنا تقبلا من طرف بعض الطلبة، الذين استمعوا إلينا بآذان صاغية والذين أبدوا استعدادهم حتى لمساعدتنا، كون معظمهم يعرفون المرض يتحدثون عنه دون طابوهات، إلا أن البعض منهم يبقون منطويين على أنفسهم ولا يريدون الخوض في الموضوع، معتبرين أنهم غير معنيين بالأمر، وبالتالي ليس من الضروري الحديث عن السيدا، لأن ذلك من المحرمات" بل إن البعض من طلبة الجامعة، "المتعصبين" يرون أن من أصيب بالسيدا يستحق ذلك ولا يحتاج إلى الرأفة، وهذا جزاء لما فعل وما اقترف من ذنوب، مثلما يشير إليه رفيق فرحاح، طالب في طب الأسنان "هناك زملاء أطباء سواء في اختصاص طب الأسنان أو الطب العام، يقولون إن من أصيب بالسيدا يستحق ذلك لأنه اقترف ذنبا، وبالتالي عليه أن يدفع الثمن، وهذا أمر خاطئ وأنا أحاول دائما أن أصححه لهم لأنهم هم أيضا ليسوا بمنأى عن الإصابة بالمرض، فيمكن لخطأ صغير أن يسبب لهم انتقال العدوى"، ومثل ردود الأفعال هذه تصعب عمل هذه المجموعة من الطلبة الذين يقومون بالعمل التوعوي.
عملنا يومي وليس فقط في المناسبات
الطالبة آنيا آيت شعلال من الجامعة المركزية، تعد الوحيدة في هذه الجامعة التي تقوم بالعمل التحسيسي مع الطلبة الآخرين من أجل الحد من انتشار فيروس السيدا، وهي الأخرى تؤكد المعاناة التي تعترض طريقها في الميدان، خاصة وأنها امرأة ونظرة الآخرين لها لا تكون دائما إيجابية، حتى وإن تعلق الأمر بالطلبة، فهي تقول "صراحة يرونني وأنني أروج لارتكاب الرذيلة، فالكثير منهم عندما أقترب منهم لكي أوجه لهم بعض النصائح، يأخذون الأمر من جانبه السلبي وصراحة توجه إلي في كل مرة أصابع الاتهام في هذا الشأن، لكن أواصل عملي دون ملل وبإرادة كبيرة، لأن مهمتنا نبيلة وهدفنا هو القضاء على هذا المرض في الوسط الطلابي وفي المجتمع ككل". ويكون عمل هؤلاء الطلبة على مدار السنة، حيث لا ينتظرون فقط المناسبات والاحتفالات بالأيام الخاصة بمكافحة السيدا في العالم وفي الجزائر، مثلما يؤكد عليه بشير خريفي وسالم مناصرية من جامعة باب الزوار، اللذان يقولان "عملنا الميداني يكون يوميا وليس فقط خلال المناسبات الاحتفالية لمكافحة السيدا، فنحن نتقرب من الطلبة يوميا من أجل تحسيسهم بمخاطر انتشار هذا الفيروس، حيث يمتد عملنا من الحرم الجامعي إلى غاية الأحياء الجامعية حيث نقوم أيضا بالعمل التوعوي فيها"، وينشط مختلف هؤلاء الطلبة من جامعة باب الزوار في الاتحاد العام للطلبة الجزائريين، ويستغلون ذلك لتمرير الرسالة في أوساط بقية الطلبة بسهولة، لاسيما أن إدارة الجامعة تساعدهم على ذلك وتقدم لهم التسهيلات الخاصة والضرورية من أجل أداء عمل في المستوى، مثلما أكد عليه هؤلاء الطلبة، ويقدم هؤلاء استمارات خاصة للطلبة يجيبون من خلالها عن بعض الأسئلة، ومنه يمكن لهم التعرف على مدى استجابة هؤلاء وكذا مدى معرفتهم لهذا الداء، يقول سمير بوراس من معهد علوم الإعلام والاتصال "الذكور فيما بينهم يتحدثون عن السيدا، لكن الإناث يكتشفن الأمر، والبعض يقولون إن المرض لا يصيبهم، وآخرون لا يريدون تلقي الرسالة لأنها بالنسبة إليهم منافية للدين وليست من تقاليدنا، لكن آخرين يطلبون القيام بالكشف الطوعي كونهم لا يعرفون ذلك، وهذا الأمر إيجابي".