تواصلت أمس، بكلية العلوم السياسية والإعلام، فعاليات الملتقى الوطني حول الاتجاهات الجديدة في العلوم السياسية في ظل عولمة حقوق الإنسان من خلال تقديم محاضرات وورشات عمل مست جوانب عدة من موضوع الملتقى. وقد احتدم النقاش في أشغال اليوم الثاني من الملتقى حول علاقة عولمة حقوق الإنسان بإعادة البناء الابستيمولوجي في العلوم السياسية، لاسيما من خلال مداخلات مثل العولمة ومستقبل العلاقات الدولية التي قدمها الأستاذ عمار بن سلطان، والتحولات الكبرى لما بعد الحرب الباردة التي قدمها الدكتور مصطفى ينون، والتحولات الجيواستراتيجية في النظام الدولي التي قدمتها الأستاذة أمينة رباحي. هناك من ذهب على غرار الأستاذ بن سلطان الى اعتبارالعولمة هي أعلى درجات الرأسمالية على اعتبار أن الأمبريالية أعلى درجات الرأسمالية وما يسمى بعولمة حقوق الانسان في الاتجاهات الجديدة للعلوم السياسية ماهي إلّا محاولة لاستعمال القوة الناعمة ضمن اتجاه الأنماط القيمية التي تحاول أخلقة العلاقات الدولية كغطاء وكأداة لتحقيق المصالح القومية والنفوذ والتعبير الجديد عن توازن القوى الدولية. وهناك اتجاه آخر أبرزه النقاش، هو ما يمكن أن نصفه بالاتجاهات الجديدة في العلوم السياسية، والذي يركز على عولمة الأسواق، تعزيز مؤسسات الدولة التي بفضلها يمكن تحقيق غاية هذه الأسواق وعن الدفاع عن حقوق المواطن والإنسان وتلبية انشغالاته، إضافة إلى الثورة القيمية (ثورة مادية وغير مادية). أما الاتجاه الثالث، فهو الذي يرى بأن التغير سمة ملازمة للنظام الدولي وسمة ملازمة في كل الأشياء، وبالتالي فإن ما برز من تغير بعد زوال نظام القطبية الثنائية والولوج إلى عالم مابعد الحرب الباردة، يعبر عن شيء وهو أن العولمة أصبحت واقعا، شاء من شاء وكره من كره، حيث برز نوع آخر من المشاكل (البيئية) وظهور مفهوم قومي جديد يعتمد على التكامل. إلى جانب ذلك يرى هذا الاتجاه، أن النظام الدولي يعرف حاليا اختلالا في التوان البنيوي، وظهور مؤسسات بنيوية جديدة (المنظمة العالمية للتجارة) وبروز حق التدخل الذي ارتبط أيضا بمحاولات عولمة حقوق الإنسان ضمن قيم الرأسمالية الجديدة، وعموما فإن هذا الاتجاه يقرر بأن كل هذه التحولات هي نتيجة التحول إلى المجتمع ما بعد الصناعي. وفي محاضرة قيمة، تناول الأستاذ بن عبد العزيز الماء وندرته في إحداث تحولات في بنية المجتمع الدولي وميزة العلاقات الدولية، وقال أن قلة هذه المادة الحيوية أو عدم حسن إدارتها وسوء توزيعها سيلقي بظلاله على مستقبل العلاقات الدولية وهي المادة التي تحدد إلى حد كبير الفقر في العالم وقد تحكم النزاعات وتحدد بعض القطاعات على مستوى الدول وكذا على مستوى النظام الدولي، وذكر في هذا المجال التمدن، الفلاحة، الصناعة، مشاكل البيئة... وقد ختم عميد الكلية الأستاذ أحمد حمدي فعاليات الملتقى بالتأكيد على أن مثل هذه اللقاءات هي لبنة أساسية في النشاط العلمي من أجل التفكير في مستقبل العلاقات الدولية وعلاقتها بعولمة حقوق الإنسان، وأشار إلى أن هذا الملتقى يعد الأول من نوعه ويعقد بالمقر الجديد لكلية العلوم السياسية والإعلام، وأشاد بعمل الورشات التي قال إنها ستطبع في منشورات للكلية وأعلن عن دورة أخرى للملتقى العام القادم.