بات اهتمام الجزائريين بالحرف اليدوية، باختلاف الفئات العمرية واضحاً وملموسا، وهو ما دعا بعض الجهات إلى إنشاء مراكز تكوين لهذه الحرف التي أصبحت محل ارتياد ملحوظ. بالمقابل، سمحت الفرصة لكثير من حرفيي الصناعات اليدوية بإيجاد سوق واسعة لترويج منتجاتهم، خاصة في موسم المعارض والسياحة، يسجل إقبالا جماهيريا كبيرا من طرف السياح على منتجات الصناعة اليدوية التي تزخر بالكثير من الأشكال الفنية المتطورة يوما بعد يوم... بعد أن أصبحت الحرفة اليدوية، تشغل حيزاً في نفوس أصحابها لخصوصيتها وارتباطها بالماضي، حرص المهتمون بهذه الصناعة من الجنسين، على ضرورة إبراز الدور الذي من الممكن أن تلعبه في دعم المدخول الشخصي من جهة، والحرص على بقائها من خلال تدريسها أو تعليمها في مراكز تكوينية خاصة، وبالتالي توريثها وحمايتها من الزوال من جهة أخرى. وأخذت بعض المراكز في تدريس الأعمال اليدوية نتيجة للاهتمام المتزايد المسجل بها، إلا أن المؤكد أن هذه الحرف تحتاج إلى حس فني وحب لتلقي أصول التصميم حتى يتم إتقان الحرفة كما ينبغي.. هكذا أكد الحرفي "لطفي بقاق" في حديثه مع "المساء" بورشته بمدرسة اليد الذهبية، وهي ذات الورشة التي يعلم فيها محبي الزخرفة على الزجاج أو الكريستال أو الفخار أو حتى الرسم على الحرير أو الرسم ببساطة، وهي الفنون التي يؤكد بشأنها المتحدث أنه تعلم إتقانها بمفرده، بحيث لم يتلق أي تكوين قاعدي فيها كونه فنانا عصاميا. ويؤكد لطفي الذي كان يحدثنا وهو منكب على إكمال رسم قطعة فنية، أن إنجاز المبتكرات الفنية من الحرف اليدوية بالنسبة للبعض، يعود إلى العديد من الأسباب، "فإما أن يتقن البعض حرفة ما كهواية تجلب إليه المتعة، أو أن يكتفي آخرون بصنع أشياء يحتاجونها في حياتهم اليومية مثل الحرفيات اللواتي يتقن حرفة الرسم على الحرير أو الطرز اليدوي من أجل إعداد جهازهن قبيل زفافهن، أو أن يجعل البعض الآخر من الحرفيين قطعهم الحرفية الفنية بمثابة المعبر عن الذات، مثلما أفعله شخصيا"، يقول الحرفي، "إذ كثيرا ما أبدأ في صنع قطعة حرفية انطلاقا من الحالة النفسية التي أكون فيها، بحيث أعبر في قطعتي عن ما ينتابني من شعور وأحاسيس لحظتها، كذلك تؤثر حالتي تلك على اختياري لنوعية القطعة التي أريد زخرفتها سواء كان زجاجا، حريرا، فخارا أو حتى كريستال، وكذلك الشأن بالنسبة للألوان التي استعملها في التلوين". وحسب ملاحظة "المساء"، فإن الحرفي الفنان يميل إلى استخدام الألوان الفاتحة المعبرة عن الأمل في الحياة، انطلاقا من حادثة سير تعرض لها وكانت السبب في بتر رجله اليمنى، إلا أن ذلك لم يكن إلا حافزا آخر أمامه للإبداع وإخراج مكنوناته، جعلته ينجح في تسويق العديد من قطعه الفنية في بعض المعارض الوطنية التي شارك فيها، مثل معارض "حواء" التي تقام سنويا بقصر الثقافة، ناهيك عن معارض جهوية يستدعى إليها الفنان الذي تكون على يده الكثيرون والكثيرات.