أكد مدير الوقاية بوزارة الصحة والسكان السيد إسماعيل مصباح ل"المساء" أن اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة ومواجهة انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير تعكف حاليا على تقييم برامجها الوقائية لاسيما تلك التي تخص المؤسسات التربوية، في الوقت الذي تشهد فيه هذه الأخيرة نقصا فادحا في وسائل الوقاية بالإضافة إلى العمل التحسيسي الجاد. وينتظر المهتمون بمجال التربية والتعليم ومعهم الأولياء عودة التلاميذ إلى أقسام الدراسة بعد أيام لمعرفة ما إذا تم استدراك هذه النقائص خاصة وأن عدد المصابين بالفيروس يتزايد يوما بعد يوم من بينهم تلاميذ بلغ عددهم إلى حد الآن 118 تلميذا مصابا. ورغم التدابير الوقائية المتخذة من طرف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بالتنسيق مع مختلف الوزارات المعنية لاسيما وزارة التربية الوطنية لمواجهة خطر انتشار الإصابة بفيروس "ا/اش1ان1" في الوسط المدرسي والتربوي إلا أن معظم المؤسسات التربوية لا تزال تفتقد لأبسط وسائل الوقاية كالصابون والأقنعة وغيرها. وهو البرنامج الذي تعكف حاليا الجهات المعنية على تقييمه بعد أشهر من ضبطه والذي يأمل المتتبعون في أن يسفر عن نتائج تصب في سياق التكفل بالنقاط السوداء المسجلة في الميدان والمتمثلة في غياب الوسائل الوقائية على أكثر من مستوى. وقد سجلت "المساء" خلال زيارة قامت بها إلى بعض المؤسسات التربوية تباينا كبيرا بين هذه الأخيرة بالعاصمة حيث يفتقد العديد منها إلى أدنى شروط النظافة من ماء وصابون وهو حال مدرسة ابتدائية ببلدية بوروبة التي لا يشعر المرء بها أن هناك فيروسا اسمه فيروس "ا/اش1ان1" يجب الوقاية منه وأنه أصاب العديد من الأشخاص وقتل آخرين، فإذا كان الماء متوفرا بهذه المدرسة فإن المراحيض في حالة يرثى لها، حتى أن العديد من الأمهات منعن أبناءهن وبناتهن من استعمالها مهما حصل مع إجبارهم على الصبر إلى غاية العودة إلى البيت وهذا خوفا على صحة أبنائهم. ولم نتردد في استفسار بعض المدرّسين الذين أكدوا لنا أن لا مجال للحديث في مدرستهم عن الصابون السائل والأقنعة وغيرها لأن حتى دورات المياه نفسها غير صالحة للاستعمال بسبب الغياب الكلي للنظافة وتدهور كل ما بها من تجهيزات كالحنفيات والأحواض وغيرها. وحسب إحدى المدرّسات فإن الوسيلة الوقائية الوحيدة التي بحوزة التلاميذ هي المبادرة التي تقام على مستوى الأقسام لاقتناء قارورات الصابون السائل بمساهمة من التلاميذ. والحقيقة أن مثل هذه المبادرات نجدها متبعة في أغلب المؤسسات التربوية التي استفسرنا على مستواها فيما يخص التدابير المتخذة بها للوقاية من فيروس أنفلونزا الخنازير، حيث يساهم أولياء التلاميذ في توفير الصابون لحث التلاميذ على غسل اليدين قبل الدخول وبعد الخروج من الأقسام. وبثانوية الإدريسي بالعاصمة الأمور تعتبر أحسن مقارنة بكثير من المؤسسات كونها مجهزة ببعض قارورات الصابون الملصقة فوق الحنفيات في الوقت الذي اغتنمت بعض المؤسسات القيام ببعض أشغال التهيئة والطلاء وربما تجهيز دورات المياه بما يلزم من وسائل وشروط النظافة. وينتظر العديد من الأولياء أن يطرأ جديد على مدارس أبنائهم في مجال الوقاية خاصة بعد تسجيل عدد لا يستهان به من الإصابات في أوساط التلاميذ علما أنها بلغت لحد الآن 118إصابة أي بنسبة 27.67 من مجموع الإصابات المشخصة عبر 17 ولاية، 38 حالة منها بالعاصمة و18 بتيزي وزو بينما تم غلق 31 قسما خلال أسبوع.
ما جدوى التحسيس إذا غابت الوسائل الوقائية؟ وتؤكد وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات من جهتها على لسان مستشارها الإعلامي السيد سليم بلقسام على أنه لا جدوى من التحسيس بضرورة الوقاية في أوساط التلاميذ إذا لم تتوفر كل الشروط الوقائية اللازمة لاسيما الماء والصابون السائل وهي الوسائل التي من شأنها الحد من انتقال فيروس الأنفلونزا من تلميذ إلى آخر إذا دخل أي مؤسسة. علما أن وزارة الصحة بادرت بعد إنشاء خلية الأزمة بوزارة الصحة بتاريخ 25 أفريل 2009 في أول خطوة لها بتنظيم درس نموذجي للتحسيس حول خطر فيروس أنفلونزا الخنازير خلال اليوم الأول من الدخول المدرسي. كما قامت بتكوين مكونين ومؤطرين لقطاع التربية من طرف أخصائيين تابعين لقطاع الصحة في مجال عملية التحسيس والوقاية من أنفلونزا الخنازير. وبالإضافة إلى ذلك أوصت اللجنة الوزارية للمتابعة بتفعيل وحدات المتابعة والكشف للصحة المدرسية والتي يفوق عددها 1400 وحدة للسهر على متابعة التلاميذ والكشف المبكر للأعراض في أوساطهم بالإضافة إلى توفير عدد كاف من الملصقات المستعملة في التحسيس بالمرض وكيفية الوقاية منه التي سلمت لقطاع التربية. ولم يخف ممثل وزارة الصحة احتمال وجود تباين من حيث الوسائل من ولاية إلى أخرى ومن مدرسة إلى أخرى داعيا إلى ضرورة تدارك النقائص حيثما وجدت وفي أقرب الآجال الممكنة لأن رسائل التحسيس والوقاية من هذا المرض التي تحث على ضرورة غسل الأيدي بالماء والصابون السائل لا فائدة منها إذا لم توفر كل هذه الشروط والوسائل ليس فقط في المدارس ولكن كذلك على مستوى معاهد التكوين والمطاعم والمقاهي والمؤسسات وجميع المرافق العامة. ويشير بلقسام إلى أن المدارس تشكل عنصرا حساسا جدا نظرا للعدد الهائل من التلاميذ والطلبة والذي يفوق 10 ملايين تلميذ وطالب في مختلف الأطوار التربوية من الابتدائي إلى الجامعي بالإضافة إلى قطاع التكوين والتعليم المهنيين أي أقل بقليل من ثلث عدد الجزائريين الأمر الذي يجعل من هذا الوسط فضاء حساسا يستدعي تضافر الجهود للقضاء على مواطن الضعف لأن كل نقطة ضعف من شأنها توفير شروط ملائمة لانتشار الفيروس. وكان وزير التربية الوطنية السيد أبو بكر بن بوزيد قد أعلن في عدة مرات أن كل الوسائل قد رصدت لتوقير الماء والصابون السائل على الأقل في جميع المؤسسات التربوية فهل سيتحقق هذا مع عودة التلاميذ إلى أقسامهم يوم 3 جانفي المقبل؟