كشف الاعتداء الذي تعرض له مساء أول أمس الوفد الكروي الطوغولي الرسمي على الحدود الطوغولية - الانغولية، وبالذات بمقاطعة كابيندا، المتنازع عليها بين سلطات لواندا ومتمردي كابيندا، الذين يعتبرون جزيرتهم كيانا مستقلا عن دولة أنغولا، كما تطرقنا إلى ذلك في أول مراسلة من لواندا، وتحدثنا عن عدم جاهزية هذا البلد لتنظيم حدث كروي أكبر من إمكانياته التي ليست بالضرورة مادية، طالما أن أوضاع هذا البلد الأمنية هشة والوضع فيه قابل للانفجار في أي وقت وتحت أي ظرف. وقد بينت حادثة الاعتداء هذه، أن دولة أنغولا غير آمنة فعلا، لأن الصراعات القبلية تمزق أوصالها ومفاصلها، وأن بعض مناطقها ومنها كابيندا مازالت ترفع السلاح في وجه السلطات المركزية، ولا تعترف بأية سلطة على جزيرة كابيندا، غير سلطة الذين يحملون السلاح للدفاع عن الجزيرة المسلوبة الثروات في نظرهم من قبل حكام لواندا. وقد حاولت السلطات الأنغولية في البداية التقليل من الحادث، شأنها شأن اللجنة المنظمة لدورة كأس إفريقيا للأمم، التي فاجأت العالم ببيان غريب أشارت فيه إلى أن ما جرى مجرد حادث طريق ناجم عن انفجار إطار الحافلة التي كانت تقل الوفد، دون الكشف عن طبيعة الإصابات، فيما التزمت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الصمت، لتؤكد فيما بعد بأنها ستشرع بالتنسيق مع السلطات الأنغولية في إجراء تحقيق حول ظروف الحادث مستبعدة إمكانية تأجيل الدورة إلى أجل غير مسمى... لكن وأمام ضغط الوفود الكروية المشاركة في الدورة، وصفت الحكومة الأنغولية الاعتداء بالعمل الإرهابي. الحادث على خطورته أحدث هلعا كبيرا في أوساط البعثات الكروية التي حلت بأنغولا، وهو ما أدى بالسلطات الأمنية الى تشديد الأمن حول إقامات هذه الوفود وإعطاء الانطباع بأن أنغولا قادرة على توفير الأمن والأمان لضيوفها، وأن ما حدث في كابيندا مجرد محاولة للتشويش على الحدث، وهو ما لم تهضمه الوفود الرسمية التي تدرك بأن أنغولا كانت قد اخذت على عاتقها مسؤولية تنظيم الدورة للبرهنة للمجتمع الدولي على أنها تنعم بالاستقرار على مجموع التراب الأنغولي، لكنها أخطأت التقدير حين أسقطت من حساباتها الخطر الذي يمكن أن يشكله الانفصاليون في كابيندا، والذين كانوا قد أبرموا في سنة 2006 اتفاق سلام معها لكنهم سرعان ما تنصلوا منه. للإشارة، حادث الاعتداء الذي تعرض له الوفد الطوغولي أسفر عن مقتل شخص واحد للتو، وهو سائق الحافلة، وجرح تسعة أشخاص من بينهم لاعبان والبقية من الإداريين والطاقم الطبي. وتقع مقاطعة كابنيدا على الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي منطقة معروفة بثرواتها البترولية الكبيرة، التي جعلت منها محط قلاقل لا تنقطع، مما دفع ببعض الحركات إلى المطالبة بانفصالها والاستقلال عن أنغولا منذ سنة 1975. وفي لواندا العاصمة التي تحتضن اليوم حفل انطلاق الدورة ال27، فقد شددت السلطات الأمنية من إجراءاتها في الساعات الأخيرة، حيث لوحظ تواجد رجال الأمن في الأماكن الحساسة وبالقرب من الفنادق بعد أن تعالت الأصوات المنادية بضرورة توفير الأمن. وفي انتظار نتائج التحقق الذي تقوم به الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بالتنسيق مع السلطات الأمنية الأنغولية الرسمية، يبقى الحذر سيد الموقف في بلد لا ينعم على الإطلاق لا بالأمن ولا بالاستقرار، مما يجعل كل الملاحظين يطرحون فرضية فشل هذا الحدث جماهيريا، خاصة بعد أن نصحت العديد من الدول المجاورة جماهيرها بعدم المجازفة بالدخول برا الى أنغولا.