استضاف منتدى الإذاعة الثقافية بالمركز الثقافي "عيسى مسعودي" للإذاعة، صباح أول أمس، الدكتور جمال لعبيدي، لمناقشة مسألة أصبحت من أعقد المسائل، وهي المسألة اللغوية والتعريب في الجزائر، تناول من خلالها عدة طروحات، محاولا الإجابة عن بعض الأسئلة التي أصبحت من بين الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. في إجابته عن سؤال وجهه له منشط الحصة في بداية اللقاء "هل كانت الجزائر في حاجة إلى سياسة التعريب؟"، أكد الدكتور لعبيدي أننا في هذا الإطار نتكلم عن اللغة من الجانب الاجتماعي، باعتبارها ظاهرة اجتماعية واقتصادية وثقافية، مما أحدث صراعات اجتماعية وخلق إشكالية اللغة في المجتمع الجزائري. وأرجع الدكتور أسباب ذلك إلى عدة ظواهر هي طرح مفهوم التعريب في أساسه، وأنه من غير المعقول أن نعرب العربي فنحن في حاجة الى تعريب النشاطات الفرنكفونية فقط. أما عن سياسة التعريب فقد أعرب الدكتور أن كل سياسة تقيم من خلال نتائجها، والهدف الخفي يضيف لعبيدي لسياسة التعريب هو إحداث وئام بين العربية والفرنسية. نجد تدني مستوى التعليم الابتدائي منذ الستينيات، حيث نجد فيه أشياء غريبة، إذ تم إدماج اللغة العربية في البداية، لكن من حيث المنهج والأساليب تم استعمال المنهج الذي يتم استعماله في الخارج في تعليم الإنكليزية والفرنسية ومبادئهما لكن بعيدا عن النصوص الحقيقية، ومن هذا ندرك أنه تم استعمال المنهج الشمالي وليس الاعتماد على الأدباء وعلى تعلم اللغات الدقيقة، لم نتعلم نصوص المتنبي، يقول الدكتور جمال لعبيدي، وإنما تعلمنا المخاطبة بطريقة "مالك وزينة"". وأضاف الدكتور في إطار مناقشته لمسألة اللغة والتعريب في الجزائر، قائلا، أننا ننطلق من الواقع وليس من الخطاب والتطبيق غير كاف. أما فيما يخص الواقع الذي تعيشه الجزائر الآن، فقد أردف أن هيمنة اللغة الفرنسية تركت اللغة العربية والأمازيغية تعانيان من المشاكل، لأن مكانة اللغة العربية مكانة ضعيفة، مكانة نظرية وهي منعدمة في الممارسة، ولغة العمل هي اللغة الفرنسية، خصوصا الإستراتيجية منها، أما الإطارات الشابة فهي إطارات مهمشة ولا تتم مشاركتها في النقاشات، ومن الجانب النفسي هناك عقدة تمرد لأن اللغة الفرنسية تهيمن على المكان الأفضل، لأن ما نلاحظه أن اللغة هي السلطة واللغة لها وظائف تستعمل في التبادلات التجارية وتصبح حينها القاعدة الاقتصادية " حينما أتكلم اللغة الفرنسية أشترى من فرنسا"، فتحولت المصلحة هي التي تدافع عن اللغة الفرنسية، فتحول الصراع صراعا بين المصالح في المجتمع الجزائري. وفي تحليله لهذه الإشكالية اللغوية، خلص الدكتور جمال لعبيدي إلى تقسيم العمل، فأصبح العمل يتبع التقسيم اللغوي القطاعات، الاقتصادية الرائدة مثل الطاقة، الإعلام الآلي وغيرهما من القطاعات الإستراتيجية تستعمل اللغة الفرنسية، بينما الزراعة تستعمل اللغة العربية، وهذا ما يجعلنا نلاحظ خلق ظواهر نفسية مما يدعم اللغة الفرنسية لتصبح أكثر استعمالا. أما من حيث ظاهرة الانتماء، فيرى الدكتور جمال لعبيدي أن اللغة لها وظيفة اجتماعية، حيث توضع مسألة الانتماء تنتمي إلى مجموعة تستعمل لغة وتطرد من لا يستعملها، تستعمل الفرنسية في المطاعم الراقية، في الخطوط الجوية الجزائرية، ومن هذه الظواهر تنتج أشياء كثيرة مما يجعل هذه الوظيفة الاجتماعية للغة تفسر صراعات مباشرة وغير مباشرة في المجتمع الجزائري. كما تحدث مطولا عن العنصر الثقافي الذي يتحول من خلال المعاملة والممارسة إلى عنصر اجتماعي ابتداء من الطلبة، حيث يتم تدريس الاختصاصات الهامة بالفرنسية مثل الطب وهو يتم بعنف لأنه لا يوجد تحضير له لأن هناك مصطلحات معقدة جدا. كما ناقش الدكتور جمال لعبيدي قضية الإزدواجية ورآها شيئا مفيدا للعربية، لكن الازدواجية اللغوية فيها خطأ، لأنها موجودة على مستوى الفرد فقط، وهذا من غير الممكن أن يجعلنا ننطلق من ظاهرة فردية الى ظاهرة اجتماعية، وفي المجتمع لابد من لغة مشتركة. وقد اعقبت هذا التدخل والتحليل مناقشة أثرت المسألة اللغوية.